لغة الهزيمة لغة وضيعة تسقط فيها كل ألوان العزة والكرامة..!
لغة الهزيمة لغة تافهة، مقيَّدة بإسار التبعية، لا تجيد إلا المحاكاة والتقليد الأعمى.
إنها آية من آيات السقوط الفكري والإنساني، تتقاصر بكل مهانة عند مخاطبة من يسمونهم بالآخَر، وتتعالى بكل قسوة على الأهل والأصحاب؛ فعقدة تحقير الذات تحاصرها من كل زاوية.
خبرنا هذه اللغة ردحاً طويلاً من زمن العنتريات العروبية الثورية، وها نحن نجني ثمراتها في الخطاب الليبرالي المتزين بقبعة الغرب.
خبرنا هذه اللغة؛ فهي ليست جديدة علينا، لكن المؤسف حقاً أن بعض معالم ذلك الخطاب المنهزم بدأ يتسلل أحياناً إلى بعض روّاد الخطاب الإسلامي، ممَّن كان ينبغي أن تكون العزة شعاره والأنفة دثاره؛ فصار بعض خطابه واهن القوى، منخفض الصوت، يسري على استحياء..!
وحسبنا ها هنا أن نذكِّر ببعض الأمثلة:
فبعد الهبَّة الشعبية لنصرة النبي الخاتم -صلى الله عليه وسلم-، وبعد أزمة الرسوم الدانمركية، ظهرت عند بعض المفكرين والدعاة لغة اعتذارية باردة لا يخفى ضعفها، بل لا يخفى انحرافها؛ فنحن نحب السلام، ونحترم جميع الأديان وندعو إلى التعايش، ولا نستعدي الآخرين، ولا ندفع العالم إلى الصراع الحضاري؛ فلماذا تستفزون شعوبنا..؟!
وعندما تجرأ بابا الفاتيكان وانتقد الإسلام، وعرَّض بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، بادر بعضهم للمطالبة بالهدوء وعدم التشنج، ودعا إلى الحوار والاعتراف بالآخر، وأنه لا سبيل لإطفاء التطرف من الطرفين إلا بالتقارب بين العقلاء، بل نهى بعضهم عن تكفير النصارى، وعدّ ذلك من الإقصاء الذي لا ينبغي ذكره في هذه المرحلة..!
وعندما زعم البابا أنَّ الإسلام انتشر بحدِّ السيف، بادر بعضهم إلى نفي التهمة، وأنكر جهاد الطلب، وقصر الجهاد في الإسلام على جهاد الدفع فحسب.
وعندما دخل بعض الإسلاميين حلبة المعترك السياسي شن العلمانيون هجوماً شرساً على المشروع الإسلامي وما أسموه بـ (الدولة الثيوقراطية) فلم يجد بعض هؤلاء إلا المناداة بالدولة المدنية، ونحو ذلك من الشعارات الانهزامية..!
إنَّ هذه الانهزامية ترسِّخ نمطاً من أنماط التبعية التي همها إرضاء الناس، ولا تلتفت كثيراً إلى رضا الخالق سبحانه وتعالى.
صحيح أن زمن الاستضعاف له فقهه وأولوياته، لكن لم يقل أحد من أئمة العلم أن تحريف الدين أو التنازل عن بعض أصوله وأحكامه من الفقه في شيء؛ فمن لم يستطع أن يقول الحق، فلا يجوز له أن يقول الباطل.