الملساء. وهاك توراة تلهج بذكر الله ثم تجيبني بألفاظ الشك والتهمة وسوء الظن.

وهنا أسرعت إلى نافذتي المفتوحة فنظرت منها في أعماق السموات ثم صحت قائلاً: أحقاً أيتها السموات أنت خالية فارغة؟ أجيبي أجيبي! هلا قبل موتي أريتني أن هذا الوجود شيئاً خلاف الأوهام والأحلام؟.

كان السكون العميق يغشي أنحاء ذلك الميدان الفسيح. وبينا أنا شاخص البصر في أعماق الجو ممدود الذراعين طرق أذني صوت حمامة ترجع الهتاف والهديل. فاتبعتها عيني وإنها لتحلق في السماء حتى إذا غابت عن بصري في زرفة السموات مرت من تحت نافذتي صبية تغني.

لم أحبب أن أذعن واستكين. ولكني رأيت أنه قبل استعراض الجانب المشرق في الحياة - هذا واقد ظهر لي لآن مظلماً مربداً كريهاً - يجب علي أن أجرب كل شيء وأحاول كل أمر. لذلك بقيت مدة طويلة ضحية للأحزان والآلام فريسة لمزعجات الرؤى والأحلام.

ولعل الشباب قد كان السبب الأكبر في عدم استفاقتي وامتناع صلاحي وتعذر شفائي فأينما كنت وكيفما كنت لم يكن يشغل بالي شيء سوى النساء فكلما وقعت عيني على امرأة عرتني هزة ورعشة. وكم مرة اتنبهت من رقدتي أثناء الليل أتصبب عرقاً فوضعت فمي على جدار الغرفة وأنا أشعر أني أكاد أختنق!

لقد قضيت ريعان شبابي وريق صباي في الحب الطاهر والهوى العذري فأصبحت كل معاني اللذة عندي مقرونة بذلك الحب منحصرة فيه ولكني علمت أن مثل هذا الحب لم يكن إلا ضرباً من المحال وشيئاً لا يكون في هذه الحياة. فأصبحت مصيبتي وبلائي أني كنت أبداً أفكر في النساء وأبداً أقرن بخيالاتهن في مصورتي معاني الدعارة والفسق والفجور والحب الكاذب وغدر النساء وخياناتهن وكيدهن. وكان اتصالي بأي امرأة هو في مذهبي حبها الحب الطاهر. فأصبحت الآن لا أفكر إلا في النساء ولا أعتقد بوجود الحب الطاهر.

فأورثني هذا الشعور ثورة نفسانية وهياجاً ونوعاً من الخبل والجنون. فجعلت أحياناً أقترح على نفسي أن أفعل كما يفعل الرهبان - أعني أن أفصد نفسي لأخمد ثوران الحواس. وأحياناً أفكر في الخروج إلى الشارع أو إلى الريف أو إلى أي مكان آخر فأرتمي تحت قدمي أول امرأة أصادفها وأعطيها عهد الله أن أمحضها الحب الصريح أبد الدهر وأكون لها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015