الدقيقة وتلك الألوان اللطيفة والظلال الخفيفة. ولما أن شغلت ذهنه واستغرقت لبه هذه الخيالات نحى الصورة جانبا وأحضر مكانها صورة ثرية تمثل الآلهة سايكي وكان قد رسمها من قبل رسما تحضيريا أوليا. وكانت صورة وجه مليح حسن التلوين ذي ملامح منتظمة دقيقة ولكنها باردة لم تستضيء بنور الحياة. فشرع الفتى يكسو ذلك الوجه بهجة الحياة ويبعث في صفحتيه شعاع رونقها بإعارته إياه ما كان يموج في ذهنه من أشباح تلك البدائع والمحاسن والروائع والمحاسن والملاحات التي كانت أخذتها عينه من وجه الفتاة الارسطوقراطية وجمعتها ألحاظه من حديقة جمالها الناضر. وخميلة حسنها الزاهر. فلم يبقى من تلك الملامح والمخايل والمعاني والشمايل والألوان والظلال إلا ما أخذ يظهر في تلك الصورة الجديدة (صورة سايكي الأثرية) في أبهى منظر وأجمل مظهر.
كذلك دبت الروح في (سايكي) فبدأت تحيى. وأخذت أفكار المصور تتقمص صورة ظاهرة. وانتقل وجه الفتاة الأرسطوقراطية إلى (سايكي) وبقي في الصورة مع ذلك الآلهة مما جعل للصورة معنى فذا وفتنة خاصة. وانهمك شارتكوف في عمله ولبث أياما عدة مستغرق الجهد في إتقانه فلما عادت السيدتان إليه فاجأتاه عاكفاً عليه منهمكا فيه فلم يتمكن من إزاحة الصورة وإخفائها. ولما أبصرتا الصورة هللتا وكبرتا وصاحتا دهشة وعجبا. وصفقتا بأيديهن إعجابا وطربا.
وقالت الأم (ليزة انظري! ما أقرب الشبه! يا للروعة ويا للجلال! لقد والله أحسنت إذ أبزتها في حالة يونانية! هذا والله غاية الإحسان والإبداع!) فحار المصور في أمره ولم يدر كيف يصحح خطأ السيدتين ويزيل غرورهما فقال وهومطرق الرأس خجلا (هذه يا سيدتي ليست صورة ابنتك بل صورة (سايكي) فقالت السيدة وقد فتنتها الصورة ابنتي قي هيئة (سايكي) حسن بديع والله آية في الإجادة والإتقان!)
ثم تهلل وجهها وأشرق وجه الفتاة أيضاً وأشرق
واسترسلت الأم قائلة (لا تنكري يا ليزة أن هيئة (سايكي) أحب الهيئات إليك أن ترسمي فيها وحلية (سايكي) أحب الحليات إليك أن تظهر صورتك يها ما أصوب هذا الرأي وما أصح هذه الفكرة! ثم ما أبدع الرسم وما أروعه! ولكإنه والله من ريشة (كوريجيو) ذاته. وما شأنه عندي أنه ليس من صنعة (تيتان) أو (فانديك) فأنا وإن كنت قرأت عنك في