إبراهيم بن سليمان الحيدري
للتخطيط أهميته في حياة الأشخاص والمنظمات والأمم، وهو مؤشر على نضج ممارسيه وتقديرهم لذواتهم وواقعهم. وفي العموم فإن وقت الحديث عن أهميته عند كثير من المنظمات الخيرية قد ولَّى؛ لأنه واقع تعيشه كثير منها ولله الحمد والمنة. إلا أن التحدي المستمر الذي تواجهه المنظمات هو تطبيق الخطط على أرض الواقع.
الفشل في تطبيق الخطة هو تحدٍّ حقيقي ليس للمنظمات الخيرية فقط، بل لجميع أنواع المنظمات الإدارية، وهو في الغالب ناتج من مشكلات تصاحب عملية التخطيط، وينعكس أثرها في مرحلة التنفيذ. فمثلاً عدم مشاركة الموظفين في التخطيط سينتج عنه في كثير من الأحيان مقاومة هؤلاء الموظفين أو بعضهم لكل جديد أو تغيير يتطلبه تنفيذ الخطة سواء كانت هذه المقاومة إرادية أو غير إرادية. مثال آخر: عدم مراعاة المخططين للبيئة الخارجية بمتغيراتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وتركيزهم على حدود منظماتهم فقط سينتج عنه تغيرات لم تكن في الحسبان مما يؤثر سلباً على النجاح في تنفيذ ما خطط له.
أما المثال الذي أظنه ينطبق على كثير من المنظمات الخيرية فهو اختزال التخطيط في رسم الأهداف وصياغة الرؤى وإغفال جزء هام في الطريقة العلمية للتخطيط وهو تحليل الوضع الراهن للمنظمة، وترى، وأنت تتعجب، ذلك الوقت الطويل الذي يُصرَف في تحديد نقطة (ب) المراد الوصول إليها؛ بينما لا يتم الحديث بشكل واضح وكاف عن نقطة (أ) التي تقع فيها المنظمة في وقتها الحالي. هل لأنها عملية طويلة ومملة؟ ... ربما! أو لأن تجريد الذات موضوع محرج؟ ... لا أدري!! أما نتائج إغفال هذه الخطوة المهمة من التخطيط فمنها إدراك المخططين أثناء مرحلة التنفيذ أن (ب) بعيدة المنال ويصعب الوصول إليها، أو أنها لا تبعد كثيراً عن (أ) ولا يتطلب الوصول إليها كل هذا الجهد والوقت؛ بعبارة أخرى: بعثرة الموارد، أو المراوحة في المكان.
عملية التحليل تلك مهمة؛ لأنها تكشف للمنظمة نقاط ضعفها ومكامن قوتها؛ كما تجلِّي لها المستقبل بما يحويه من فرص وتهديدات.
أخيراً، وفي فلسفة معايير النجاح للمنظمات الإدارية فإن السبق ليس للمنظمات التي تجعجع مفتخرة بامتلاكها رؤىً واضحة وأهدافاً طموحة، بل لتلك المنظمات القادرة على حصاد الغلة والاستمتاع برؤية الطحين.