مجله البيان (صفحة 934)

قراءة فى وجه امرأة شوهاء

قصيدة

قراءة في وجه امرأة شوهاء

د. عبد الرحمن العشماوي

بدتْ بوجهٍ قبيحِ اللونِ محروقٍ وقد علتْ فيه أصواتُ المساحيقِ

وقد جرتْ فيه للأصباغِ معركةٌ عنيفةٌ واعتلى صوتُ (البطاريقِ)

لها فمٌ واسعُ الشدقين تملؤُهُ أسنانُ غُولٍ فلا تسألْ عنِ الرِّيقِ

ولا تَسَلْ عن جبينٍ بارزٍ رسمتْ فيه الخيانةُ تكذيبَ المواثيقِ

ولا تسلْ عن لسانٍ ساءَ منطقُه إذا تحدَّثَ ألغى صرخةَ البُوقِ

فصوتُها غُنَّةٌ شوهاءُ مؤذيةٌ كأنَّها قد أُصيبتْ بالخوانيقِ

رَنَتْ بعينينِ كالثقبينِ قد مُلِئَا غَدْراً، وقد عَانتا من شدةِ الضيقِ

كأنما رُبطتْ أطرافُها، فبدتْ كعَينِ إبليسَ في جفنٍ وفي موقِ

أهدابُها كغصونِ الشوكِ أظهرها فصلُ الخريفِ بلا ريْن وتزويقِ

بيضاءُ، لكنها سوداءُ قاتمةٌ لمَن يراها بعينٍ ذاتِ تدقيقِ

تمشي فتحسَبُ أنّ الخُبْثَ في جسدٍ يمشي أمامك مفتوحَ المغاليقِ

حديثُها كذبٌ محضٌ، حقيقتُه مأخوذةٌ من أباطيلِ الغرانيقِ

تُباع في كلٍّ سوقٍ للضلالِ، فلا تسأل عن التاجرِ الكذابِ والسوقِ

ولا تتسلْ عن دنانيرٍ مزورةٍ وعن عقودٍ جرتْ من غير توثيقِ

وعن سماسرةٍ باعوا ضمائرَهم وذوَّبوا العقلَ في نارِ الأباريقِ

لها على منهجِ التضليلِ هَيْلمَةٌ وهَيْلَمَانٌ، وقولٌ غيرُ موثوقِ

خبيرةٌ في ادعاءِ العدلِ جاهدةٌ في وصْفِ آثارِهِ من غير تطبيقِ

تُبدي خصالاً من الإيمان كاذبةً وفي مشاعرِها إحساسُ زنديقِ

سمعتُ عنها حديثَ العاشقين لها فاستفت عن عاشق لاهٍ ومعشوقِ

أتيتُها فإذا همِّي يحاصرني كأنني طائرٌ في بطنِ صُندوقِ

يا هَمّ قاسمتَني ليلي سلكتَ إلى أعماقِ نفسي طريقاً غيرَ مطروقِ

مَن دَلَّ ركبَك، مَن أعطاكَ تذكرةً على (خطوطِ) الأسى القاسي لتطويقي

مَن هذه المرأةُ الشوْهاءُ، أحسِبُها وقد تراءتْ أمامي، شرَّ مخلوقِ

بدتْ أمامي بسَمْتٍ لا نظيَر له الوجهُ مستحدثٌ والعقلُ إغريقي

أجابني ساخراً مني: أتجهلُها هذي العظيمة ذاتُ الخيلِ والنُّوقِ

هذي التي تتغنى بالسلامِ ولا يهزُّها أن ترى مليونَ مسحوقِ

وتدعي أنها ترعى العبادَ، وكم مُجَنْدَلٍ بين رجليْها ومخنوقِ

هذي التي يعرض الإعلامُ صورتَها فثوبُها أسودُ الأكمامِ والزِّيقِ

وبيتُها أبيضُ الجدرانِ، كم عُقدتْ فيه اللقاءاتُ نقضاً للمواثيقِ

لها جواسيسُها في كل ناحيةٍ فلا تسلْ عن إشاراتٍ وتحديقِ

ولا تسل عن سُؤالاتٍ موجهةٍ إلى الضحايا وأوراقٍ وتحقيقِ

تغزو الفضاءَ غروراً، لا تريدُت به إلا التسابقَ في مَلْءِ الصناديقِ

هذي العظيمة - يا هذا - فألجمني صمتي، وجفَّ لما أدركتُه ريقي

بَرِئتُ منها [ولَن تَرْضَى ... ] [*] تؤكِّدُ لي أنَّ البراءةَ منها فِعلُ صِدِّيقِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015