الدعوة إلى الله.. والصبر على الأذى
مقام الدُّعاة إلى الله من أرفع المقامات، كيف لا وهم يتجشمون الكثير من الصعاب في سبيل الدعوة. وبقدر حجم الابتلاء يكون حجم الثواب المقدّر لصاحبه، ولذا نجد أن باب الصبر هو الباب الذي يدخل منه الداعية إلى الله، ويتجلّى ذلك الصبر في تحمّل أنواع الأذى التي يلقاها من الناس في دعوته. ولعلَّ من الأمور التي يمكنها إعانة معشر الدُّعاة على طَرْق باب الصبر استصحاب الوضع الدعوي الراهن، ومعرفة المرحلة التي تجتازها الدعوة الآن، فللدعوة مراحل تشبه إلى حدٍّ ما مراحل حياة الإنسان: طفولة ثم مراهقة ثم نضج.
فهذه المراحل الثلاث تناظر المراحل الثلاث التي تمرّ بها الدعوة إلى الله في الأمة؛ فالمرحلة الأُولى وهي مرحلة ابتعاد الأمة عن منهجها القويم تقابل مرحلة ما قبل البلوغ، وفيها نجد أن الدُّعاة إلى الله يعانون كثيراً في عملية إحياء القيم الدينية وابتعاثها من جديد، وهذه تمثلها مرحلة ما قبل الصحوة الإسلامية. أما المرحلة الثانية فهي مرحلة إقبال الأمة على المنهج القويم والتي تناظر مرحلة المراهقة نسبةً لما يعانيه فيها الدُّعاة إلى الله من المشقة والمعاندة، وذلك لأن الإقبال يكون بعنف شديد يطغى على المعايير، وتصحب هذه المرحلة الغلو في الدين وكثرة الجدال والجُرأة على الدُّعاة والكثير من المظاهر السلبية. فإذا لم يقابل الدُّعاة إلى الله هذه النفوس بسعة الصدر والحنو الزائد والشفقة والرحمة؛ فإن زمان مكوث الأمة في هذه المرحلة سيطول حتماً. وها نحن الآن نعايش مرحلة المراهقة؛ فإذا تغلب الدُّعاة على عقبات مرحلة المراهقة دخلت الأمة المرحلة الأخيرة في دائرة الدعوة ألا وهي مرحلة الوسطية. فعلى الدُّعاة أن يعدّوا لكل مرحلة عدّتها من الصبر، وأن يتيقّنوا حقيقة أن الله مع الصابرين.
المهندس: أحمد نورين دينق
أيها الأسد.. متى؟!
ارتمتْ بين يديّ خريطة في هيئتها صورة للَيْث يثبُ على فريسته، تراه قد طار في الجو كالنسر سرعة، ولكنها سرعة ساكنة فوق أرض الواقع وفي ثنايا الخريطة.
حملقت بنظري في هذه الخريطة، تأمّلتها، فإذا بي أجد فيها نهرين عظيمين، فهذا دجلة وهذا الفرات باقيان على مرِّ الزمان. وها هي الموصل، بل ها هي سامراء خالية، وهذه هي بغداد وقد سكن عزّها، وهذه الكوفة وقد أرهقتها صروف الدهر.
إنه العراق الذي ضرب بمجده جذور التاريخ، ورافق الحياة في مسيرتها، ذاقَ حلاوة المجد، وعزة الإسلام، ورفعة العلم زمناً، ثم ذاق مرارة الظلم، والذّل والجهل، والبدع زمناً آخر.
آهٍ! فكم من حرقة تشعل الكبد ناراً، وكم من لوعة تذيب القلب كمداً، كلما طرق ذكر العراق قلبي المحزون، إنه وطن من أوطان الإسلام.
فكم أنجب لنا من مجد في سالف الأيام، وغابر العصور.
كم من معين صافٍ للعلم كان فيه جنى منه العلماء أطايب الحكم والعلوم.
وكم من صحراء فيه كانت نعم الكنانة للغة القرآن العظيم.
وكم من عندليبِ شعرٍ صدح في ميادينها.
آهٍ يا عراق المجد! كم من ركب سار طروباً بعبق ذكراك.
وكم من خليفة فيك قد أعلى راية الجهاد.
وكم من جيوش انطلقت من حماك.
وكم من شرفٍ قد حيز لك.
وكم من نصر ناله الإسلام بك.
وكم من قوافٍ حِسان قد نُظمت فيك مدحاً.
كم وكم، فآهٍ ثم آهٍ ثم ألف آه من أعماق الفؤاد على مجدك الذي اندرس في هذه الأيام!
أيا عراق المجد! أين صولتك؟ وأين آباؤك؟ وأين مجدك؟ هل اطمأنت جوانحك إلى مجدك السالف؟ أم هانت في نفسك نشوة الانتصار؟!
هل تنازلت عن مكانتك؟ أم تواضعت لغيرك ليأخذ مكانك في القيادة؟
هل نسيت دورك وتاريخك؟ أم أصابتك لوثة الذّل؟
أيئست من النصر؟ أم صدقك المنجمون؟
أماتت أبطالك؟ أم تبددت في نفوسهم الهمم؟
أنزعت تاج قوتك للأبد؟ أم نزعته لتعيد تنظيمه؟
كم تألم الروح يوم لا تسمع لك صوتاً مدوّياً يزيل ما أنت فيه من مآسٍ عظيمة.
يا عراق المجد! لن نيأس أبداً من انتظار عودتك إلى ميادين العزة والقوة، فالخير بين ذرّات رمالك، وبين جريد نخيلك، الخير في شبابك وفي أبطالك وفي روابيك وفوق سهولك.
ولكن يبقى في القلب المتلهف سؤال يدوّي صداه في الأعماق: متى تعود أيها الأسد؟ متى؟ متى؟
القارئة: وميض الأمل
وعدُ الإله
واصلوا حربكم..
أيها الرافضون لذلِّ الحياة..
وخذوا حذركم..
من ولاء بني جلدتي للغُزاة..
أَحْرقوا بلظى صدقكم..
صَلَف الماكرين الطُّغاة..
وارفعوا عن سمانا..
هزائمنا العاصفات..
وانعموا بالرِّضا..
أيها الواثقون بوعد الإله..
غازي المهر
تنويه: في عدد رمضان وفي مقال «حزب الله على أي أساس يقاتل» وكاتبه: عبد المنعم شفيق، وُضِعَ بطريق الخطأ عنوان بريد إلكتروني لكاتب آخر من كُتَّاب المجلة، والعنوان الصحيح للكاتب: (nahl@gawab.com) .