لد ظلت الفتاة حيرى مولهة بعد فقدانها الريحانة تسأل عن نعناعتها المحبوبة وربما أخذت تبكي وفي أوتار صوتها المبحوح نغمة حزن رخيم. ويا طالما ساءلت السائح الجوال عن نعناعتها هل رآها في بعض رحلاته. أو سمع عنها في غدواته وروحاته. وتصيح قائلة لماذا أخفوها عني وخبأوها. واحسرتي ووالهفي أن أبحث عن نعناعتي فلا أراها.
كذلك مرضت الفتاة وضنيت وذابت وهي تسائل عن نعناعتها إلى آخر لحظات الحياة. فلم يبق قلب في مدينة فلورنسا إلا تفتت حزناً ولا مقلة إلا سالت عليها رحمة وشجناً. وذاع بين الناس لحن عن هذه القصة الحزينة رددته الألسن والشفاه.
وما برح للآن يتناقله المحدثون والرواة. وما هو إلا كلمة الفتاة إيزابلا تقول: واحسرتي ووالهفي أن أبحث عن نعناعتي فلا أراها!.
الأماني الأربع
قصة فكهة ذات مغزى
من مختارات تواليف القصصية الطائرة الصيت
شارلوت برونتيه
ذات مساء قر في شهر ديسمبر إذ كنت لا أزال عاملاً أشتغل لأظفر بأجر اليوم. وجزاء عمل النهار، وإن لم أكن في ذلك اليوم خلواً من تلك المطامع التي تثور في قلوب الشبان رغباً في المجد وطلاباً للشهرة، ونزوعاً إلى نوال الذورة العالية، ووصولاً إلى ربوة العظمة، جلست وحيداً بقرب موقدتي في كسر عشي الصغير أحلم أحلام المستقبل، واسرح في ملكوت الله. وأتلهى بالخيالات الغريبة، والأوهام الموحشة المسرفة المتغالية، وقد مرت بذهني ألوف من الأماني. وجالت في خواطري مئات من العلالات حتى لا تكاد تذهب أمنية حتى تعقبها أخت لها أغرب منها، ولا تني تترادف الأحلام أثر الأحلام.
وإني لكذلك أشيد قصوراً في الهواء وأبتني مغاني وقلاعاً في الفضاء إذ سمعت بغتة حولي حمحمة صوت غريب فأجفلت مذعوراً ورفعت رأسي أتبين مصدر ذلك الصوت فلم تأخذ عيني شيئاً فظننت أنها وهم اعتراني. فعدت إلى ما كنت فيه من تأمل وحلم ولكني لم ألبث أن سمعت ذلك الصوت ثانية فرفعت رأسي مرة أخرى وإذ ذاك تولاني الرعب الشديد إذ أبصرت في المقعد الذي إزائي بدن رجل صغير ضئيل في أثواب خضر سندسية، تعم