إعداد: د. محمد هلَيِّل
إذا كان الحليب هو الغذاء الوحيد للمولود الرضيع، فإن حليب الأم كان
المصدر لهذه التغذية، وإذا لم يكن من الأم كان من إحدى الجارات أو القريبات، إذا
لم تتمكن الأم من إرضاعه، وكان العرب وقريش خاصة يرسلون أولادهم للبادية
يلتمسون المراضع، فالحليب هو المصدر الرئيسي للتغذية سواء كان من الأم أو من
امرأة أخرى، ولكن مع غزو حضارة الغرب لنا بكل ما فيها، أخذ الكثير من النساء
بالتخلي عن هذا الواجب وبخلن على فلذات أكبادهن بحليبهن، واستبدلن حليب
البقر المعدل بحليب الأم الطبيعي، دون أن يكون هناك داع طبي.
ففي دراسة أجريت على 340 امرأة مرضعة في إحدى دول الخليج العربي: ...
خلص طبيبان مسلمان إلى نتيجة تقض المضجع، وهي: أنه كلما ازداد دخل
الأسرة كلما قل إقبال الأم على إرضاع وليدها منها، وأنه كلما ازداد مستوى التعليم
للأمهات كلما قلت نسبة إرضاعهن لأطفالهن رضاعة طبيعية، إن المرء يتوقع أن
يزداد الإقبال على الرضاعة الطبيعية كلما انتشر التعليم بين النساء لا العكس،
ولكن هذه هي إحدى نتائج الحضارة الوافدة على الصغار الرضع.
إن البدائل الأخرى لحليب الأم يجب ألا يُلجأ إليها إلا عند وجود ضرورة
يحددها الطبيب، كإصابة الأم ببعض الأمراض التي تحول دون الرضاعة، أو
تناول بعض الأدوية التي تحتم إيقاف الرضاعة، أو عدم اكتفاء الرضيع أو التوأمين
بحليب الأم، أو غير ذلك، على ألا تستخدم هذه البدائل دون داع طبي، كأن تمتنع
الأم عن إرضاع طفلها رغبة منها بالمحافظة على رشاقتها! أو لاقتناعها أن
إرضاعها طفلها منها هي عادة بالية في عصر التقدم.
في الوقت الذي انساق فيه كثير من الأمهات وراء وسائل الدعاية المختلفة،
وخلال تقليدهن الجارف للغرب باستعمال بدائل لحليب الأم، نجد - وللإنصاف -
أن بعضاً من الأمهات مازلن يحرصن أشد الحرص على إرضاع أطفالهن منهن.
ولئن كان نساء الأمم الأخرى يرضعن أطفالهن منهن كعادة موروثة، فإنه
بالنسبة للمرأة المسلمة واجبٌ دينيٌّ وعبادة تثاب عليها، وصدق الله إذ يقول:
[والْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ] .