مجله البيان (صفحة 5694)

راحلون

محمد المقرن

طال الطريق وملَّنا الترحالُ

الراحلون إلى المدى المجهول لا

خلف الظهور ديارُنا، وأمامَنا

هل ذقتمُ الإخراج من أوطانكم؟!

هذي قوافلنا يسير بها الأسى

بغداد نبراسُ الحضارة دُنِّستْ

تبكي بلادُ الرّافدين وملؤها

الليل رعبٌ، والصبَّاح مذابحٌ

يهمي رصاصُ القاذفات كأنّه

ويخرُّ بيتُ الآمنين بأهلِهِ

البعدُ ـ يا وطني ـ عسيرٌ، والهوى

ما زلتُ أذكر في الطفولة مرتعي

صرنا أُسَارى الذكرياتِ فعالنا

من لم يَمُتْ من قومنا عاش الأسى

هل تعرفون عن الحصار؟ وما الذي

قد خاننا الأحباب، يا لِمُصابنا

هذي خيولُ الحرب تركض وحدَها

سأعود ـ يا أمّاه ـ فاحتسبي دمي

سأعودُ كي تردَ المعالي أمّتي

ما حرَّكَتْني ثورةٌ عربيةٌ

بل جئت للإسلام أنقذ أهله

سَيَرَى البُغَاةُ بأنني من أمَّةٍ

لي في الجهاد معالم وعزائمٌ

هذه غصونُك ـ أمتي ـ قد أَوْرَقَتْ

إن غاب بدرُكِ، واشتكى الساري الدُّجى

وتغلَّقتْ في وجهنا الآمالُ

هادٍ ولا زادٌ ولا أبطالُ

تبكي على أيامنا الأطلالُ

هل تعرفون الدمع كيف يُسَالُ؟

وتحفُّها الأخطارُ والأهوالُ

قَهْراً، وعاث بمجدها الأنذالُ

تلك الدماءُ وهذه الأوصالُ

والوَعْرُ صعبٌ، والسهولُ قتالُ

وبلٌ على هاماتِنا هَطّالُ

ويموتُ تحتَ سُقوْفهِ الأطفالُ

بقلوبنا بَعْد النَّوى قتَّالُ

نلهو وتحمل حُلْمَنَا الآمالُ

إلا أسىً وتفكرٌّ وخيالُ

وسقاه مرَّ كؤوسِه الإذلالُ

صنعته في أعناقنا الأغلالُ؟

من عثرة الأحبابِ كيف تُقَالُ؟!

ياقوم أين الفارسُ الخيَّالُ؟!

إن سال فهو كرامةٌ وجلالُ

وتظلُّ تذكرُ صولتي الأجيالُ

سقطت ... ولا صنمٌ ولا تمثالُ!

شبلاً تتوق لِزميَ الأشبالُ

أَعْلَى عُلاها «مصعبٌ» و «بلالُ»

مثلُ الجبال ... فهل تُدَكُّ جبال؟!

وشَدَتْ على أوراقها الآمالُ

فغداً سيُولدُ في السماء هلالُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015