وكان حشد من الناس حول الباب. ولكن ليس فيهم من يذكره. حتى لقد تغير خلق القوم وتحول. رآهم في جدال وصخب. وعهده بهم أهل دعة وحلفاء تهويم. وطفق يبحث بينهم غير مهتد عن نقولا فيدر. رب النزل وقسيس القرية. بوجهه العريض. وذقنه المزدوج. وغليونه المستطيل. ينفخ الذوائب من فمه بدلاً من الكلم الفارغة. وفان بومل المعلم والمقرئ يقرأ الصحف ويتلوها.

ولكنه رأى بدلهما رجلاً مقضوماً مهزولاً صفراوياً. امتلأت بالإعلانات جيوبه. يصيح بصوت جهوري. متشدقاً بحقوق الوطنيين. والانتخابات. وأعضاء المؤتمر والحرية. وموقعة بانكرزهل. وأبطال عام 76. وأسماء لا تحصى. لم تكن في أذن رب إلا الألسن البابلية.

وإن ظهور رب بلحيته المتدلية الشعناء. وبندقيته الصدئة الشوهاء. وأثوابه البالية النكراء. وفي أثره جيش من الأطفال والنساء. لم يلبث أن لفت أنظار ساسة ألحان ورجاله. فأقبلوا عليه يتقصون أنظارهم في الرجل مندهشين. وداناه خطيبهم فأخذه ناحية وجعل يسأله: لأي حزب أنت مصوت؟ فأفلت منه رب ولم يفهم مما قال حرفاً. وعمد إليه رجل من عرض الجمع. قصير القامة. خفيف الروح. فشده من ذراعه. وتطاول إلى أذنه فهمس أأتحادي أنت أم ديمقراطي؟ فازدادت دهشته ووجومه. وإذا برجل شيخ جليل. تخطى الجمع المزدحم إليه. واضعاً إحدى راحتيه في خصره. ومعتمداً بالأخرى على عصاه. حاد النظر ثاقبة فسأله في لهجة العابس الغاضب ماذا جاء بك إلى مكان الانتخاب. متنكباً بندقيتك يسعى في أثرك الغوغاء؟ ألفتتة في القرية أم مقتلة؟.

فقال رب وقد توجس منهم خليفة معاذ الله. يا سادتي. ما أنا إلا رجل وديع مسكين. ربيب هذه القرية ووليدها. ورعية مخلص لجلالة الملك. أصلح الله حاله!.

وإذ ذاك علا الصياح من كل مكان.

وصرخ الجمهور. . ملكي جاسوس؟ طريد - انقضوا عليه. . تألبوا. سيروا به! ولم يستطع ذلك الشيخ الوقور أن يعيد سكون الحفل إلا بعد مشقة كبيرة. فلما تم له ذلك زاد في تقطيب جبينه وتجهيم معارفه. وعاد يسأل الجاني المجهول عن سبب مجيئه إلى القرية. وعمن يريد فطفق رب يؤكد له وهو خاضع متذلل إنه لا يريد بأحد ضراً. وإنما بلغ مكانهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015