المسلمون في العالم
الذين يتابعون أخبار الجزائر، يتابعونها وأيديهم على قلوبهم، فهم محبون لهذا
البلد المجاهد، ولهذا الشعب الذي يمتلىء حمية إسلامية، وهم خائفون عليه من
المأزق الذي وقع فيه، فالحكومة كانت تريدها نصف ديمقراطية مفصلة على مقاس
معين، فلما اختار الشعب الإسلام بدأت الضغوط العلنية والخفية، الخارجية
والداخلية، لمنع وصول الإسلام إلى موقع القرار. فتأجلت الانتخابات ثم تأجلت
مرة ثانية، والحكومة لا تريد الصدام، كما أن الإسلاميين لا يريدونه، فكلا
الطرفين ليس من مصلحته الوصول إلى الطريق المسدود.
إن من ينادي بالحرية والديمقراطية لا يجوز له أن يحتال على الانتخابات كي
يمنع الآخرين من الوصول، وإذا كانت الحكومة تعلن، وكذلك الغرب الذي
يحرض على الإسلاميين إذا كانوا يؤمنون بحق الشعوب في الاختيار، فلماذا لا
يدعون الانتخابات تسير حسب الأصول المتفق عليها [1] .
وإذا كانوا يخافون من الأصوليين كما يسمونهم، وإذا كانوا قد اتفقوا على
(مواجهة الأصوليين) في مؤتمراتهم المغلقة، فهل يستطيعون مواجهة الإسلام؟
فالمارد الذي خرج لا يستطيعون إرجاعه إلى القمقم، وكان الأولى بهم توفير دماء
شعوبهم إن كانوا يحبون أوطانهم، ويقال لهم كما قالت قريش لعثمان بن الحويرث
عندما أراد أن يتملك عليهم بمساعدة قيصر الروم، قالوا له: (إن مكة حي لقاح؛
لا تدين لملك) [2] ، فيقال لهم: إن هذه الشعوب اختارت الإسلام، وليس هناك رجوع إلى الوراء.
وعلى الإسلاميين تجنب هذا المأزق بالطرق الصحيحة التي لا تنازل فيها ولا
استدراج إلى حلبة الصراع، والقضية أولاً وأخيراً هي: قضية الشعب الجزائري.