في دور خصومه نصيراً له.
وانبرى في أثره عدة خطباء يزيدون عن العشرة. يعددون جميعاً حسنات المترجم به في المحاماة ومناقبه ومميزاته. حتى جاء دور ذلك الخطيب المصقع البليغ. والمحامي النابغة المنطبق. الأستاذ إبراهيم بك الهلباوي فوقف يقول إذا التمست من حضراتكم المعاذير وطلبت الصفح عن التقصير. فلي شفيع قائم بين أيديكم ألا وهو كوني أخطب الآن أثر ثلاثة عشر خطيباً. كلهم قد خلب الألباب. وأخذ بمجامع القلوب. ولكن لا أسألكم عذراً لأن موضوع خطب شخص كله فضائل ومهما قال الخطباء فبحر الفضل واسع لا تنفد مادته، ولست أقصد بمقالي إلى الأسف على فراق سعد أفندي زغلول لطائفة المحامين فأنا ما اجتمعنا هنا لتوديعه منها. بل لنهنئ هذه الطائفة التي يحق لها أن نفخر أعجاباً بما نالته بتعيينه من الشرف وعلو الشأن.
تقولون إن حرفة المحاماة شريفة وفضلها مقرر. وأقول كان ذلك لها ولكن على القرطاس. وفي القواعد الفلسفية. أما المشاهد فليس كذلك ما كان.
فمنذ تسع سنوات كانت أبعد عن اسم الشرف والفضل. وتعلمون أنتم أن المحاكم الأهلية حلت محل المجالس الملغاة التي كان أمامها محامون يسمون بوكلاء الدعاوي ليس صاحب السمعة فيهم الأمن كان أخبر بأغراض القضاة وأعرف بحاجاتهم. فكان ولا ريب هذا الفن ضائع الاعتبار بين أيدي طبقة مضيعة لشرفه خافضة لمكانته فلما تألفت المحاكم الأهلية لم يجسر أحد أن يسوق بنفسه ضحية لهذا الفن وذبحا إلا رفيقنا سعد أفندي زغلول فظل يعالج مرضه ويرتق فتقه ويقيم أوده. ويجاهد في سبيل إعلاء كلمته حتى أسدل الستار على كثير من فضائحه ومعايبه فأقدم إذ ذاك أرباب الشرف على الاحتراف به ولهذا كان سعي رفيقنا بادئ بدء جهاداً مستمراً. ولولاه ما استطاع أحد منا الاشتغال بهذا الفن الذي أصبحنا نعده اليوم فناً شريفاً ومهنة سامية عالية. فالفضل كل الفضل في سمو مكانتها لحضرة سعد أفندي زغلول فلذلك وجب علينا أن نهنئ المحاماة بانتقاله منها وارتقائه إلى منصة القضاء. فهو هو الذي صيرها أهلاً لأن يرتقي منها مثله إلى محكمة الاستئناف.
ومن الغريب أنه لما عرض تعيين حضرة صديقنا المفضال سعد أفندي زغلول عضواً في محكمة الاستئناف قال قائل إن حضرته على الرغم مما أحرزه من الفضل وسعة الإطلاع