- 1 -
نشرت صحيفة (القدس العربي) بتاريخ 26/6/1990 مقابلة مع المحجوبي
أحرضان وهو سياسي مغربي وعضو في المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الذي
شكلته الحكومة وعندما سأله مندوب الصحيفة عن (اتحاد المغرب العربي) أجاب
على الفور: اتحاد المغرب الكبير، وعندما أعاد عليه أن الاتحاد اسمه اتحاد
المغرب العربي قال: (مازلنا لم نقبل بأن يكون عربياً..، ثم أردف: هناك اتصالات مع القبائل في الجزائر، ولكن من أجل الخير.
- قال مندوب الصحيفة: ولكن هذا يمزق المغرب العربي.
- أجاب أحرضان: بلا شك سنفعلها.. لأننا نريد المحافظة على لغتنا
(البربرية) وعاداتنا.. لماذا تريدون ترك (الأمازيغية) .
- لم تصدروا أي صحيفة بالأمازيغية.
- أصدرنا مجلة ومنعوها.
- لماذا؟
- قالت في إحدى أعدادها: الاستعمار العربي في المغرب فمنعوها..
- استعمار عربي ياسي أحرضان! !)
تعليق:
ليس هناك مسلم يعقل الإسلام يثيرها نعرة عنصرية، وإنما يضع نصب
عينيه: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وأُنثَى وجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا] فهناك شعوب وأجناس كلها ترجع في النهاية إلى أب واحد، وعندما ينعم الله على
شعب بأن يهديه إلى الإسلام تصبح اللغة العربية إن لم نقل هي الوحيدة فهي الأولى
لأنها لغة دينه، قرآنه وسنته، ويعتز بها ويعلمها أولاده، بل هي واجبة عليه،
ونحن نعيذ أي مسلم بربري أو كردي أو هندي أن يأنف من الانتساب لهذه اللغة
لأنها بنظره ذوبان في (العرب) فهذه شعوبية لاشك في ذلك، وإذا كانت النعرة
القومية التي أفسدت الحياة العربية وجدت لها صدى عند بعض العرب وخاصة
عرب المشرق، فقد كان هذا خطأ عولج به خطأ قبله وهو سياسة التتريك التي
اتبعها العثمانيون في آخر أيامهم فأثاروا عليهم أصحاب القوميات الأخرى مما استغله
أعداؤهم الغربيون وكان سبباً في هزيمة الدولة العثمانية ثم انهيارها أخيراً.
ونحن - المسلمين اليوم - يجب أن نقرأ التاريخ ونستفيد من عبره ودروسه
ونقلع عن سياسة التشنج وعلاج الداء بالداء، ونرجع إلى الدين الذي يجمعنا كلنا،
أجناساً مختلفة، واللغة العربية لها المحل الأول، وتراجع الشعوب التي أسلمت عن
اللغة العربية وعودها إلى لغاتها المحلية خطأ يجب أن يصحح بالعودة شيئاً فشيئاً
إلى اللغة التي اختارها الله لكتابه، وإنا نعيذ القبائل في الجزائر، والمغرب أن
تستجيب لمثل هذه النعرات، ولمثل هذه الأحقاد، وليعتقدوا بالشيخ ابن باديس -
رحمه الله- الذي يرجع نسبه إلى عائلة من كبرى العائلات القبائلية الأمازيغية ولكنه
كان من أشد الناس تحمساً لنشر اللغة العربية، لأنها لغة ديننا وقد شرق شعره
وغرب وهو الذي يقول فيه:
شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب
وما يقال عن الإخوة في المغرب والجزائر يقال للأخوة الأكراد وغيرهم، إن
الحل هو الإسلام واللغة العربية وليس إحياء اللغات المحلية، والعادات القديمة
و (لنحافظ على شخصيتنا) كما يقال لهم: نعم الإسلام لا يغير من طبيعة الإنسان
وخصائصه، التي لا تتعارض مع مبادئه الأساسية، فلكل شعب خصائص وعادات، ولكن الذين يرفعون هذه الشعارات إما قوميون يكرهون العرب (جنس العرب)
وإما مخدوعون بهذه الشعارات أو رداً على ما يرفعه العرب من شعارات قومية.
من المؤسف أن دول أوربا وشعوبها تتجه نحو الوحدة، بينما نحن نعيدها قبلية
جاهلية منتنة.
- 2 -
في معرض متابعة الأحداث العالمية وما جرى ويجري فيها من تغيير أذهل
الجميع وكيف تغيرت خارطة العالم السياسية من صراع بين الشرق والغرب وبينهما
(العالم الثالث) إلى انقسام العالم إلى شمال وجنوب، فالدول الصناعية والدول
الأوربية بما فيها روسيا تحاول التقارب والاتحاد، ويبقى العالم الآخر هو عالم
الجنوب بما فيه (العالم الإسلامي) .
كيف ينظر بعض كتاب العرب المشهورين إلى هذه المتغيرات، يبدو أنهم لا
يريدون الاعتراف بالهزيمة، وأن اليسار كله قد انهزم، فالحنين إلى العلاقات
(العربية - السوفيتية) لا يزال يراود أحلامهم، مع أن روسيا تقول بواقع الحال: لا
تحرجوني أمام الغرب. فأنا في شغل عنكم الآن.
كتب الدكتور محمد عابد الجابري في الصفحة الأخيرة من (اليوم السابع) 25/
6 /90: (هل نحكم على العلاقات العربية السوفييتية بالذوبان في ... بحر علاقات (الشمال) بـ (الجنوب) ، إن هذا المشهد البسيط والمخيف يقوم على اختزال أشياء كثيرة، وإغفال معطيات هامة إن نحن أخذناها بعين الاعتبار وجدنا أنفسنا أمام مجال لتطوير العلاقات العربية - السوفياتية) .
أما قسطنطين زريق فيدعو في مقال له في (الحياة) 6/7/90 إلى الاستفادة من
النواحي الايجابية للعقيدة الشيوعية، وأن الرؤية الشيوعية فيها من الشمولية، ومبدأ
المساواة ضمن المجتمع الواحد، وأن ما وقع في الاتحاد السوفييتي ما هو إلا قصور
في التطبيق والأخذ بجانب وإهمال الجوانب الأخرى.
ويدعو في نهاية المقال إلى (الاستفادة من خبرة الاتحاد السوفييتي وخاصة في
مجال التاريخ الإنساني الشامل) .
لاشك أنها حشرجة الموت عند هؤلاء الذين يدعوننا للاستفادة من خبرة روسيا، وهي التي تريد إزاحة كل هذه التركة الثقيلة عن كاهلها، ولا نقول هذا الكلام
لحساب الرأسمالية الغربية فهي أيضاً الوجه الآخر للمادية الأوربية الاستعمارية،
ولكنها تحمل بعض عناصر البقاء والمقاومة أكثر من الشيوعية.
مساكين هؤلاء الكتاب (وأمثالهم كثير) إنهم لا يملكون الشجاعة للاعتراف
بالحق، إنهم يراوغون ويدورون حول مفاهيمهم السابقة، ونحن نقول لهم ليس
هناك حق إلا الإسلام.