يشتد شيئاً فشيئاً، وهو صوت حركة آلة باخرة، وكنا نسير في رفق غاطسين في اليم نحواً من خمسة عشر قدماً، وللحال حولت مجرى الغواصة بعيداً عن جهة الباخرة واقتربت قليلاً من سطح الماء، لأستخدم المنظار وتبينت فوق دائرة ذلك المنظار شكل السفينة.

أول إبريل سنة 1915

يلوح لي أن في هذه المجزرة شيئاً من البهجة والسرور فقد أصبح لديّ إرسال ناسفة في طريقها إلى الموت أمراً لا يزيد في تأثيره عن قذف كرة الكركيت إلى الناحية الأخرى من الملعب، وما أشبه تهالك النفوس على الباخرة المغرقة وسقوطهم إلى اليم كتساقط الأهداف إذ تصدمها الكرة.

كنت علم الله أريد لهواً، وأطلب سلوى، إن مينا لم تبرح في ذاكرتي ولا أزال أحملها في خفقة فؤادي، وفي هذا القنص تحت أديم الماء ما يهدئ من ثائرة ذهني بعض الهدوء، وقد قال لي فريتز إن من حسن حظي أنني لست مولعاً بالشراب وإلا لقد كنت عليه ملحاً، وكنت سأكون من السكر منزوفاً طول الوقت وقد حاولت أن أجد في هذه اليوميات العزيزة عليّ، مانعاً يحول بيني وبين الجنون. . . .

30 مارس سنة 1916

تراءت لي مينا ليلة الأمس في الحلم، وعلى الرغم من كثرة ما شغلت خاطري بتذكارها طول نهاري، وعديد ضراعاتي وصلاتي من أجلها كانت هذه أول مرة بانت لي في الرؤيا. .

لقد كان حلماً مضطرباً مشوشاً ولم أستطع أن أتذكر إلا اليسير منه، إذ أفقت ويلوح لي أنه حلم مزعج يحمل في أثره شراً وسوءاً لأنه قد ترك أثراً حزيناً وظلاً ثقيلاً على القلب.

في السابع والعشرين من هذا الشهر أغرقنا سفينة نرويجية تحمل لحوماً من الأرجنتين وقد كنا أنذرناها بقنبلة فلم تعتد بالنذر فأرسلنا إليها أخرى فأطارت جهازها اللاسلكي، والفضل في ذلك للرامي هالبرت، فهو يعتز بأنه لا يرسل رسولاً من رسل الموت إلا بلغ هدفه، وإذ ذاك وقفت السفينة وهرع البحارة إلى قوارب النجاة، فأطلقنا على الجارية ثلاثاً أخرى فأجهزت عليها، وانطلقنا نعين القوم ونرعى القوارب ورأينا أنهم على مسافة قصيرة من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015