اللمطية) التي لا توجد إلا في بلاده وأنفذ ذلك إليهم. فلما وصلهم ذلك وقرؤا كتابه فرحوا به عظموه وتقوت نفوسهم على دفع الفرنج عنهم وأزمعوا إن رأوا من الفرنج ما يريبهم أنهم يرسلون إلى يوسف بن تاشفين يعبر إليهم أو يمدهم بإعانة منهم. وكان ملك الافرنج الأذفونش (الفونس السادس ملك الاسبان) لما وقعت الفتنة بالأندلس وثار الخلاف. وكان كل من حاز بلداً وتقوى فيه ملكه انتحل الملك لنفسه وصار ملوك الأندلس مثل ملوك الطوائف فطمع فيهم الأذفونش وأخذ كثيراً من ثغورهم فقوى شأنه وعظم سلطانه وكثرت عساكره وأخذ طليطلة الآن) من صاحبها القادر بالله بن المأمون بن يحيى بن ذي النون في منتصف محرم سنة 478 وفي ذلك يقول ابن العسال (أحد شعراء الأندلس):
حثوا روا حلكم يا أهل أندلس ... فما المقام بها الأمن الغلط
السلك ينثر من أطرافه وأري ... سلك الجزيرة منثوراً من الوسط
من جاور الشر لا يأمن عواقبه ... كيف الحياة مع الحيات في سفط
وكان المعتمد بن عباد كما أسلفنا أعظم ملوك الأندلس ومتملك أكثر بلادها مشل قرطبة وإشبيلية وكان مع ذلك يؤدي الضريبة إلى الاذفونش (الفونس) كل سنة فلما تملك الاذفونش طليطلة أرسل إليه المعتمد الضريبة المعتادة فلم نقبلها منه وأرسل إليه يهدده ويتوعده بالمسير إلى قرطبة ليفتحها إلا أن يسلم إليه جميع الحصون المنيعة وبقيى السهل للمسلمين وتشطط وأمعن في التجني وكان السفير في ذلك يهودياً كان وزير الاذفونش فامتنع ابن عباد من ذلك فراجعه فأباه وأيأسه فراجعه اليهودي في ذلك وأغلظ له في القول وواجهه بمالم يحتمله ابن عباد فأخذ ابن عباد محبرة كانت بيديه وضرب بها رأس اليهودي فأنزل دماغه في حلقه وأمر به فصلب منكوساً في قرطبة فلما سكت عنه الغضب استفتى الفقهاء عن حكم ما فعله باليهودي فبادره الفقيه محمد بن الطلاع بالرخصة في ذلك لتعدي الرسول حدود الرسالة إلى ما استوجب به القتل إذ ليس له ذلك. وقال للفقهاء إنما بادرت بالفتوى خوف أن يكسل الرجل عما عزم عليه من منابذة العدو وعسى الله أن يجعل في عزيمته للمسلمين فرجاً وبلغ الاذفونش ما صنعه ابن عباد فأقسم بآلهته. ليغزونه بأشبيلية وليحاصرنه في قصره فجرد جيشين جعل على أحدهما كلباً من مسامير كلابه وأمره أن يسير على كورة باجة من غرب الأندلس ويغير على تلك التخوم والجهات ثم يمر على لبلة