وأحس النبض فارتجفت يده وصاح يا إله السموات إن عواطفي لتتفجر حزناً عليك يا غاليتي وأسفاً.
وجاءته مريك بالمصباح فرأى على الضوء فعل القنبلة في رأس الفتاة. فتغيرت في الحال ملامح وجهه وأظلم جبينه وإذ ذاك شعر انه لا يحمل بين ذراعيه الآن إلا جثة هامدة.
وظلت مرسى ترقبه ثم قالت أترى الجرح قاتلاً
فأجابها الجراح في صمت وحزن أزيحي عنها المصباح فلست بحاجة إليه بعد. قضى الأمر. . . لن أستطيع شيئاً
قالت - وهل ماتت؟
فأطرق الجراح رأسه وهز قبضته في الفضاء صوب المرابط وصاح لعنة الله على الألمان، ثم نظر إلى الوجه الخامد الساكن الذي يطل من بين ذراعيه فهز كتفيه مستسلماً خاضعاً وقال وهو يضع الجثة فوق السرير الخشبي هذه سنة الحرب ومن يدري يا صديقتي الممرضة فلعلنا مقتولان في أثرها من ذا يعلم يا الله. أن مسألة القضاء والقدر لتذهب بلى. وليس لنا إلا أن نتركها هنا. وقلباه. لقد كانت بالأمس حسناء فاتنة والآن ليست شيئاً مذكور. لننصرف يا صديقتي قبل أن تأزف الآزفة. ومد ذراعه إلى الممرضة وفي تلك اللحظة سمع صوت عجلات مركبة لأمتعة وهي تهم بالرحيل ودقات الطبول تخفق في الجو تؤذن بأن القهقرى قد بدأت.
فرفعت مرسى الستر فرأت الجرحى الضعفاء لا يزالون في أسرتهم بعد أن تخلي عنهم إخوانهم.
فرفضت ذراع الجراح قائلة لقد قلت لك من قبل أنني سأمكث هنا فرفع مسيو سيرفيل يده محتجاً ولكن مرسى عمدت إلى الستر فرفعته. وأشارت إلى باب الكوخ وقلبت فلتذهب فقد صحت إرادتي.
وإذ ذاك دنا الرجل منها وبكل احترام وخشوع وأدب رفع صوته قائلاً سيدتي أنت امرأة عظيمة! وهنا أخذه شغفه بالنساء فانحنى واضعاً يده على قلبه وترك الكوخ.
وانسدل الستار على الجرحى فخلت الحجرة بالممرضة والقتيلة.
وأخذت أصوات العجلات ومواقع الأقدام تتبدد عن بعد في ظل السكون وانقطع عزيف