الصفحة الأخيرة
عبد القادر حامد
تظهر معادن الشعوب والجماعات على حقيقتها عند الأزمات، حيث يقع
الناس تحت التأثير العام للأزمة ويصطلون بنارها؛ فتنكشف عنهم حجب الرياء
والنفاق، وتتساقط من بينهم جدران التكلف والتملق، ويبدو كل فرد بأخلاقه
الحقيقية وبسلوكه الذي فُطر عليه.
وقد ظهر هذا جلياً في أزمة الخليج واحتلال العراق للكويت، فتبخرت كثير
من الشعارات التى أنفق العرب من عمرهم زمناً طويلاً يرددونها ويتغنون بها، فقد
جعلت هذه الأزمة كثيراً من العرب يكفرون بالعروبة عملياً وإن لاكتها ألسنتهم
نظرياً.
والوحدة العربية كحلم تبخر من ذهن أغلبية شعوب المنطقة التي تعاني المُر
كله من الضغط الداخلي والخارجي، والتضامن الإسلامي على أساس العقيدة
الإسلامية يبحث المرء عن آثاره، ويتشمم في الزوايا أخباره فلا يجد شيئاً! .
ولو تُركت الشعوب تصارع هذه الأزمات المفتعلة بما عندها من مواهب وما
أعطاها الله من إمكانيات لربما ظهرت الأصالة العربية والحمية الإسلامية، ولكن
هيهات وهي لا تتُرك وحدها ولا يخلَّى بينها وبين أعدائها، بل تستمر أجهزة
الإعلام من كل حدب وصوب تثير الأحقاد وتستعدي الشعوب بعضها على بعض،
فتذهب بالبقية الباقية من رصيد الخير الباقي في نفوسها.
من أجل ماذا؟ من أجل قلة قليلة لسان حالها يقول: إذا متُّ ظمآناً فلا نزل
القَطْرُ!