سؤال وجواب
عبد العزيز القارئ
ما معنى قول الصحابي: «تعلمنا الإيمان ثم تعلمنا القرآن» ، ما المقصود
بالإيمان هنا؟ وكيف يكون قبل تعلم القرآن؟
حملنا هذا السؤال إلى الدكتور عبد العزيز القارئ، الأستاذ المشارك في
الجامعة الإسلامية، فأجاب مشكوراً:
روى الحاكم والبيهقي عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال:
لقد عشنا برهة من الدهر وإن أحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة
فيتعلم حلالها وحرامها، وأوامرها وزواجرها، وما ينبغي أن يقف عنده منها، ولقد
رأيت رجالاً يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحة الكتاب إلى
خاتمته، لا يدري ما أمره وما زاجره، وما ينبغي أن يقف عنده، ينثره نثر الدقل.
نفهم من هذا الخبر بعضاً من أهم معالم منهج الصحابة في تلقي الدين:
أولاً: لابد من التعلم قبل العمل، فالعلم قبل القول والعمل، هذه قاعدة أساسية
في منهج السلف يكررها علماء هذا المنهج ويؤكدون عليها، وتجدها عنوانا بارزاً
في صحيح البخاري. قد يقول قائل: هل نعطل العمل والدعوة والجهاد حتى نتعلم؟ التعلم نفسه عمل؛ إنه بداية الطريق، ألم تسمع قول النبي -صلى الله عليه
وسلم-: «من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة» ،
فماذا تريد غير الجنة؟ وبداية طريقها العلم، أما إذا غلبتك العجلة، فبدأت الدعوة
والجهاد بغير علم، فإننا نخشى عليك ألا تصل إلى الجنة، نقول هذا ونكرره في
مناسبات كثيرة هذه منها، شفقة على أولئك الذين لم يفهموا المنهج الصحيح، ولا
يحاولون فهمه، إنهم يتعبون الأمة، ولا يخدمون الدعوة، لماذا لا يتعلمون أولاً؟ !.
ثانياً: في عملية التعليم: العقيدة (أولاً) ، وهي التي عبر الصحابي عنها
بالإيمان، وهذا أمر واضح، فالتصورات الأساسية إذا لم تكن صحيحة، فكل ما
سيبنى عليها سيلحق بها، هنا في هذا الحديث يرتب الصحابي على فهم الإيمان فَهمَ
سائر أحكام الدين، كما يرتب العكس على العكس. ثم إننا نتساءل؟ إذا لم تكن
غاية المسلم هي معرفة الله وعبادته فما هي غايته؟ هل هناك هدف أغلى وأهم من
هذا للفرد والجماعة؟ إذا لم نعرف ربنا معرفة صحيحة فما فائدة جهودنا المتراكمة؟
وإذا لم نعبده عبادة صحيحة، فما هي الحكمة من جهادنا؟ لماذا لم يَفرَق بعض
الدعاة إذا ذكرت صفات الله؟ لا يريدون أن يعرفوه؟ ! لماذا يخاف بعض الدعاة
من تعليم الناس توحيد العبادة؟ بل قل: من تعلَّمه؟ ! ألا يريدون أن يعبدوا ربهم؟!
أحسنهم حالاً من بدأ يتعلم القرآن ونسي الإيمان، أي ذهب يتعلم أحكام الدين
في التشريع ونسي الأساس، وهذا كله انحراف عن منهج الصحابة الذي تلقوه من
النبي - صلى الله عليه وسلم-.