وزفير وأنين وألق به بعد تلاوته تحت الوسادة، وأخفت نفسها وراء أغطية الفراش، وتحت اللحاف كان بصيص من النور من أثر انعكاس ضياء الشمس وعلى البصيص راحت تقرأ الكتاب مرة أخرى، وكلما قرأت سطراً ذرفت فوقه عبرة سخينة، وهمست تقول لنفسها، لن أذهب بلا ريب. لن أذهب. لن يغريني أمر في الدنيا وإن عز وغلا، بالذهاب، وآلمها صوتها إذ فاهت بتلك الكلمات.

وجيء إليها بطعام الإفطار فرفضته وتوقعت أن تسمع من وصيفتها فاني شيئاً من كلمات المواساة على أن الخادمة لم تفعل شيئاً من ذلك ولكنها قدمت إلى سيدتها طلباً أن تعفيها من خدمتها فراع الطلب فؤاد شيلا فاحت في وجهها كلا، كلا إنك لا تجدين في هذا الطلب، فأجابت الخادمة وفي قولها لهجة العزيمة الصارمة: إني منصرفة إلى عمل آخر لأني لا أستطيع احتمال المقام في بيت لا رجل فيه فزادت هذه العهبارة من التثير المضطرن في جوانح شيلا ووجدانها.

ومشت شيلا إلى شاطيء البحر، وكان الربيع في كل مكان يتفتح عن جماله والفتان ويرسل أنفاس الحب في أفئدة الشباب، ويهب بعلائله ونسائمه على القلوب النقية النضرة وكأنما يخيل إلى شيلا أن الريح تعزف قائلة إلى السعادة، إلى السعادة. وتحمل إلى أذنها كلمة الخادمة. . لا أستطيع احتمال العيس في بيت لا رجل فيه. .

وأخرجت كتاب جفري مراراً فأعادت تلاوته، ولكنها في هذه المرة لم تهز رأسها كما هوتها من قبل.

وعادت إلى الدار فإذا السيارة بالباب، ولم تشعر بعد لحظات إلا والسيارة تقلها منحدرة في الطريق موفضة إلى الموعد، فنسيت كل شيء وراحت تقول لنفسها وهي مستندة إلى وسائد السيارة وزرابيها أريد أن أكون سعيدة مرة أخرى، وسأكونها الآن!

ولكن على الرغم من أنها أعادت هذه العبارة عدة مرات لم تحس بأن الألفاظ صادقة في مسمعها.

بلغ جفري الفندق في الساعة السادسة من المساء، ولا تزال على الموعد المضروب ساعة ارتقاب، ولكنه ألفى الارتقاب أليماً لا يطاق وتصبب العرق من جبينه، وجعل يرسل الطمأنينة في فؤاده ويكرر: إنني أؤدي أمراً حقاً عدلاً لا ظلم فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015