الشهيدين الأولين - قال شوقي يرثي:

انظر إلى الأقمار كيف تزول ... وإلى وجوه السعد كيف تحول

وإلى الجبال الشم كيف يميلها ... عادي الردي باشارة فتميل

وإلى الفراقد كيف تنثر في الثرى ... أشلاؤهن حجارة ونصيل

وإلى الزياج تخر دون قرارها ... صرعى عليهن التراب مهيل

وإلى النسور تقاصرت أعمارها ... والعهد في عمر النسور يطول

في كل منزلة وكل سمية ... قمر من الغر السماة قتيل

يهوي القضاء بها فما من عاصم ... هيهات ليس من القضاء مقيل

(فخ السماء) و (نورها) سكنا الثرى ... فالأرض ولهى والسماء ثكول

سر في الهواء ولذ بناصية السهى ... الموت لا يخفى عليه سبيل

واركب جناح النسر لا يعصمك من ... نسر يرفرف فيه عزرائيل

ولكل نفس ساعة من لم يمت ... فيها عزيزاً مات وهو ذليل

ما الميت من همل الأنام كهالك ... زالت به دنيا وباد قبيل

فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها ... فالذكر عمر لو علمت طويل

لا تذهب الحسنات في أثر الفتى ... إن الزمان بنشرهن كفيل

أإلى الحياة سكنت وهي مصارع ... وإلى الأماني يسكن المسلول

لا تجفلن ببؤسها ونعيمها ... نعمى الحياة وبؤسها تضليل

ما بين نضرتها وبين ذبولها ... عمر الورود وأنه لقليل

هذا بشير الأمس أصبح ناعياً ... كالحلم جاء بضده التأويل

يجري من العبرات حول حديثه ... ما كان من فرح عليه يسيل

ولرب أعراس خبأن مآتما ... كالرقط في ظل الرياض تقيل

يا أيها الشهداء لن ينسى لكم ... فتح أغر على السماء جميل

والمجد في الدنيا لأول مبتن ... ولمن يشيد بعده فيطيل

لولا نفوس زلن في سبل العلي ... لم يهد فيها السالكين دليل

والناس باذل روحه أو ماله ... أو علمه والآخرون فضول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015