مجله البيان (صفحة 5530)

{إنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ}

التحرير

دارت بنا الدنيا، تفطَّرت نفوسنا، وتزلزلت الأرض من تحت أقدامنا. الغضب يملأ قلوب المسلمين في المشرق والمغرب، كبارهم وصغارهم، رجالهم ونساءهم، صالحيهم وفساقهم.. أوَ يتجرؤون على مقام النبوة؟!

أوَ يستهزئون بسيد ولد آدم..؟!

يا لله.. أتدرون بمن تسخرون..؟!

ويحكم أتدرون من هو محمد -صلى الله عليه وسلم-..؟!

ألَمٌ شديد هزَّ كيان الأمة وصدَّع أركانها، وجعلها تنتفض، تستنفر خفافاً وثقالاً، تغضب.. ترفع صوتها بكل حميَّة: (إلا محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) ..!

والذي زاد من هول الواقعة ذلك الصلف والتعالي والمكابرة، أخذتهم العزة بالإثم، فأبوْا أن يتراجعوا، بل تسارعوا للتناصر.. {وَإخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ} [الأعراف: 202] .

وزادها فجيعةً أنَّ مِن بني جلدتنا سمَّاعين لهم، فراح بعض الصحفيين في بعض البلاد العربية والإسلامية يعيد نشر تلك الصور الآثمة لحجج تافهة باردة، ونظر بعض أهل الأهواء ومن يسمون أنفسهم بالليبراليين نظرة لا مبالاة للحدث واثَّاقلوا عن نصرة نبيهم، بل اجتهدوا في التهوين منه، وتفيهقوا علينا بالدعوة السمجة إلى الصفح والتسامح..!!

لكن الرد على هؤلاء جميعاً من أرض الحرمين، من مصر والسودان، من الجزائر والمغرب، من أندونيسيا والباكستان، من نيجيريا والسنغال.. من كل أرض ينادَى فيها بنداء التوحيد.. جاء الرد بعفوية مذهلة وبفطرة صادقة بعيدة عن الشعارات السياسية أو المزايدات الإعلامية، قال الناس بصوت واحد: {إنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} [الكوثر: 3] .

هذه المشاعر تدل على فطرة صالحة، وأرض خصبة تستحث الدعاة لتأسيس محبة صادقة، واتِّباع مخلص لسيِّد الأولين والآخرين، إنها فرصة لنتجاوز خطابات الإدانة والشجب لندعو إلى التعظيم والاتِّباع والاستسلام لأمره ونهيه.

إنها فرصة تاريخية لنقول للمسلمين: هذا هو نبيكم محمد -صلى الله عليه وسلم- عليكم بتعزيره وتوقيره والاهتداء بهديه والذب عن دينه.

إنها فرصة تاريخية لنقول فيها للعالم أجمع بعد أن بدأ الناس يتساءلون من هو محمد: إن رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- لكم جميعاً، جاءت لتخلصكم من رهق الضلالات والأهواء البشرية.. جاءت تدعوكم بدعاية الإسلام أسلموا تسلموا: {وَإن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: 38] .

حدث آخر له دلالته وأبعاده في المنطقة: إنه الفوز الكاسح لحركة المقاومة الإسلامية حماس في الانتخابات الفلسطينية. انتصار مذهل قلب المعادلة السياسية، وأربك صناع القرار في الدولة العبرية وحلفائها.

وها نحن في ^ نقدم عدداً خاصاً يحتوي على ملفين فقط، ونعتذر لقرائنا الكرام عن تأجيل بقية المواد والزوايا التي ينتظرونها على أمل أن نعود إليها ـ بإذن الله ـ في العدد القادم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015