ولاخروفاً، وجعل القوم يأكلون لحوم الخيول، وبيعت الأربعمائة جرام أو أقل من نصف الكيلو بثلاثين روبلة أعني نحو من 72 فرنكاً، وكان من رابع المستحيلات أن يجد الإنسان بيضة واحدة في الروسيا كلها، وكانت البيضة الواحدة في شهر فبراير الماضي تباع بنحو 150 روبلة أي 360 فرنكاً وكذلك لم تعد فنلندا ترسل ألباناً حتى أن بطرغراد التي كانت تتلقى كل يوم 540 ألف رطل من اللبن لم تعد تتلقى أكثر من 4800 رطل فقط. أما الرز والبن والخضر والأقمشة والأحذية فقد اختفى أثرها من روسيا كلية.

وقد استيأس القوم، وضاق ذرعهم بالعذاب، ولكن عمركم الله ماذا يصنعون، وماذا يحدثون، والسجون مختنقة بالمحبوسين، والذين يضربون بالرصاص في كل يوم خلائق كثيرون، وكل ثورة تقوم اللاحتجاج على هذه الفوضى لا تلبث أن تغرق في لجة عظيمة من الدماء.

تعطل الصناعة

وعسيتم تسألون وما حال الصناع في تلك الأرض وهل هم أسعد حالاً وأخف ويلاً من قرنائهم - وجواب ذلك بالنفي - فليس في روسيا من السعداء إلا اللصوص والهاربون والعاطلون والمشردون والمتبطلون الذين لكي ينعموا بالعيشة الراضية سالكون بأنفسهم في سلك الجيش الأحمر، وبذلك أصبح لهم الحق في كل شيء وأول تلك الحقوق النهب والسلب، وكذلك تعطلت المصانع وهجر الصناع صنائعهم وأقفلت معامل الصناعة أبوابها من غلاء المواد وارتفاع الأجور حتى أن قاطرة السكة الحديد التي كانت تصنع في مصنع بونيلوف وهو أكبر مصنع في الروسيا كانت تباع بنحو سبعين ألف روبلة فأصبحت الآن تكلف خمسة ملايين! وقد كان عدد العمال في ذلك المصنع ي أول يناير عام 1917، 52 ألف صانع فبلغ العدد في أول يناير سنة 1918 نحواً من 4798 ليس أكثر، وعلى ذلك قس جميع المصانع الأخرى وقد احتشد جميع العاطلين فآثروا أن يسلكوا في جند الحرس الأحمر إذ رأوا أن طعامهم في تلك الفرقة ميسور مكفول ووجدوا المرتب طيباً يبلغ في الشهر ثلاثة آلاف روبلة ثم فوق كل هذا الحق في النهب وسلب الطبقات الوسطى وتجريدها من جميع ممتلكاتها بل من أثوابها ورياش منازلها ومغانيها أما الذين لم يظفروا بمكان لهم في الجندية فانكفأوا إلى قراهم ومواطنهم الأولى آملين أن يجدوا ما يسد أرماقهم.

غلاء المعيشة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015