لا تكون منهم في كل أمة إلا الطبقة المنحطة انحطاطاً. . عالياً. . . فالناس مخطئون فيما اعتبروا به معنى الفقر إذ حصروه من جهاته الأرضية وقد ترامت، وضيقوا من حدوده السماوية وقد تراجت وإنما هو طبقة معنوية فوق الأرض، وإنما هو أسلوب خاص في نظام الكون ولا سبيل إلى التنقيح والتحرير في أساليب لله نصرفها عن معانيها أو نتكذب في تأويلها أو نرد عليها ما ليس منها، وإنما الشأن كله أن نحسن الفهم عن أوضاع القدرة الإلهية بمقدار ما نستبين فيها من الحكمة فإن في ذلك صلاح أنفسنا، وما جعل الله سبيل المصلحة والمفسدة إلا من أفهامنا حتى أن الأدمغة لتعد من أكبر العلل في أمراض التاريخ الإنساني، وربما كانت العلة الكبرى في طائفة من الطوائف صورة أثرية لأكبر المثراة ما يكون سبباً لتكثير المال ترامت وتراجعت بمعنى اتسعت رأس. فيها فإن نحن أسأنا الفهم أو ذهبنا به المذاهب أو أفسدنا من تأويل حكمة الله أو غيرنا أو بدلنا فذلك واقع بنا لا يعدونا، وما يستولي على الكون من جهلنا اضطراب ولا تلحق به آفة في وضع من أوضاعه وإن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون.

وما دام في هذه الدنيا شيءٌ من المادة أو المعاني يحتاج إليه أو يتوهم أحد أنه محتاج إليه ففي الدنيا الفقر.

وما دام للناس رغبة يتنافسون فيها أو يرفعون من شأنها بالمنافسة فلم الحسد. وما دام في الغيب أيام وآمال وفي الدنيا فقر وحسد فهناك الطمع.

وما دام هؤلاء الناس من أشيائهم ما تحملهم أخلاقهم على الظن به أو يكون سبيله من الطبيعة أو يضن به، وفيهم الفقر والحسد والطمع فلم خبء السوء والرذيلة الماحقة وثم البخل. وإن البخل وحده لفي حاجةٍ إلى نبي يصلحه.

وهذه أخلاق أعرقت فيها الإنسانية ولا بد منها ومن فروعها حتى يظل الناس ناساً لا ملائكة ولا شياطين فإن من عجيب حكمة الله أنه لا صلاح للعالم إلا بالفساد الذي فيه.

بيد أن في كل شر جهة من الخير أو جهة تتصل بالخير فإذا صلح فهمه صلح هو أيضاً أو كأنه صلح لظهور حكمته والوقوف به عند حد الشر الطبيعي وهو الشر الذي لا بد منه.

فليكن الفقر والحسد والطمع والبخل ولكن برضاً يمنع السخط وسكون يكسر شرة النفس ورفق لا يعنف على الحق واعتدال يقر كل شيءٍ على حده. يومئذٍ يجد الإنسان في كل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015