الصفحة الأخيرة
حسن القارئ
ذكر صديقٌ لي يوماً تجربة مرت به، فقال: (توقفت يوماً أستمع لشريط
حول أزمة الخليج.. والقضية هنا ليست الأزمة.. وانما تجربتي مع الشريط.. لقد
علمت أن المتكلم من اتجاه إسلامي آخر.. ولكن لم يؤثر ذلك فيَّ كثيراً، وإن كان
حماسي لم يعد كما كان في البدء قبل معرفتي لانتماء المحاضر.. (وهي ظاهرة
ينبغي للمسلم مجاهدة نفسه على الحق فيها، لأن الحكمة ضالة المؤمن أنَّى سمعها
أخذها واستفاد منها) .. إلا أنني استمعت إلى الشريط.. وكانت تدور في نفسي
أمور عجبتُ لها.. لقد كنت أستمع بذهن متحفز ناقد أكثر من ذهن مهيأ للتلقي
والاستفادة.. فكنت كلما ذكر أمراً.. قلت في نفسي: هذا أمر ليس فيه جديد!
وذاك أمر كان ينبغي أن لا يقوله بتلك العبارة.. والحديث الذي ذكره في الموضع
الفلاني حديث أظنه ليس بصحيح. وهكذا انتهى الشريط وخرجت بانطباع: أن ما
قاله لم يكن صالحاً بالدرجة الكافية لتبنيه ونشر الآراء التي وردت فيه.. ولأهمية
الأمر سأضرب مثالاً تفصيلياً ورد في الشريط وكان لصاحبنا جولات ذهنية ونفسية
معه.. أورد المحاضر بعض التصريحات والتحليلات جزم صاحبنا حينها أنه قرأها
في مجلة إسلامية صدرت قبل تاريخ كلامه.. يقول صاحبنا: (فقلت مشمئزاً: لِمَ
لَمْ ينسب هذه التحليلات إلى أصحابها.. إن هذا الفعل ليس من الأمانة مطلقاً)
(وكانت المجلة التي يظن صاحبنا أن المحاضر أخذ منها التصريحات والتحليلات
مجلة تمثل اتجاهاً ينتمي إليه أو يتعاطف معه) .. وزاد الأمر سوءاً حينما سمعه وهو
يردد - عقب ذلك - رأياً لأحد المثقفين غير الإسلاميين، ومن ثم ينسب المقالة إليه
باسمه، بل ويضيف أنه أحد المثقفين اليساريين الذين لديهم تمكن في المتابعات
والتحليلات السياسية..
هناك احتمالاً أن المحاضر قد لا يكون كما ظن صاحبنا،.. لكنه لو ثبت أنه
تجاهل ذكر المجلة الإسلامية لأنها تمثل اتجاهاً آخر، ونوه بذكر رأي اليساري
بنسبته إلى صاحبه فقد وقع في ظلم عجيب.