العبادة إلا هذا الأسلوب. والشاعر الذي يريك من جمال الزهرة ما كان قبل غائباً عنك أليس كأنه أطلعك على مظهر من مظاهر قوة الله وعظمته وشعبة من ينبوع الجمال الإلهي الشامل وعلى سطر خطه القلم العلوي في صحيفة الكون فبدا مبيناً ناصعاً. جلياً ساطعاً. وكأنما غنى لنا نشيداً قدسياً فصدحنا معاً وإذا كان هذا شأن من يصف زهرة الروض فكيف الذي يتغنى لنا بمكارم أولى العزم ومآثرهم. ومناقب ذوي الفضل ومفاخرهم. مثل هذا كأنما يمس أكبادنا بجذوة من مجامر المحراب. ولعلها أشرف طرق العبادة.

وما الأدب إلا كشف وجلاء لأسرار بدائع الله أو ما يسمونه السر الجلي وقد عرف الأدب فيشتي بأنه البيان المستمر لما يكمن من أسرار الله في الأشياء الأرضية العادية. فإن أسرار الله ما برحت كائنة في كل شيء وما برحت تصادف من هذا الكاتب وذاك من يبرزها في هذه الصورة أو تلك في مقادير مختلفة من الوضوح ودرجات متفاضلة من البيان كل حسب ما وهب الله من الفضل هذا هو الذي ما زال ذووا المواهب اللدنية من الشعراء والكتاب والخطباء والمتكلمين يصنعونه عمداً أو عفواً حتى لقد تجد أن شعر بيرون لا يخلو من تلك الأسرار برغم ما قد امتلأ به من زوابع الحنق وصواعق القذف والانتقام ومعاسف الغل والحقد والضغينة على بني البشر. وهي (الأسرار) أيضاً كائنة في متواضع شعر بارنز ذلك الفلاح الذي كان يختلس القوافي من خلال حركات الفاس والمحراث - صاحب القصائد التي كانها أغاريد القنبرة صاعدة من أديم التراب. إلى أعلى ذوائب السحاب. والحقيقة أن كل غناء صادق هو عبادة كما أن كل شغل صادق هو أيضاً عبادة وما الغناء الصادق لو نظرت إلا صفة للشغل الجيد الحر وتمثيل موسيقى مطرب ومن أنعم النظر رأى هنالك قطعاً جمة من الأناشيد الكنيسية. والصلوات الدينية. طافية على مياه ذلك البحر الخضم الذي يسمونه بحر الأدب: فالكتب أيضاً كنيستنا.

ننتقل الآن إلى تأثير الأدب في الحكومة لقد كان البرلمان قوة عظمى تبرم أمور الرعية وتنقض وتعقد شؤون الأمة وتحل. وتصرف أعنة البلاد وتدبر. وتقطع أحكامها وتقرر. بعد طول الروية والنظر وإدمان التأمل والفكر. وإطالة المناقشة والمحاورة وإدامة المجادلة والمناظرة ولكن انظرو الآن أما ترون أن عمل البرلمان هذا يعمل الآن خارج البرلمان في طول البلاد وعرضها بواسطة المطبوعات من جرائد ومجلات. ورسائل ومؤلفات. وإن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015