أنيق فخم راع، وقد غطت كتفيها بشال هندي ثمين، فلما أقلت نحوها نهضت محيية فرددت على التحية بأحسن منها، وجلسنا وذهب الخادم في وجهه وابتدأت المفاوضات فوهبتني يدها وقلبها، فتقبلتهما بأحسن القبول.
وبعد أسابيع ثلاثة تزوجنا وزففنا في الكنيسة بتصريح خصوصي بين التهليل والفرح، وأقيمت الأعراس لبهجة أهل القرية، وأولمت الولائم وظلت الأفراح أياماً.
وكذلك دخلت الآن في دور جديد من الحياة، وكل ما وقع بصري عليه أضحى ينم عن الجمال والثراء والعظمة والفخامة وكل طعام جلست إليه أصبح طعاماً غنياً بهيجاً غالياً، ويطفر من فرح، لأني أصبحت أرى نفسي مالك كل هذه النعمة، وصاحب جميع هذا الخير.
وطفقت أمام الخدم وهم في الحلل الغالية، والمظهر السني وهم حافون من حولي صافون أمامي أعاملهم بكل احترام، إذ راعني منهم أدبهم العالي ومظهرهم الأنيق.
وقد أصبحت حولي جموع كثيرة من الزوار، وفي كل يوم يقبل للتشريف طائفة كبيرة من المقربين والصحب والخلطاء، وقد جعلت أصرف زمني كله في جميع ضروب اللهو، فمن مراقص متألقة، على محافل حافلة، وبين مآدب فخمة تقام في كل يوم في القصر ابتهاجاً بالعرس، واحتفالاً بالزواج، وبين عشي تصدح فيها الموسيقى، ويقام فيها الرقص، وتهتز فيها الأعطاف، وبين نزهات في الخلاء فوق ظهور الصافنات الجياد، إلى مقانص صيد في البراري والغابات.
ولكن على الرغم من كل هذا لم أكن سعيداً، ولم أستشعر الهناء، فقد كانت الحجرات عديدة حتى لقد تهت في بيتي، وضللت طريقي في منزلي، وكثيراً ما عانيت المشقة الكبرى في سبيل العثور على حجرت الخاصة، ومنامتي المعتزلة، وأنشأ زوارنا الأماجد يحتقرونني ويستزرون بي ويستخفون بآدابي المضحكة وهيئتي الغريبة واضطررت إلى احتمال أمر الضحكات وأشنع النكات والدعابات والسخريات من أفواه النبلاء وشفاه الشرفاء، وأصبح خدمي يهينونني بكل قحة، ويعاملونني بكل استخفاف وبذاء، وبدأت أخيراً معاملة زوجتي تظهر بأجلى مظهر في شكل المستهتر المستخف المحتقر، وأصبحت غيرى في أشد حالات الغيرة، ولا تكاد تحتمل أن أفارق نظرها لحظة واحدة، ولا أزيدكم قولاً بل لتعلم أنه لم تكد