وإذ ذاك ارتجف صوتها قليلاً كأنما أشجتها الذكرى فسألتها جريس، ومن الرجل، وكيف تودد إليك؟
قالت تودد إلي؟ إنه لا يدري حتى الآن بأمري ولا يعلم بوجود امرأة مثلي.
قالت عجباً وكيف ذلك؟
فانطلقت مريك تقول في يوم أحد تغيب القسيس الذي كان يعظنا في الملجأ فناب عنه رجلٌ غريب وكان شاباً في عنفوانه وقد أخبرتني الرئيسة أن اسمه جوليان جراي فلما جاءت ساعة الوعظ انتبذت مجلسي في الصف الأخير من المقاعد تحت ظل الصور المعلقة على الجدران بحيث أستطيع أن أراه ولا يراني.
ولو سألتني عما يكون من شعور السعيدات لو يسمعنا إلى موعظته لما استطعت أن أعرف عنه شيئاً ولكني أقول أنه يبق في الملجأ من عين لا راحة ثرة بالدموع متفجرة.
وأما أنا فقد بلغ صوته أعمق أعماق روحي حتى لقد جعل يأسي يذوب في كل نبرة من نبرات جرسه الممتلئ العميق ومنذ ذلك اليوم وأنا بالحياة راضية قانعة، بل لقد كنت أكون سعيدة راغدة العيش لو كنت استطعت أن أكلم جوليان جراي.
فسألتها جريس ما الذي حبسك عن مكالمته؟ قالت كنت خائفة فسألتها جريس ومم خفتي أجابت كنت خائفة من أن أجعل بحديثي إليه حياتي الخشنة أخشن وأفجع.
ولو كانت المرأة التي نسمع لها تشاركها في حزنها ونكتبها لاستطاعت أن تفهم معنى ما قلت ولكن جريس لم تدرك غرضها فما زادت على أن قالت أني لا أفهم ما تريدين.
فلم يسع مرسى إلا أن تفضي بالحقيقة فتنهدت قائلة كنت خائفة أن أجعله يهتم لأحزاني فأجزيه على ذلك قلبي وحبي.
قالت زميلتها في دهشة وبرودة أنت.
وهنا نهضت مرسى من مجلسها وهي تقول إنني حقاً أدهشت ولكن لك الله يا سيدتي الشابة الجميلة فأنت لا تعرفين أن القلب وإن يأس وتعذب يأبى لا أن يخفق أبداً وينبض، كنت قبل أن يقع بصري على جوليان جراي لا أعرف الرجال إلا مخوفين مرعبين ولكن لنأخذ في شجون أخرى من الحديث، إن ذلك الواعظ ليس إلا الذكرى الحلة المعسولة بين ذكريات الحياة المؤلمة. والآن ليس عندي ما أقوله لك أكثر مما قلت فقد أصررت على