صحة
د. محمد صايل هليل
يقع التسمم العارض صلى الله عليه وسلمccidental poisoning بين واحد إلى اثنين من كل
مئة طفل دون الخامسة. وهو يشكل أحد الأسباب الرئيسية لوفاة الأطفال في هذه
الفترة من العمر. إن حوادث تسمم الأطفال تسجل أعلى معدل لها عند الأطفال في
السنة الثانية من العمر، إلا أن نسبتها في الأطفال الذين تقل أعمارهم عن سنة
واحدة عالية أيضاً. إن ثلث حوادث تسمم الأطفال تقع في مطبخ البيت كما بينت
بعض الدراسات. وأن أهم عنصر في حوادث التسمم هو تخزين المواد بشكل
خاطئ.
تبدأ حوادث التسمم عند الأطفال حالما يبدأ الطفل الحبو والتحرك داخل البيت. فالأطفال الذين تقل أعمارهم عن سنتين يتناولون المواد الضارة المخزونة في
أماكن قريبة من الأرض، كخزائن المطبخ السفلية مثلاً، وأن الأطفال بين 3-4
سنوات من العمر، يتناولون المواد المحفوظة في أماكن مرتفعة بعد تسلقهم
والوصول إليها.
إن حركة الطفل المفرطة، وفضوله الشديد لمعرفة كل ما في البيت، إضافة
إلى أن الطفل يمر بمرحلة نمو نفسي - المرحلة السلبية - يحاول فيها بناء ذاته
واستقلال شخصيته، بحيث لا ينصاع للأوامر والنواهي، كل هذه الأمور تعرضه
إلى التسمم أكثر من غيره. لذا فإن حوادث التسمم لا تعني تقصير وإهمال الأهل
بالضرورة. إن المواد السامة كثيرة وعديدة وهي أكثر من أن تحصى، وفي بعض
الدول أنشئت مراكز ضبط التسمم Control Centres Poisoning ويمكننا
تقسيمها في المجموعات التالية:
1- الأدوية: وتشمل كل الأدوية مهما كانت دون استثناء مطلقاً.
2- المواد البترولية: كالبنزين، الكيروسين (الجاز) وسوائل القداحات
وغيرها وهي خطرة جداً لما تحدثه من تلف يصيب الرئتين وأحياناً القلب والدماغ.
3- المبيدات: وهي مبيدات الحشرات وهي مواد شديدة السمومية، تؤثر
على الجهاز العصبي.
4- مواد التنظيف: وهي المستخدمة لتنظيف الحمامات والمراحيض
والمصارف.. وهي مواد كاوية حارقة تتلف القناة الهضمية تلفاً شديداً إذا أخذت عن
طريق الفم وتسبب مضاعفات خطيرة تلازم الطفل طيلة عمره.
5- التبغ: وأعواد الثقاب لما تسببه إثر تناولها عن طريق الفم.
6- النباتات: سواء نباتات الزينة أو ما ينبت قريباً من البيت من النباتات
البرية، أو ما يضاف للنباتات من مواد كيماوية - وهي عديدة جداً.
7- مواد التجميل والعطور وطلاء الأظافر والآسيتون.
8- الغازات السامة المنبعثة من المدافئ والمواقد: كمواقد الفحم والكيروسين،
وغيرهما..
9- التسمم باللدغ: كلدغ العقرب والأفعى والحشرات الأخرى.
10- المواد الكيماوية الأخرى: مثل كرات العث (كرات النافثالين) التي
توضع مع الملابس.
ويقع حادث التسمم إما بوضع المادة الضارة قريباً من متناول الطفل، وهذا
هو الأغلب، أو وضعها في أوعية يختلط على الطفل بأنها مواد غذائية. فوضع
الكاز في زجاجات المياه المعدنية عادة خاطئة، غالباً ما تكون السبب - وكما
نراه - في تسمم الطفل العطشان الذي لا يستطيع إن يفرق بين الماء والكاز إلا بعد شربه فقط.
تصل هذه المواد إلى داخل الجسم بطرق عديدة كالفم - والتنفس - والجلد أو
داخل الجلد كاللدغ مثلاً أو غيرها. إن تأثيرها يتفاوت بحسب نوع المواد المتناولة
وعددها وكمياتها. والفترة المنقضية ما بين تناولها وزيارة الطبيب وعوامل أخرى
لا مجال لبحثها.
إذن ما العمل لتفادي تسمم الأطفال؟
هذا سؤال حتمي أمام الحقائق، والجواب يتلخص في هذه الإرشادات كخطوط
عامة:
1- بالرغم من أن البعض قد يظن أنه ليس عملياً أن نرفع كل المواد الضارة
بعيداً عن متناول الأطفال: إلا أن هذا هو أهم إجراء وقائي. نعم وضع المواد
السامة في مكان مرتفع ومحكم الإغلاق.
2- لتسهيل ما سبق، ينصح بعدم تخزين كميات كبيرة جداً من المواد الضارة
كالمنظفات والدهانات والمبيدات ومواد تلميع الأثاث وغيرها في البيت.
3- عند الانتهاء من استعمال مادة معينة أو نفاذها يرجى عدم الاحتفاظ
بعبوتها الفارغة أو تركها للأطفال يلعبون بها، بل إلقاؤها في القمامة.
4- عند وضع مادة سامة أو ربما تكون ضارة في أوعية مواد نافعة،
كالكاز - أو سائل التنظيف الأبيض - في زجاجات المياه الفارغة، يرجى وضع ملصق صغير يبين ما بداخل الزجاجة مثلا (كاز) أو (سائل تنظيف) حتى يتجنب الكبار تناولها، ورفعها في أمكن عالية بعيداً عن الأطفال، لا سيما وأن الأطفال لا يقرأون ما بداخلها.
5- عدم وضع المواد السامة قريباً من المواد الغذائية.
6- تربية الطفل - عملياً - مبدأ مهم وهو أنه ليس كل ما تقع عليه اليد
يصلح للأكل، وتبيان مخاطر المواد السامة للطفل إذا كان في عمر يدرك معنى
الكلام.
7- فيما يتعلق بالأدوية بالذات، نؤكد على ما يلي:
- الاحتفاظ بالأدوية بعيداً عن متناول الأطفال مهما كان الدواء.
- استعمال الأوعية التي يصعب على الطفل فتحها وعدم ترك الأدوية متناثرة. وعادة ما تصرف الأدوية في مثل هذه العبوات التي يصعب فتحها.
- عدم استعمال أي دواء فقدت أو تلفت الكتابة التي تحدد اسمه.
- عدم وضع أدوية في زجاجات أدوية فارغة أخرى.
- عدم إعطاء الدواء إلا للمريض، وعدم إعطاء أي طفل آخر دواء أخيه
دون استشارة الطبيب.
- عدم إعطاء الأدوية للأطفال في الظلام، إلا بعد التأكد من اسم وكمية الدواء
واسم الطفل على الزجاجة.
- عدم خداع الطفل أن الدواء هو حلوى أو شراب بل يجب خلق الثقة بين
الأبوين والطفل ويجب أن نبين للطفل بكلام بسيط أن هذا دواء يشربه ليزول
مرضه، نشرح له هذا بلغة بسيطة يفهمها ما أمكن.
- الانتباه إلى أن الأطفال يقلدون الكبار في تناول الأدوية: فالطفل يرى جده
يتناول بعض حبوب القلب قد يتناول بعض الحبات التي ربما تقتله.
- عدم ترك الزجاجات الفارغة أو الأدوية التي انتهت صلاحيتها بين يدي
الأطفال يلعبون بها، بل يجب التخلص منها بشكل جيد.