مجله البيان (صفحة 5869)

عندما يحال بين المرء وقلبه

طه بن حسين بافضل

المرء بقلبه لا بجسده ومنظره؛ حقيقةٌ مهمة ينبغي للإنسان أن يتفطن لها ولا يغفلها أو يغضَّ الطرف عنها أو يتجاوزها، يقول -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم» (?) ، ولذا فقد جاء ذكر لفظ (القلب) في القرآن أكثر من مائة مرة، ناهيكَ عن مرادفات (القلب) من (الصدر) و (الفؤاد) ، ولهذا جاءت الشريعة بمخاطبة هذا الجزء المهم خطاباً يتواكب مع كل حدث يمرُّ به المرء، ومع كل قضية تقابله، أو معضلة ومصيبة تواجهه. وها هو ـ تبارك وتعالى ـ يعلن لعباده المؤمنين في «جملة تُعدّ من أعجب جمل القرآن» (?) : {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [الأنفال: 24] ، «إذ إن من سنن الله في البشر الحيلولة بين المرء وقلبه الذي هو مركز الوجدان والإدراك ذو السلطان على إراداته وعمله، وهذا أخوف ما يخافه المتقي على نفسه إذا غفل عنها وفرَّط في جنب ربه، كما أنه أرجى ما يرجوه المسرف عليها إذا لم ييأس من روح الله فيها» (?) ، كما أن هذه الجملة أيضاً «أبلغ جُمل القرآن وأجمعها لحقائق علم النفس البشرية وعلم الصفات الربانية وعلم التربية الدينية التي تعرف وقائعها بما تثمره من الخوف والرجاء» (?) .

ولعلِّي في هذه المقالة أحاول الغوص في إشراقات هذه الآية ومقاصدها وفوائدها؛ رغبةً في الوصول إلى فهم يؤثر في سلوكياتنا ونيّاتنا وأعمالنا؛ ليرتقي ويسمو بها إن شاء الله.

أولاً: ماهية القلب:

القلب عند أهل اللغة: «تحويل الشيء عن موضعه، يقال: قَلَبه يَقْلِبُه قَلْباً، وقلَّبه أي: حوله ظهراً لبطن، وتقلّب الشيء ظهراً لبطن.

قال الشاعر:

وما سُمِّي القلب إلا مِنْ تقلُّبه والرأي يصرف بالإنسان أطوارا» (?)

وقال آخر:

ما سُمِّي القلب إلا مِنْ تقلُّبه فاحذر على القلب من قلب وتحويل

وعندما يطلق اللفظ فإنه يتناوله صنفان من الناس، فكل صنف يعرِّفُه بطريقته:

الصنف الأول: الأطباء، ويقولون: إنه عضو عضلي أجوف يقع في منتصف التجويف الصدري تقريباً. أو هو المضخة التي تضخ الدم من بداية تشكّل الجنين وحتى وفاة الإنسان دون توقف من ليل أو نهار بما يعادل سبعة آلاف ومئتي لترٍ من الدم يومياً إلى كل خلية في الجسم عبر شبكة معقدة طويلة من الشرايين والأوردة والشعيرات الدموية التي يبلغ طولها آلاف الكيلومترات.

الصنف الثاني: العلماء والفقهاء والعارفون بأحوال القلوب، وقد قالوا: «هو لطيفة ربانية روحانية لها تعلّق بالقلب الذي عرّفْناه آنفاً» (?) .

وفرّق بعضهم فجعل الأول القلب العضلي والثاني القلب المعنوي.

خلاصة الأمر: إن تحقيق الأمر في تعريف القلب هو من قبيل تحقيق عن السر الذي لم يفصح عنه ربنا ـ جلّ وعلا ـ ولا نبيه المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، وهو الأجدر بالاعتماد، وما ذكرته ما هو إلا تقريب للمعنى.

ثانياً: القلب هو الأصل وهو المَلِك:

ينبغي أن نعلم أنَّ «القلب هو الأصل في جميع الأقوال والأفعال؛ فما أمر به الله من الأفعال الظاهرة فلا بد فيه من معرفة القلب وقصده، وما أمر به من الأقوال كذلك، والمنهي عنه من الأقوال والأفعال إنما يعاقب عليه إذا كان بقصد القلب» (?) . وهو «المَلِك الذي تصدر الأقوال والأفعال عنه، فإذا لم يعلم ما يقول لم يكن ذلك صادراً عن القلب بل يجري مجرى اللَّغْو، والشارع لم يرتِّب المؤاخذة إلا على ما كسبه القلب من الأقوال والأفعال كما قال ـ تعالى ـ: {وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: 225] » (?) .

ولما كان الأمر كذلك فإن الأنبياء والعلماء والصالحين جعلوا له مكانة مرموقة ودرجة عالية من الاهتمام والعناية، يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ: «ولما كان هذا القلب لهذه الأعضاء كالمَلِك المتصرّف في الجنود التي تصدر كلها عن أمره ويستعملها فيما شاء فكلها تحت عبوديته وقهره، وتكتسب منه الاستعانة والزيغ، وتتبعه فيما يعقده من العزم ويحله؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله» (?) «فهو ملكها وهي المنفِّذة لما يأمرها به، القابلة لما يأتيها من هدايته، ولا يستقيم لها شيء من أعمالها حتى تصدر عن قصده، وهو المسؤول عنها كلها؛ لأن كل راعٍ مسؤول عن رعيته، كان الاهتمام بتصحيحه وتسديده أولى ما اعتمد عليه السالكون والنظر في أمراضه وعلاجها أهم ما تنسك به الناسكون» (?) . وقال أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ: «القلب مَلِك والأعضاء جنوده، فإذا طاب المَلِك طابت جنوده، وإذا خبث خبثت جنوده» (?) .

ثالثاً: التلازم بين القلب والجوارح:

هذه الآية دليل واضح لهذا التلازم المهم والمؤثر في حياة الإنسان وعلاقته بربه وخالقه، إذ لن يصلح القلب (المَلِك) إلا إذا صلحت جنوده (أعضاء الجسم) ، ولن تصلح الجنود إلا بصلاح المَلِك، فيجب على المرء أن يستجيب لأمر الله، وينتهي عمّا نهى الله عنه وزجر، وبذلك يستقيم هذا المَلِك، فتصبح أوامره للجوارح صحيحة، ومن ثم تكون النتائج صحيحة، فالجنود يجب عليهم تنفيذ الأوامر بل الاستبشار بها، والاستجابة لها والمبادرة السريعة لتنفيذها، فإن حصل ذلك تمكّن هذا المَلِك في ملكه، وتعزّز وضعه، وثبت على عرشه، وكان جديراً له أن يحكم الرعية ويسوسها بحكم عادل ثابت بعيداً عن الزيغ والضلال والانحراف؛ «وإذا قام بالقلب التصديق به ـ أي: الله عز وجل ـ والمحبة له لزم ضرورةً أن يتحرك البدن بموجب ذلك من الأقوال الظاهرة والأعمال الظاهرة؛ فما يظهر على البدن من الأقوال والأعمال هو موجب ما في القلب ولازمُه ودليله ومعلوله، كما أن ما يقوم بالبدن من الأقوال والأعمال له ـ أيضاً ـ تأثير فيما في القلب، فكل منهما يؤثر في الآخر، لكن القلب هو الأصل والبدن فرع له، والفرع يستمد من أصله، والأصل يثبت ويقوى بفرعه» (?) .

«إنَّ ما يقوم بالقلب من تصديق وحب لله ورسوله وتعظيم، لا بد أن يظهر على الجوارح، وكذلك بالعكس، ولهذا يستدل بانتفاء اللازم الظاهر على انتفاء الملزوم الباطن، كما في الحديث الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد، ألا وهي القلب» ، وكما قال الفاروق عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ: لمن رآه يعبث في الصلاة: (لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه) ... فإن الإرادة التي في القلب مع القدرة توجب فعل المراد» (?) ، فالجوارح وإن كانت تابعة للقلب فقد يتأثر القلب ـ وإن كان رئيسها وملكها ـ بأعمالها؛ للارتباط الذي بين الظاهر والباطن، قال -صلى الله عليه وسلم-: «إن الرجل ليصدق فتنكت في قلبه نكتة بيضاء، وإن الرجل ليكذب الكذبة فيسودّ قلبه» (?) ، فمثلاً: الإيمان له ظاهر وباطن، وظاهره: قول اللسان وعمل الجوارح، وباطنه: تصديق القلب وانقياده ومحبته، فلا ينفع ظاهر لا باطن له وإن حقن به الدماء وعصم به المال والذرية، ولا يجزئ باطن لا ظاهر له إلا إذا تعذر بعجز أو إكراه وخوف هلاك، فتخلُّف العمل ظاهراً مع عدم المانع دليلٌ على فساد الباطن وخلوّه من الإيمان، ونقصه دليل نقصه، وقوته دليل قوته، فالإيمان قلب الإسلام ولبّه، واليقين قلب الإيمان ولبّه، وكل علم وعمل لا يزيد الإيمانَ واليقينَ قوةً فمدخول، وكل إيمان لا يبعث على العمل فمدخول» (?) .

وتأكيداً على هذه المسألة المهمة آتي بمثال يوضحها أكثر، حيث إنه: «لا يصرُّ على ترك الصلاة إصراراً مستمراً من يصدق بأن الله أمر بها أصلاً، فإنه يستحيل في العادة والطبيعة أن يكون الرجل مصدقاً تصديقاً جازماً أن الله فرض عليه كل يوم وليلة خمس صلوات وأنه يعاقبه على تركها أشد العقاب، وهو مع ذلك مصرٌّ على تركها، هذا من المستحيل قطعاً، فلا يحافظ على تركها مصدق بفرضها أبداً، فإن الإيمان يأمر صاحبه بها، فحيث لم يكن في قلبه ما يأمر بها فليس في قلبه شيء من الإيمان، ولا تصغِ إلى كلام من ليس له خبرة ولا علم بأحكام القلوب وأعمالها. وتأمّل في الطبيعة بأن يقوم بقلب العبد إيمان بالوعد والوعيد والجنة والنار وأن الله فرض عليه الصلاة وأن الله يعاقبه معاقبة على تركها، وهو محافظ على الترك في صحته وعافيته وعدم الموانع المانعة له من الفعل، وهذا القدر هو الذي خفي على من جعل الإيمان مجرد التصديق وإن لم يقارنه فعل واجب ولا ترك محرم، وهذا من أمحل المحال أن يقوم بقلب العبد إيمان جازم لا يتقاضاه فعل طاعة ولا ترك معصية» (?) .

والكلام في هذا الباب يطول، ومقصودي أن ذكر الآية للمرء بما فيه من جوارح تنقاد بالضرورة لمَلِكها (القلب) وما فيه من أعمال؛ فهذه الحيلولة ما حصلت إلا لوجود هذا التلازم العظيم والمهم والذي يثبت قواعد راسخة لمسألة تعاطي الإيمان وترجمة مدّعيه عملاً حقيقياً في أرض الواقع.

رابعاً: التحذير من الحيلولة بين المرء وقلبه:

المتأمِّل الآية الكريمة ـ التي هي محور مقالنا هذا ـ والعالِم بوقت نزولها والحادثة التي نزلت فيها يستشفُّ مدى عظمتها ومكانتها. لقد نزلت هذه الآية في السنة الثانية من الهجرة وفي سياق الحديث عن معركة بدر في سورة الأنفال، السورة التي بيّنت وقائع مهمة من أحداث المعركة. ولعلِّي ألخّص عدداً من الفوائد التي قدّمتْها لنا هذه الآية فيما يتعلق بالباب الذي نحن بصدده:

1 ـ ينادي ربنا ـ جلّ في علاه ـ الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ بوجوب الاستجابة له ـ سبحانه ـ ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-، فإن لم يحصل ذلك منهم فإنه قادر على أن يحول بين المرء وبين قلبه، فكأن هذا تحذير لهذه العصابة المؤمنة المبتدئة والحديثة العهد بالتبعات الإيمانية من مغبّة الاستهتار والغفلة عن مقتضيات الإسلام والإيمان، فكما أدخل وكتب ـ سبحانه وتعالى ـ الإيمان في القلب فإنه قادر أن يمنع استمراره فيه وثباته عليه، إنه «يخبرهم ويعلمهم أنه أملك لقلوب عباده منهم، وأنه يحول بينهم وبينها إذا شاء حتى لا يقدر ذو قلب أن يدرك به شيئاً من إيمان أو كفر، أو أن يعيَ به شيئاً، أو أن يفهم إلاَّ بإذنه ومشيئته. وذلك أن الحول بين الشيء والشيء إنما هو الحجز بينهما، وإذا حجز ـ جلّ ثناؤه ـ بين عبد وقلبه في شيء أن يدركه أو يفهمه، لم يكن للعبد إلى إدراك ما قد منع الله قلبه إدراكَه سبيلٌ» (?) .

2 ـ أنه خطاب ونداء مهمّ للصحابة ـ رضي الله عنهم ـ في تلك المرحلة خصوصاً، وللأمة عموماً في كل مرحلة تمرّ بها؛ من رخاء وشدة وعُسْر ويُسْر وبَأْساء وضرّاء، بأن يلتفتوا إلى قلوبهم فيعزّزوها بالاستجابة السريعة والمساعي الحثيثة لتنفيذ ما يريده الله، وتحكيم شريعته بينهم، لتحيا أجسادهم حياة كريمة طيبة وعزيزة، بعيدة عن الذلّة والمهانة في الدنيا والآخرة؛ «فالحياة الحقيقية الطيبة هي حياة من استجاب لله والرسول ظاهراً وباطناً، فهؤلاء هم الأحياء وإن ماتوا، وغيرهم أموات وإن كانوا أحياء الأبدان، ولهذا كان أكمل الناس حياة أكملهم استجابة لدعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فإن كل ما دعا إليه ففيه الحياة، فمَنْ فاته جزء منه فاته جزء من الحياة، وفيه من الحياة بحسب ما استجاب للرسول -صلى الله عليه وسلم-» (?) ، فاستجابة القلب وإذعانه لخالقه ومولاه أعظم السبيل لحياته وسلامته؛ ذلك أن الله ـ جل جلاله، وتقدّست أسماؤه وصفاته ـ متمكنٌ من قلوب العباد كيف يشاء بما لا يقدر عليها صاحبها؛ فيفسخ عزائمه ويغير مقاصده ويلهمه رشده ويزيغ عن الصراط السويّ قلبه ويبدله بالأمن خوفاً وبالذكر نسياناً، وذلك كمن حالَ بين شخص ومتاعه، فإنه القادر على التصرف فيه بدونه» (?) .

3 ـ وليس معنى ذلك أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ يفعل ذلك ظلماً وعدواناً بقلوب عباده، بل إن فعله ـ تبارك وتعالى ـ عدلٌ فيمن حادَ وضلَّ عن الصراط المستقيم وأعرض عن الهداية والاستقامة، أما من كان مستجيباً ومستقيماً فإنه ـ عزَّ وجلَّ ـ أخبر أنه لولا استغفار عباده ورجوعهم إليه لعذَّبهم وأهلكهم في الدنيا قبل الآخرة، قال ـ تعالى ـ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: 33] ، وقال ـ سبحانه ـ: {وَأَنِيبُوا إلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ} [الزمر: 54] ، فالمقدمات الصادقة الصحيحة لا تولد إلا نتائج صادقة صحيحة، فمتى ما تحققت الاستقامة والاستجابة تحققت الحياة الطيبة الكريمة وتحقق ثبات القلب واستقامته، ولهذا فالله ـ سبحانه ـ يحول بين الكافر وبين الإيمان «وهكذا فعل بفرعون، منعه من الإيمان جزاء على تركه الإيمان أولاً؛ فدسّ الطين في فم فرعون من جنس الطبع والختم على القلب ومنع الإيمان وصون الكافر عنه، وذلك جزاءً على كفره السابق» (?) .

4 ـ إن حياة القلب واطمئنانه وثباته واستقامته إنما تكون بالامتثال والالتزام بأوامر الله والاقتداء بهدي نبيه -صلى الله عليه وسلم- والانتهاء والابتعاد عن نواهيه، فإن لم يحصل ذلك فإن الله ـ جلَّ جلاله ـ «يحول بين العبد وبين قلبه، فيعلم هل استجاب له قلبه؟ وهل أضمر ذلك؟ أو أضمر خلافه؟» (?) ؛ حينها يجعل ـ سبحانه وتعالى ـ المرء لا يملك قلبه الذي بين جنبيه، ولا يستطيع بأيِّ حال من الأحوال أن يقوده إلى ما يريد، بل إن هذا القلب تنقلب عليه الأمور رأساً على عقب، وتختلط عنده الموازين، وتهتزّ أرضه من تحته، وتسقط قواعده وأركانه، ويخرّ السقف عليه من فوقه، ويصبح كالبيت الخرب ليس فيه قرار ولا مأوى، والأسوأ أن يكون عشّاً تعشعش فيه الشياطين، فلا الإيمان فيه يقوم ولا الإسلام إليه يروم. وحدِّث ولا حرج عن قلب كهذا يقود جوارح الإنسان، فإنه ولا شك يرديها ويوبقها ويسوقها إلى حتفها وسوء مأواها، وبئس القرار والمأوى، نسأل الله العفو والعافية.

خامساً: صور من الحيلولة:

لا تحدث الحيلولة بين المرء وقلبه دفعة واحدة أو فجأة، بل ينبغي أن تحدث بعد عدد من المراحل والخطوات يسلكها المرء في لحظات من الغفلة والاستهانة بسنن الله في خلقه حيناً، ومن الإعراض والإصرار على الخطأ والذنب حيناً آخر، ودعني أوضِّح المقال بالأمثلة:

- هذا الملتزِم حديث عهد بالتزام تجده في خطوات التزامه الأولى مجتهداً في ظاهره بطاعة ربه، ملتزماً بهدي نبيه -صلى الله عليه وسلم-، خاشعاً في صلاته وقراءته القرآن، محباً للخير فعّالاً له، سبّاقاً لفعل المعروف والأمر به، نهًّاءً عن المنكر، ثابتاً على المبادئ والقيم التي ترسخت في قلبه وعقله، وبما أن الطريق طويل والابتلاءات والمطبّات كثيرة، والعقبات في وجه التزامه تتوالى؛ يحصل له فتورٌ وكسلٌ، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ثم إن لكل عمل شرة، وإن لكل شرة فترة.. الحديث» (?) .

نجد أن هذا الملتزِم ـ كما يقال ـ يبدأ يتهاون شيئاً فشيئاً بعد أن كان ملتزِماً، ويقصر عن الذي كان له محافظاً، ويتأخر كثيراً عن الذي كان له مشمِّراً، ويبدأ الشيطان يزيِّن له المعصية وإن صغرت، ويحلّيها فيقع فيها بنظرة أو كلام أو سماع أو تناول محرّم، فإن عاد واستغفر فإنما هي عودةُ متردّدٍ وإذا به يرتادها بين الفينة والأخرى، ناهيكَ أن يكون عاشقاً أو مغرماً بجمال امرأة أو أمرد كلما عرضت له صورة أحدهما في تلفاز أو أمام عينه مباشرة، كل ذلك وقلبه تُنكت فيه نكت المعاصي والذنوب وهو لا يحس! ويخلط العمل الصالح بالعمل السيِّئ، فربما تجده في زمرة الطيبين، في مجالسهم ومنتدياتهم ومحاضراتهم وندواتهم وشتى أعمالهم، وشتّان بينه وبينهم! فقلبه حينئذ بدأ وكأنه يودع صاحبه في سلّم طائرة الشيطان والأخ كأعمى لا يبصر تلويح الوداع، حينها تكون الحيلولة، فيلتفت يمنة ويسرة فإذا الخشوع قد ولّى، وإذا الرقّة واللين قد غابا وتلاشا كلاهما فلم يبقَ له إلا القسوة والحسرة، فهذا الأمر لم يكن إلا بعد خطوات شيطانية لم ينتبه المسكين إليها، فيستيقظ من غفلته ويحافظ على قلبه بالأَوْبة الصادقة والتوبة النصوح والمحاسبة الدائمة مع استجابة مستمرة لا تنقطع لأمر الله ونهيه، واقتداء متواصل بهدي رسوله -صلى الله عليه وسلم-، حتى يبقى قلبه متلألئاً نيِّراً كأنما علِّق على صدره سراج وهّاج يضيء له الطريق حتى يحذر بنياته المهلكة.

- كما أن العالم أو الداعية أو الواعظ تعرض لهم هذه الحيلولة فمستقل أوّابٌ إلى ربه، ومستكثرٌ يزلُّ فيزلّ به العالَم ويُمحى ذكرهُ بعد أن كان منشوراً بين الخلائق، فمنهم من لم يطلب العلم إلا ليقال: العالم الفلاني، ومنهم الداعية النشط في الدعوة والواعظ الخطيب المفوّه الذي يهزّ أعواد المنابر وتجتمع له الناس مصغية متأثرة وما ذلك إلا ليُمدح وتنشر له دواوين الثناء في الآفاق، وفي ذلك يقول ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ: «فالعالم منهم يغضب إن ردَّ عليه خطؤه، والواعظ متصنّع بوعظه، والمتزهد منافق أو مراءٍ. فأول عقوباتهم إعراضهم عن الحق شُغلاً بالخَلْق. ومن خفيِّ عقوباتهم سلب حلاوة المناجاة، ولذة التعبد» (?) . ثم يقول: «إن من العلماء من شغلهم العلم عن الكسب، فاحتاجوا إلى ما لا بد منه، وقلَّ الصبر فدخلوا مداخل شانتْهم وإن تأولوا فيها، إلا أن غيرها كان أحسن لهم؛ فالزهري مع عبد المَلِك، وأبو عبيدة مع طاهر بن الحسين، وابن أبي الدنيا مؤدب المعتضد، وابن قتيبة صدَّر كتابه بمدح الوزير. وما زال حِلفٌ من العلماء والزهاد يعيشون في ظل جماعة من المعروفين بالظلم، وهؤلاء وإن كانوا سلكوا طريقاً من التأويل فإنهم فقدوا من قلوبهم وكمال دينهم أكثر مما نالوا من الدنيا» (?) .

قلت: هذا كلام ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ في قوم قد سبقوه، فكيف لو رأى حالنا وزماننا لكتبَ مجلدات من كثرة ما سيصطاده خاطره! لقد حيل بينهم وبين قلوبهم حتى سرحت مع المركب الهنيّ والفراش الوطيء وسعي للنعيم والراحة بعيداً عن مواطن الأذى والتضييق، حتى تغيرت المواقف واهتزت الثوابت وانقلبت إلى متغيرات بين عشية وضحاها!

ولست أعمّم هنا، فلا زالت الأمّة تمتلك علماء كُثُر أجلاء أكابر تفتخر بهم وبجهودهم، ودعاة ينافحون لأجل تبليغ دعوة الله، والذّود عن شريعته، وإن اختلفت مذاهبهم ومواقفهم، إلا أنهم لا زالوا صِمَام أمان لأمّتهم، ولا زالت أمّتهم تكنّ لهم محبة واحتراماً وتوقيراً، وما ذلك إلا لصدقهم واستقامتهم، كأنهم عود هندي طُرح على مجمر ففاح طيبهم فاستنشقتهم الخلائق ومدحتهم الألسن ورُفعت الأكفُّ ابتهالاً إلى المولى أن يحفظهم ويسدد خطاهم، هكذا أحسبهم، والله حسيبهم، ولا أزكي على الله أحداً.

سادساً: الأسباب الشرعية للوقاية من الحيلولة:

لقد نبَّه النبي -صلى الله عليه وسلم- على أهمية العناية بالقلب وأعماله في كثير من المواضع؛ ليُعلِّم الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ أن لا يركنوا إلى أعمالهم وطاعاتهم ويعتقدوا أن النجاة بسببها، بل يتعاهدوا قلوبهم ويحافظوا على سلامتها وصفائها من الزيغ والانحراف، فإذا أصابتهم الشدائد والابتلاءات كانوا أسرع أَوْبة واستجابة لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-، فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: «دعواتٌ كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو بها: يا مقلِّب القلوب ثبِّتْ قلبي على دينك، قالت: فقلت: يا رسول الله! إنك تكثر أن تدعو بهذا الدعاء، فقال: إن قلب الآدمي بين أصبعين من أصابع الله فإذا شاء أزاغه وإذا شاء أقامه» (?) . وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: «كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكثر أن يقول: يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلبي على دينك، قال: فقلنا: يا رسول الله! آمنا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا؟ قال: نعم؛ إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلِّبها» (?) .

وعن النواس بن سمعان الكلابي ـ رضي الله عنه ـ يقول: «سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ما من قلب إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن رب العالمين، إذا شاء أن يقيمه أقامه، وإذا شاء أن يزيغه أزاغه. وكان يقول: يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلبي على دينك، قال: والميزان بيد الرحمن يخفضه ويرفعه» (?) .

وعن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ: «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يكثر في دعائه يقول: اللهم مقلِّب القلوب ثبِّت قلبي على دينك، قالت: فقلت: يا رسول الله! أو إن القلوب لتقلّب؟ قال: نعم؛ ما خلق الله من بشر من بني آدم إلا أن قلبه بين أصبعين من أصابع الله ـ عزَّ وجلَّ ـ فإن شاء أقامه وإن شاء أزاغه، فنسأله ربنا أن لا يزغ قلوبنا بعد إذ هدانا، ونسأله أن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب، قالت: فقلت: يا رسول الله! ألا تعلّمني دعوة أدعو بها لنفسي، قال: بلى؛ قولي: اللهم ربّ النبي محمد! اغفر لي ذنبي، وأذهب غيظ قلبي، وأجرني من مضلات الفتن ما أحييتني» (?) .

«لقد كان -صلى الله عليه وسلم- يكثر من هذا الدعاء وهو رسول الله المعصوم، فكيف بالناس وهم غير مرسلين ولا معصومين؟» (?) .

هذا الإكثار والتكرار النبوي في دعائه -صلى الله عليه وسلم- ربَّه بثبات قلبه على الدين يثمر لنا عدداً من الفوائد:

- منها: ما سُمِّي القلب إلا لتقلّبه، كما وصفه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَثَلُ القلبِ مثل الريشة تقلبها الرياحُ بفَلاة» (?) . وهذه الميزة حريٌّ بنا أن ننتبه لها، فهنا يصوّر لنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- القلب، وأنه لخفّته تماماً مثل الريشة التي تؤثر فيها أقل النسمات فتغيّر اتجاهها، فهذا القلب الأصل فيه أنه ليس بثابت على حالة واحدة لا يتأثر بما يعرض عليه، بل إنه يتفاعل مع أبسط الأشياء؛ كنظرة وكلمة وربما همسة..، ناهيكَ عن التأثر العضوي لمضغة اللحم والتأثيرات المتعددة عليه، لذلك فهو بحاجة ماسّة للمدد والعون الإلهي، وبحاجة إلى الرجوع إلى صانعه، فهو أعلم بحاله وما يصلحه أو يفسده، إذ هو صنعته التي صنعها وأبدع فيها.

- ومنها: أنه -صلى الله عليه وسلم- ركّز في دعائه على أهمية ثبات القلب على الدين وعلى الطاعة، وهي معانٍ مترادفة توحي إلى أن القلب لا يصلحه إلا الدين وطاعة الخالق ـ سبحانه وتعالى ـ، ألم يقل ربنا ـ تبارك وتعالى ـ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28] ؟؟ ولا يطمئنه ويسكنه إلا ذكر الله ـ عزّ وجل ـ، فإن «ذكر الله يُخامر قلب المؤمن عندما يزله الشيطان إلى ذنب يرتكبه في جنب الله.. إنه لا يبقى في وهدته التي انزلق إليها، إنه لا يبقى في سقطته التي جرّه الشيطان عندها، إنه يذكر أن له ربّاً يغفر الذنب، ويقبل التوب.. ولذلك فهو ينهض من كبوته، ويطهِّر نفسه، ويعود إلى ربه، ويستأنف الطريق إليه، كما قال الله ـ تعالى ـ: {وَالَّذِينَ إذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135] » (?) .

- ومنها: «سلوك طريق التواضع وإظهار العبودية وإلزام خوف الله وإعظامه والافتقار إليه وامتثال أمره في الرغبة إليه، ولا يمتنع تكرار الطلب مع تحقق الإجابة؛ لأن ذلك يحصل الحسنات ويرفع الدرجات، وفيه تحريض لأمته على ملازمة ذلك؛ لأنه إذا كان مع تحقق المغفرة لا يترك التضرع فمن لم يتحقق ذلك أحرى بالملازمة» (?) ، كما تعلِّمنا الآية أن لا نأمن من مكر الله ـ عزَّ وجلَّ ـ فنغترّ بطاعاتنا ونعجب بأنفسنا، وبالمقابل أن لا ييأس العاصي والمقصر من روح الله فيسترسل في اتباع هواه حتى تحيط به خطاياه، ومن كان هذه حاله جدير أن يراقب الله ويحاسب نفسه على خواطره وهفواته.

- ومنها: هذا الإكثار النبوي يقابله ما كان يدعو -صلى الله عليه وسلم- ويُعلِّم صحابته ـ رضي الله عنهم ـ أن يأتوا به في الصلاة، ألا وهو الاستعاذة من الفتن وأنواعها، فعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعلِّمنا هذا الدعاء كما يعلِّمنا السورة من القرآن: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات» (?) .

وعن زيد بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ: «إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا لدعوتُ الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه، تعوّذوا بالله من عذاب النار، تعوّذوا بالله من عذاب القبر، تعوّذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، تعوّذوا بالله من فتنة الدجال» (?) ؛ ذلك لأن الفتن أول ما يتأثر بها القلب، فعن حذيفة ـ رضي الله عنه ـ قال: «سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: تُعْرَضُ الفتن على القلوب كالحصير عُوداً عُوداً، فأي قلب أُشْرِبَهَا نُكِتَ فيه نُكْتَةٌ سوداءُ، وأي قلب أنكرها نُكِتَ فيه نُكْتَةٌ بيضاء، حتى تصير على قلبين، على أبيض مثل الصفا فلا تضرهُ فتنةٌ ما دامت السماوات والأرض، والآخرُ أسود مُرْبَادّاً كَالْكُوزِ مُجَخِّياً، لا يعرف معروفاً ولا ينكرُ منكراً إلا ما أُشْرِبَ من هواه» (?) ، «فالقلب الذي لا تردّه الشدة إلى الله قلب متحجر، فلم تعد فيه نداوة تعصرها الشدة ومات فلم تعد الشدة، تثير فيه الإحساس! وتعطلت أجهزة الفطرية فيه، فلم يعد يستشعر هذه الوخزة الموقظة التي تنبه القلوب الحية للتلقِّي والاستجابة» (?) .

والفتن تُظهِر مقدارَ الإيمان وثباته في القلبِ وصلابةَ العقيدة في النفس، يقول -صلى الله عليه وسلم-: «بادِروا بالأعمالِ فتناً كقِطَع الليل المظلم، يصبِح الرجل مؤمناً ويمسِي كافراً، ويمسِي مؤمناً ويصبِح كافراً، يبيع دينَه بعرضٍ من الدنيا» (?) .

وعن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ أنَّ النبيّ قال -صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ أمّتكم هذه جُعل عافيتها في أوّلها، وسيصيب آخرَها بلاءٌ وأمورٌ تنكِرونَها، وتجيء فتنٌ يرقّق بعضُها بعضاً، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكَتي، ثم تَنكشِف، ثم تجيء الفتنة فيقول: هذِه هذه، فمَن أحبَّ أن يُزحزَح عن النار ويُدخَل الجنّة فلتأتِه منيّتُه وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليَأتِ إلى الناس الذي يحبُّ أن يُؤتَى إليه» (?) .

سابعاً: اليقظة اليقظة من تقلّب القلب:

وبعد هذه السياحة اليسيرة مع إشراقات هذه الآية وبعض مقاصدها وفوائدها حريٌّ بنا أن نؤكد على أن هذه الآية توضح لنا «صورة تستوجب اليقظة الدائمة والحذر الدائم والاحتياط الدائم؛ اليقظة لخلجات القلب وخفقانه ولفتاته، والحذر من كل هاجسة فيه وكل ميل مخافةَ أن يكون انزلاقاً، والاحتياط الدائم للمزالق والهواتف، والتعلق الدائم بالله مخافةَ أن ينقلب هذا القلب في سهوة من سهواته أو غفلة من غفلاته أو دفعة من دفعاته» (?) .

فكلما مررت بهذه الآية تذكّرْ أن قلبك يحتاج منك اهتماماً وعناية ورعاية، فاحملْه على التوِّ على جناحي الخوف من الله وحده والرجاء فيه ـ سبحانه ـ، وفرَّ إلى ربك ومولاك، فإن رمقْتَ بطرفك حبلَه المتين فتمسك به بقوة واعتصم به بشدة، وإياك ثم إياك من مغبّة الوقوع في شراك المعصية فإنها توهن القلب وتضعفه، وإذا الرّان قد ظهر والختم قد وقع والسواد قد انتشر حينها تبني بنفسك وتشيد جدار الحيلولة بينك وبين قلبك، فإن هدمت الجدار فنِعْمَ العمل، وإن تركته فاعلم أنك لن تعود إلى إيمانك وطاعة ربك، ولا يملك بالمقابل الكافر أن يؤمن بخالقه بعد أن أعرض وأبى هذا الإيمان من قبل وحلّت عليه ساعة الصفر.

نسأل الله العلي القدير مقلّب القلوب أن يثبت قلوبنا على دينه وطاعته، وأن يحسن خاتمتنا في الأمور كلها، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015