معرفة قصتي وها أنت قد عرفتها فقالت جريس بوقاحة ولكني لم أسمع كيف استطعت أن تجدي عملك هنا.
فتمشت مرسى إلى النار المشبوبة في الحجرة فحركت رمادها ثم أجابت أن لرئيسة الملجأ أصدقاء في فرنسا وصاحبةً لهم علاقة بالمستشفيات الحربية فلم يكن من الصعب أن أجد مكاني هنا ولا سيما في حربٍ عصيبة كهذه. إن المجتمع ليستفيد مني في هذا الموطن، إذ يجد في اليد الناعمة والراحة الحنون والكلمة الرفيقة لهؤلاء المساكين، وأشارت بيدها نحو حجرة الجرحى، فإذا أصابتني رصاصةٌ هوجاء قبل أن تخمد نار الحرب، فمرحباً بها وأهلاً - إن المجتمع يكون قد تخلص مني بأسهل الوسائل. .!
وشعرت جريس بأن الإنسانية تقضي عليها بأن تقول كلمة عزاء فظلت هنيهة تفكر ثم تقدمت خطوةً واحدة ولكنها وقفت فعمدت إلى أتفه العبارات العادية التي تقال في أي موطن بأن قالت إذا كان ثمت شيء أستطيع أن أصنعه لك. . ولم تتم جملتها.
وإذ ذاك رفعت الممرضة رأسها الجميل ودلفت إلى الستر تريد أن تعود إلى عملها، ووقفت مس روزبري عن كثب لا تدري أي عبارة تقول.
وأغضب مرسى هذا الإحساس البليد فقالت وماذا تستطيعين أن تفعلي لأجلي؟ أتستطيعين أن تغيري أمري أتستطيعين أن تعطني اسم إمرأة نقية ومكانها. وأهالي لو كان لي في الحياة حظك. وواهلي لو كانت لي سمعتك وآمالك؟
وعند ذلك وضعت يدها على صدرها متأوهة ثم تمالكت جأشها وعاودت الحديث تقول والآن فامكثي هنا حتى أعود إلى عملي. وسأرى إذا كانت أثوابك قد جفت وستشتملين بثيابي برهة من الوقت.
وبعد أن فاهت بهذه الكلمات المحزنة الرقيقة تحفزت للانصراف ولكنها لم تكد تبلغ الستر حتى استوقفتها مس روزبري بأن سألتها هل ترين الجو تغير فإني لا أكاد أسمع صوت المطر على لوح النافذة. .
وقبل أن تستطيع الممرضة أن تمنعها خطت إلى النافذة ففتحت ألواحها.
فصاحت مرسى بها أغلقي النافذة. لقد حذرنا من فتحها عندما جئنا إلى الحجرة.
ولكن جريس أصرت على أن تطل منها.