محمد الحسناوي
أرسلتُ إلى القدس تحياتي أسرابَ طيور
ما عادَ من الطيرِ سوى عصفور
منتوفَ الريش
خاطِرُهُ مكسور
ساءلتُ الريحَ عن الوعدِ المسطورِ بماءِ النور
دمدمتِ الريحُ وقالت لي: (بلفور)
* * * * * * *
أرسلتُ قوافلَ من شوقي المقموعِ الممنوعِ إلى أرض الشام
ما عاد الركبُ، ولكن عادتْ أشلاءُ كلام
كلُّ الأبوابِ مُقفَّلةٌ، ومُقطَّعةٌ كلُّ الأرحام
لم يبقَ سوى الأقفاصِ على درب الأحباب
المسجدُ مجروحٌ والحزنُ عُباب
لم يبقَ سوى القنّاصِ على الأسوار
الحبْلُ طريقٌ مسدودٌ، آخرُهُ القبرُ وأوَّلُهُ السِّرداب
* * * * * * *
أرسلتُ إلى بغدادَ كتابي وبعضَ الأهداب
لم أدرِ بأنَّ النيرانَ تسير مسارَ النهرَين
لم أدرِ بأنَّ الغربان تسوس الشطَّين
بغدادُ المنصورِ رماد
بغدادُ الشعرِ مزاد
بغدادُ الشمس حِداد
لا كان النِّفطُ، ولا كانت أقيالُ الضاد
بالماءِ نَغَصُّ، وبالجنّة جنَّتِنا يدهمُنا الأغراب
* * * * * * *
قالوا لي: روحُكَ ـ لو تدري ـ هي سرُّ الأسرار
ما دمتَ تُحبُّ، فأنتَ أخو أظفار
قد تخدِشُ، قد تخمِشُ، قد تنقُبُ في الأسوار
فاخلعْ روحَكَ من جسمِكْ
نقتُلكَ أو تقتلُ نفسَكْ
فتصيرُ ملاكاً، وتطيرُ بشوقِكْ
معتوقاً من كلِّ إسار
* * * * * * * *
أعجبني عرْضُ الحُجَّاب
سأموتُ غداً أو بعدَ سنين
لكنَّ القلبَ إذا لم يحظَ بليلاهُ فمسعاهُ عقيم
والجنَّةُ تُخطَبُ من (بيت المقدس) أو أهل الشام
وعبوري فوق الأسلاك
مهْرُ حبيبي
* * * * * * * *
وجَّهتُ ركابي هذي المَّرةَ صوتَ المِحراب
وخلعتُ عن الروحِ الأثواب
محرابُ (الأقصى) يمدّ ذراعَيْه
أدمعُهُ تُومضُ في عينيْه
مئذنةٌ ترفعُ كفَّاً للمعراجِ
وتأبَّطتُ حِزاماً من شوقٍ غلاَّب
وقَحمتُ بروحي وحدي الأبواب
فانفجرتْ تحت الصخرة ـ بعد دهورٍ ـ عينُ الغُيَّاب
كلُّ أناسٍ قد علموا مشربَهم
وانفتحتْ كلُّ الأبواب
كلُّ الأبواب