أنبأتك بالسر وبسطت لك الباعث.
فأجاب الفتى اسمع إلي يا أبتا - لنتكلم بصراحة تامة ولندع طريقة المعاجم في البحث ونترك جانباً شأن العلماء في المحاجة والجدل. إنني متألم متبر مملول. هذا كل شيء.
فأجاب الملك - إذا كنت يا بني تتألم من اسلوبي الفلسفي في الحديث. وطرقيتي المدرسية في المناقشة فلنتحدث بلا تكليف ولنتكلم بلا تحشم شأن أهل القربى ولعلني خشِن الحديث غير مصقول الكلم. ولكني محاول جهدي أن ألين حديثاً وأنعم لهجة فما بك. نبئني ماذا يؤلمك.
قال الفتى - إنني أكره هذه الفكرة العفنة والطريقة الصدئة السقيمة في الزيجات المرتبة المقررة والمقيدة، إني أراها سيئة شريرة. غير طبيعية.
قال الملك مترفقاً في كلامه - نعم قد يلوح عليها ظاهراً أنها عقيمة صدئة_وهنا تمهل الملك وأمسك بلحيته مفكراً ثم عاد يقول - ولكنني أعلم انها ليست كذلك في حقيقتها ولبها - إنني محدثك حديثا لا أظن هذا الشعب الذي يعرف عنا أكثر مما نعرف عن أنفسنا مستطيعاً أن يعتقد صحته ويؤمن بحقيقته ذلك انني ما زلت حياتي كلها ولا أزال في حب شديد وأمك الملكة ولو أنني كنت رجلاً من عامة الناس لما وجدت ولا أظنني واجداً رفيقة غيرها تستطيع أن تجعل أيامي في الحياة هانئة رغيدة هذا حديث يجب أن لا يتعدى غيرنا نحن الاثنين فإنني رجل شيح ولا أحب أن أتراءى مضحكاً متخلعاً متظرفاً أمام الناس.
فأجاب ولي العهد: هذا حظ جميل، ولكن لعل غيرك من الأمراء وأهل بيت الملك غير مصيبيه. ألا أسمع إلى يا أبي. ان مبدئي في الحب. . . .
وإذ ذاك قاطعه الملك فقال: أن لا يكون مقيد بالمراتب والألقاب وأن يتنزل إلى العامة ويساوي بين الكبير والحقير.
قال الفتى - ولم لا؟
فاجاب الملك الشيخ ليس ثمت خطأ أكبر من الذهاب إلى الحب لالذة فيه إلا حيث يكون ممنوعاً أو صعب الوصول إليه فإنك لو قلت ذلك فكأنك تريد أن تقول أن الإنسان لم يصل إلى قمة جبل مونت بلانكالجبل الأبيض لأنه صعد إليها بقطار النفق - ولم يبلغها سعياً على القدم.