مجله البيان (صفحة 94)

مفهوم الجاهلية في الشعر الجاهلي (5)

أدب وتاريخ

مفهوم الجاهلية في

الشعر الجاهلي

(?)

محمد الناصر

ملخص الحلقة السابقة:

في الحلقة السابقة تحدث الكاتب عن بعض أيام العرب المشهورة كحرب

البسوس، وحرب داحس والغبراء، وحرب الفجار، وما جرى في هذه الحروب

من ثارات وما قيل فيها من شعر، وفي هذه الحلقة يدخل الفترة الإسلامية، أثر

الإسلام في تلك البيئة.

التمهيد:

من خلال دراستنا للحياة السياسية في الشعر الجاهلي لا حظنا أن لهذه الحياة

مقومات أساسية نوجزها فيما يأتي:

1- القبيلة: هي البنية الاجتماعية والسياسية لتلك المجتمعات، ففيها يجد

العربي الحماية والطمأنينة، ولها يتعصب، والرباط الأقوى فيها هو العصبية التي

تنسي أصحابها كل تعقل وتوازن، فلا رأي ولا حرية للفرد أمام عادات القبيلة

وتقاليدها، وإلا تعرض للخلع والطرد.

ولقد نفخت العصبية في أفرادها نيراناً لاهبة من اعتزاز بالنسب، فهم أفضل

الناس، وآباؤهم أشرف آباء، حتى أن الشاعر كان ينسى نفسه ويتصور أنه وقومه

ملوك الدنيا المتصرفون الباطشون بلا رادع، وقد افتخروا بكثرة العدد والعدة،

فكثرت المنافرات بينهم، وبالقوة والشجاعة، بل بالجبروت والغطرسة وهي من

أهم خصائص تلك الجاهلية..

ولقد وجدنا خلال دراستنا للشعر الجاهلي شواهد كثيرة في هذا الشأن.

2- العادات والتقاليد: وكان للتقليد عندهم سطوة الدين والمعتقد، فلا يستطيع

الفرد مهما أوتي من مكانة أن يخرج عليها، لقد تاهوا في ضلالات الجهالة والتقليد، وعطلوا فكرهم وعقولهم، ولذلك سفه الإسلام أحلامهم وحاول تحرير عقولهم،

حتى تمكن من تخليصهم من رواسبها.

3- التفرق والشتات: لم يعرف العرب وحدة سياسية في تاريخهم الجاهلي،

حتى أن الإمارات التي تشكلت كانت لا تزيد عن كونها قبائل متصارعة مع أمثالها،

ولم تنفذ إلى فكرة الأمة أو الجنس، بحيث يجمعون العرب تحت لواء واحد، إنما

اتخذت صورة اتحاد قبلي له رئيس ليس غير.

لقد كوَّن المناذرة والغساسنة إمارتين اصطنعتهما فارس والروم لضرب القبائل

العربية الأخرى في الجزيرة، وكثيراً ما وقعت الحروب الطاحنة بين هاتين

الإمارتين. ولقد أدتا دورهما في خدمة سادتهما خير أداء من بطش بالقبائل ... العربية، وقتل وتخريب..

وفى مؤتة حارب مع الروم من قبائل العرب مثل: لخم وجذام وبلي وغيرهم

ما يزيد عن مائة ألف بالإضافة إلى مثلهم من الروم [1] .

أما إمارة كندة، ومدن الحجاز، فما كانت إلا تجمعات قبلية سكنت الحاضرة

ولم تخرج على عادات القبائل وصراعاتها.

4- الحروب والأيام: إن العربى في البادية شجاع، يفضل الموت تحت

ظلال السيوف، على حياة الذل والضيم، فحياته حرب ضروس لا تهداً، وقد

زخرت موضوعات الشعر في تصويرها كما مر معنا في الأعداد السابقة، إذ مدح

الشعراء الشجاعة والشجعان، والفروسية والفرسان، والحياة للقوي، وهذا ما عبر

عنه زهير إذ يقول:

ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه ... يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم

وكثر الهجاء وشارك في المعارك مصوراً الفرار والهزيمة، وبكى الشعراء

قتلاهم، وندبت النساء الموتى، وعرف الشعر العربى عدداً من أصحاب ... المراثي..

آثار الحرب: وكان من آثارها كثرة الأسرى والسبايا، وما رافق ذلك من

تأريث للعداوة، ومحاولات مستمرة لتخليص الأسرى والسبايا.

أما عادة الثأر فقد كانت متأصلة في نفس العربي وكثيراً ما سببت حروباً لا

تنطفئ، ولم تمنع القرابة من الثأر بين أفراد القبيلة الواحدة.

وقد تلجاً القبائل في هذه البيئة الحربية، التي يشع فيها الفزع والهول، إلى

التحالف مع القبائل الأخرى لترد عن نفسها العدوان.

ولقد صورت لنا أيام العرب هذه الحياة الحربية، وذلك الصراع الدامي، وإذا

تصفحت الجزء الأول من كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير مثلاً يهولك هذا الجو

الصاخب من الحروب والضغائن.

إنها الجاهلية بكل مقوماتها، انطلقت صاخبة لا تقف عند حد، مادامت لا

تحتكم إلى دين، وإنما تتبع ما وجدت عليه الآباء والأجداد..

لقد كان العربي فيً وثنيته مستعبداً لعدد من الأرباب والمعبودات، فبالإضافة

إلى عبادة الأصنام والكواكب كان الفرد ينصاع إلى استعباد القبيلة والعرف، ... والعادة، ثم إلى الهوى والشهوات..

كلمة في المنهج:

فى القسم الأول من هذه الدراسة، كنت قد اعتمدت على الشعر الجاهلي؛ لأنه

خير مصدر لتصوير حياة العرب في تلك الفترة، إذ قد اهتم به علماء اللغة تدويناً

ودراسة، أكثر من اهتمام المؤرخين، فدراستهم كانت ظنية تعتمد على الحدس

والتخمين، أو دراسة الآثار..

وفى هذا القسم كان اعتمادي على القرآن الكريم؛ لأنه صور حياة الجاهلية

تصويراً دقيقاً، حياً معبراً بالأحداث، والسنة النبوية المطهرة -وصراع النخبة

المؤمنة مع ذويهم ومعاصريهم - حيث صورت هذا الصراع كتب السيرة والتراجم، ثم شعراء الدعوة الإسلامية في صدر الإسلام.

إننا نعيش الآن في غربة، غربة جديدة للإسلام، تجعل محاولة العودة صعبة

وشاقة، وفيها عنصر الجدة.. لابد من عودة جادة إلى المنابع الأولى الصافية،

منابع العقيدة، ودراسة السنة وكيف ربى الرسول - صلى الله عليه وسلم -

أصحابه.

قال - صلى الله عليه وسلم -: «بداً الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بداً،

فطوبى للغرباء» أخرجه مسلم.

«لقد دار الزمن دورته وعاد الإسلام كما بداً، كما أخبر بذلك الرسول -

صلى الله عليه وسلم -، هذه الغربة تجعل محاولة العودة كأنها جولة جديدة ...

وسيتوفر لها عنصر الجدة ... فيكون حافزاً لها على بلوغ القمة» [2] .

وفي سبيل هذه العودة نتلمس المنهج في طريقة تربية الجماعة الأولى،

جماعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكيف كانت من الاستعلاء بإيمانها على

حياة التمزق والتيه والضياع ... إن حياة الإلف والعادة للمسلم قد تجعله ينقض عرى

الدين، يروى أن عمر - رضي الله عنه - قال: «ينقضُ الإسلام عروة عروة؛

إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية» .

ومن أجل خطوة في طريق التربية الإيمانية، ومن أجل العبرة، ومقارنة

الواقع بما فيه، مع ماضي هذه الأمة الناصع، بعد جاهلية مظلمة، نقدم هذه

الدراسة..

وسوف أركز الحديث حول المباحث التالية:

1 - التربية العقدية: ودورها في تربية الجماعة الأولى.

2- العصبية القبلية: وكيف عمل الإسلام على تذويبها.

3- وحدة الأمة: بعد التفرق والشتات.

4 - اتباع التقاليد وتحكيم الأهواء.

5- الجهاد في سبيل الله: بعد الحروب الدامية.

أولاً - التربية العقدية:

كيف واجه الإسلام الجاهلية؟ كيف انتشل العرب من أوضارها؛ كيف رباهم

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ينخلصوا من القيم التي كانوا يقدسونها

والعادات التي كانوا يخضعون إليها؟ .

للإجابة على هذه الاستفسارات لابد من العودة إلى منهج التربية الذي ربى

عليه محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه فهو قدوتنا، وواجب

علينا أن نتبع منهجه [لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ] .

أ- طريقة الإسلام في التربية: (التوحيد الخالص) .

كانت البداية الأولى في التربية هي تصحيح العقيدة في الله، ومنذ اللحظة

الأولى، منذ أن يعلن المسلم (لا إله إلا الله محمد رسول الله) يصبح انتماء المسلم

لدينه، ويتبرأ بعدها من كل معبود أو متبوع أو مطاع سوى الله [3] .

[فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ ويُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الوُثْقَى] [البقرة:256] .

وفي الحديث الشريف عن أبي هريرة - رضى الله عنه - قال: قال رسول

الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله قد أذهب عنكم عيبة الجاهلية وفخرها

بالآباء، مؤمن تقي أو فاجر شقي، أنتم بنو آدم وآدم من تراب، ليدعن رجال

فخرهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان

التي تدفع بأنفها النتن» [4] .

بهذا التصوير والتنفير، بداً الرسول - صلى الله عليه وسلم - ينفر أصحابه

من رواسب الجاهلية ومفاخرها وعصبياتها

«لقد كان الرجل حين يدخل في الإسلام يخلع على عتبته ماضيه في

الجاهلية، كان يشعر في اللحظة التي يجيء فيها إلى الإسلام، أنه بداً عهداً جديداً،

منفصلاً كل الانفصال عن حياته التي عاشها في الجاهلية.. كان يقف منها موقف

المستريب الشاك الحذر المتخوف الذي يحس أن كل هذا رجس لا يصلح للإسلام،

وبهذا الإحساس كان يتلقى هدي الإسلام..» [5] .

نعم هكذا كان مفهوم التوحيد يسيطر على مشاعر المسلم فيتحول إلى واقع حي

متحرك، يملأ عليه شغاف قلبه، بعيداً عن المفاهيم الذهنية المجردة، والمعرفة

العقلية البحتة، كما يحلو لبعض الناس أن يفهموا التوحيد في عصور التقهقر

والتبعية.

إنّ «المعرفة النظرية الذهنية الباردة الميتة شيء، والمعرفة الحية التي تنبع

من الوجدان فتنفعل بها النفس كلها، وتعطي تأثيراً معيناً في السلوك الواقعي شيء

آخر، هي ما يطلبه الإسلام بالذات ويستنبته في قلوب المسلمين ليصبحوا ... مسلمين» .

«والحادث الآن في الأجيال القائمة هو هذه الجهالة بالمعنى الحقيقي للا إله

إلا الله.. وصلتها الوثيقة التي لا تنفصم بالحكم بما أنزل الله» .

«وعندما تستقر هذه الحقيقة في الأذهان ينبغي أن تعمل على تحويل حياتنا

كلها لتستقيم على منهج الله في كل شيء: في سياسة الحكم، في سياسة المال، في

سياسة المجتمع..» [6] .

إن المسلم إذا تمكنت عقيدة التوحيد وحقيقة لا إله إلا الله من نفسه لابد أن

يتبرأ من المشركين وما هم عليه.

«إنه لا يستقيم للإنسان إسلام -ولو وحد الله وترك الشرك - إلا بعداوة

المشركين والتصريح لهم بالعداوة [7] ، كما قال تعالى: [لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ

والْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ ورَسُولَهُ] [المجادلة 22] .

وفي الصحيحين:» أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أمرت

أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا

الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم؛ إلا لحق

الإسلام وحسابهم على الله» .

قال أبو بكر - رضى الله عنه-: «إن الزكاة من حقها، والله لو منعوني

عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم على منعه» [8] .

(إن بني حنيفة من أشهر أهل الردة وأعظمهم كفراً وهم مع هذا يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويؤذنون ويصلون …) [9] .

«ولو كانت كلمة لا إله إلا الله مجرد كلمة لقالتها قريش في الجاهلية، إلا

أنها تعلم أن لها مقتضياتها.. فكفار مكة قد علموا مراد النبي - صلى الله عليه ... وسلم - من هذه الكلمة (لا إله إلا الله) فأبوا واستكبروا ولم ينفعهم إيمانهم بأن الله واحد رازق محي مميت (توحيد الربوبية دون توحيد الألوهية) ولما قال لهم النبي: قولوا: لا إله إلا الله، قالوا: [أَجَعَلَ الآلِهَةَ إلَهاً واحِداً إنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ] ... [ص: 5] [10] .

إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عمل على اجتثاث نخوة الجاهلية وتعلق

قلوب العرب بها، في أحاديثه الشريفة، وخطبه الكريمة.. فها هو يضع بعد فتح

مكة كل مآثر الجاهلية تحت قدميه:» ألا كل مأثرة أو مال أو دم فهو تحت ... قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج.. « [11] .

وفي فصل لا إله إلا الله منهج حياة يتحدث المرحوم سيد قطب عن هذا

المفهوم إذ يقول:» ومن ثم تصبح شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله

قاعدة لمنهج كامل تقوم عليه حياة الأمة المسلمة بحذافيرها فلا تقوم هذه الحياة قبل

أن تقوم هذه القاعدة، كما أنها لا تكون حياة إسلامية إذا قامت على غير هذه ... القاعدة « [12] .

[إنِ الحُكْمُ إلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ إيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ] [يوسف: 40] .

إن الإصرار على صفاء التوحيد، ونقاء العقيدة، مع انتزاع رواسب الجاهلية، كان من أهم مقومات التربية المحمدية في دار الأرقم، ومدينة الرسول - صلى

الله عليه وسلم - وما تزال هي الطريق الوحيدة، لكل تربية جادة لا تريد العبث

واللهو والتسول على فتات الشرق والغرب، باسم الإسلام، وضغوط العصر

الحاضر ومدنيته المادية..

ب - الحب في الله والبغض في الله:

لقد تشكل المجتمع الوليد في مكة المكرمة، على أنقاض مجتمع الجاهلية،

واكتملت صورة هذا المجتمع الإسلامي بعد الهجرة إلى المدينة المنورة ...

تشكل مجتمع العقيدة، على الحب بين المؤمنين والأخوة بين المسلمين إن

الحب بين المؤمنين هو الذي كان» يحرك حياة المؤمن كلها.. هو مفتاح التربية

الإسلامية ونقطة ارتكازها ومنطلقها الذي تنطلق «» والأخوة هنا.. حيث لم تكن

هناك - أي في الجاهلية -.. إنها الأخوة.. إنه الترابط الصادق.. كانت الخطوة

الأولى في التربية هي حب الله ورسوله، والخطوة الثانية هي الالتقاء على حب الله

ورسوله «» يلتقي الناس على العقيدة في الله.. لأن كلاً منهم يحب الله ورسوله

فلا تكون ذواتهم بارزة.. إنما يكون الجانب البارز هو الحب.. بل إن الإنسان

المؤمن يحب أن يؤثر أخاه على نفسه.. وذلك من معجزات العقيدة ومعجزات

التربية على العقيدة [ويُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ ولَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ] [الحشر 9] .

«وكان يغيظ قريشاً ويثير عجبها محبة أصحاب محمد لمحمد حتى قال أبو

سفيان:» ما رأيت أحداً يحبه الناس كحب أصحاب محمد محمداً « [13] .

إن هذه المحبة بين المؤمنين من لوازم لا إله إلا الله، والبراء من المشركين

من لوازمها أيضاً [14] .

يقول تعالى: [لا يَتَّخِذِ المُؤْمِنُونَ الكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ ومَن

يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ] [ال عمران: 28] .

وقال - عليه الصلاة والسلام-:» أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله

المعاداة في الله والحب في الله والبغض في الله « [15] .

وما رواه الإمام إحمد عن جرير بن عبد الله البجلي أن رسول الله بايعه على

أن:» تنصح للمسلم وتبرأ من الكافر « [16] .

وفي صحيح البخاري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:» المرء

مع من أحب « [17] .

» إن أصل الموالاة الحب، وأصل المعاداة البغض؛ وينشاً عنهما من أعمال

القلوب والجوارح ما يدخل في حقيقة الموالاة والمعاداة.. كالنصرة والأنس

والمعاونة والجهاد والهجرة ونحو ذلك « [18] .

» ويتضح مما سبق أن الولاء في الله هو محبة الله ونصرة دينه، ومحبة

أوليائه ونصرتهم، والبراء هو البغض لأعداء الله ومجاهدتهم.. « [19] .

إن موالاة المشركين خطيرة، ما كان الجيل الأول يقترب منها، وإن موالاة

المؤمنين ومحبتهم من علامات الإيمان، ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال:

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:» إن الله يقول يوم القيامة: أين

المتحابون بجلالي، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي « [20] .

دعوة الأنبياء:

وهذه هي دعوة الرسل جميعاً، توحيد خالص، كلمة واحدة يرددها كل ... رسول:» لا إله إلا الله اعبدوا الله ما لكم من إله غيره «.

وبراءة خالصة من الشرك في جميع أشكاله. وهذا أبو الأنبياء إبراهيم -

عليه الصلاة والسلام - يتبرأ من عبادة قومه:

[قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إبْرَاهِيمَ والَّذِينَ مَعَهُ إذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إنَّا بُرَآءُ

مِنكُمْ ومِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ] [سورة الممتحنة: 4] .

ولابد أن نتأسى بخاتم الأنبياء والرسل محمد - صلى الله عليه وسلم -: ... [لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ] [الأحزاب: 21] ، فرسول الله وإخوانه

الأنبياء - عليهم أفضل الصلاة والسلام - كانوا نماذج الهدى لجميع الناس في كل

أمر من أمور حياتهم ومماتهم، وأوجب الله طاعتهم واتباع أوامرهم، قال تعالى: ... [ومَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إلاَّ لِيُطَاعَ بِإذْنِ اللَّهِ] [النساء: 64] [21] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015