بدأ الاحتلال الروسي للدول الإسلامية لِمَا كان يعرف بـ (ما وراء النهر) منذ عهد بطرس الأول منذ عام (1188هـ ـ 1714م) واستمر الروس في ابتلاع أراضي الشعوب الإسلامية والتي تشكل العديد من (القوميات) أمثال الأوزبك والكازاخ والطاجيك والشيشان والأبخاز.. إلخ، حيث حكمت بالحديد والنار، وقتلوا عشرات الألوف من المسلمين، واتبعوا سياسة التجزئة، وهجَّروا الألوف منهم إلى المناطق النائية وبخاصة الجليدية للقضاء عليهم. وقد نشطت الحركات الجهادية للدفاع عن الإسلام ضد المحتلين النصارى ثم الشيوعيين، وقدموا صوراً رائعة للجهاد نادرة المثال، وبعد تفتت الاتحاد السوفييتي استمرت المقاومة رغماً عن استمرار البعضٍ في العمالة للروس ومقاومة إخوانهم في الدين، وعرف الجهاد الشيشاني بعد إعلان الزعيم المجاهد (جوهر دوداييف) الاستقلال، وقام الروس المحتلون بالحرب ضد المجاهدين باغتيال قادة الجهاد آمثال (باندراييف) و (مسخادوف) و (عبد الرحيم اللاييف) بعد أن أبلوا بلاءً حسناً وكبدوا الروس آلاف الضحايا؛ فما زادت تلك الحرب المجاهدين إلا قوة ومضاءً.
وأخيراً أعلنت وكالة الأنباء الروسية (إيتار تاس) نبأ اغتيال القائد المجاهد (شامل باسييف) في عملية سرية للقوات الأمنية الروسية في مساء الإثنين 14/6/1427هـ الموافق 10/7/2006 بالقرب من أنجوشيا بغرب الشيشان والذي وصفته الوكالة الروسية أنه القائد لأعنف حركة مقاومة شيشانية.
وقال (علي الخانوف) رئيس الحكومة الشيشانية العميلة للروس إن مقتل (باسييف) خطوة كبيرة إلى الأمام في مواجهة المجاهدين الشيشان في إشارة إلى أهمية ذلك القائد البارز ودوره العظيم في مواجهة المحتلين الروس؛ فقد كان له عمليات مقاومة أثخنت الجسد الروسي من أشهرها (عملية احتجاز الرهائن في مدينة بودينوفسك) وحصار (مسرح موسكو) . وهذا القائد العظيم ـ رحمه الله ـ تدرب في الجيش السوفييتي السابق أداءً لخدمته العسكرية، ثم أنضم إلى (الوحدة العسكرية التابعة لكونفدرالية الشعوب) القوقازية، وشارك في الجهاد الأفغاني ضد الروس، وعمل قائداً للقوات الشيشانية، وقاوم الجيش الروسي، ثم استقال من القوات الشيشانية وترشح للرئاسة، واحتل المرتبة الثانية، ثم عينه الرئيس السابق (مسخادوف) رئيساً للوزراء، ثم استمر في الجهاد والمقاومة حتى اغتياله. ولا شك أن استشهاده ـ رحمه الله ـ كارثة على الجهاد الشيشاني؛ لكن ذلك لن يفت في عضد المجاهدين ـ بإذن الله ـ فالشعب الشيشاني المجاهد قادر ـ بإذن الله ـ على إخراج أمثال ذلك المجاهد الكبير الذي ما زال مؤمناً بدينه ومستمراً في شجاعته ونبله لاسترداد حريته وكرامته؛ ومن ثم لن يوقف الجهادَ اغتيالُ فرد من ذلك الشعب المؤمن المجاهد.