في القوانين لم تكن لديه شهادة ليسانسيه فلما بلغ هذا القول سعادة الفاضل رئيس محكمة الاستئناف أجاب بأنه إذا كان معترفاً بفضله وسعة إطلاعه في القانون أفلا يكون اضطلاعه بدراسة الشريعة الإسلامية الغراء شفيعاً له وقائماً مقام شهادة الليسانس. وهذه حجة دامغة ومقال رشيد. وهل من ينكر بعد هذا فضل حضرة سعد أفندي زغلول وقد عرف فضله كل مصري حتى أصبح الفلاح في زوايا القرى يعتمد على اسمه في مقاضاة خصمه إن كان محقاً. وتخور قواه وتهن عزيمته عند ذكر اسمه إذا كان مبطلاً. فهل مثل هذا الفاضل تكبر عليه وظيفة مندوب في قلم قضايا الحكومة وقد أكبرتها من قبل ذلك الأغراض. ثم كادت أن تكبر عليه وظيفة نائب قاض في محكمة الاستئناف وهي الوظيفة التي تحتفل اليوم لها. وأنتم يا حضرات الأخوان تعترفون في سركم وعلانيتكم بأنه أفضلنا وأجدرنا بالرقي واستلام زمام الحكم في أكبر مصالح الحكومة. فالمحاماة التي رفعها إلى ذروة الشرف لا تزال تطالبه بأن يتسم بها أعلى سنام الرعاية والاعتبار. وأن يمحو عنها ما بقي من رسوم الزراية والاحتقار حتى إذا طلب أحدنا فيما بعد إلى منصب أرقى مما نال اليوم لا يجد دونه معترضاً.

كلكم تعرفون يا حضرات المحامين أن القضايا كانت ترفع إلى المحاكم وفي كل مائة منها سبعون أو ما يزيد ترفع فيها المسائل الفرعية فتقبل لخطأ في الشكل وجهل بالطرق القانونية. فأصبحت وليس في المئة خمس قضايا مما تقبل فيها الفرعيات. ومرجع الفضل في ذلك كله إلى سعد أفندي إذ كان قدوة وأستاذاً للمشتغلين بصناعة المحاماة بل كان أستاذاً لكثيرين من القضاة. وهذه تقاريره الشرعية والعقلية محفوظة لدينا يرجع إليها كل من استبهم عليه أمر قانوني. فلم يعد بعد من حاجة إلى بقائه بيننا. فقد أتم دروسه علينا سواء من حيث الصدق والاستقامة وطهارة الذمة أو من حيث البلاغة والفصاحة أو من حيث المسائل القانونية الدقيقة المعضلة. فليت شعري لأي شيء نتأسف من فراقه. وليس بنا من حاجة إليه إلا ما يطلب منه في دوره الجديد.

أي مشكل قانوني أو أية حادثة قانونية أخذت بطبيعتها شكلاً من الأشكال والالتباس - وللحوادث طبائع تختلف حتى مع وحدة القانون - ولم نر مرجع الفضل في حله إلى حضرة الفاضل سعد أفندي زغلول؟. بل في أي وقت تنازعا في مبدأ قانوني وكان الحكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015