مجله البيان (صفحة 5465)

التعتيم الحكومي وحرب التجويع هل يقضيان على حلم دولة المسلمين في تايلاند؟

التعتيم الحكومي وحرب التجويع

هل يقضيان على حلم دولة المسلمين في تايلاند؟

رضا عبد الودود

حملات إبادة جماعية، وتوسيع سلطات قوات الأمن، وتعهدات بسحق مسلمي جنوب تايلاند خلال أربع سنوات من قِبَل حكومة رئيس الوزراء (تاكسين شيناواترا) الذي أصدر أوامره لحكومته يوم الخميس 17/2/2005م بدراسة القوانين الأمنية للدول الأخرى، مشيراً إلى القوانين العنصرية في بعض الدول، والتي تسمح باحتجاز المواطنين دون محاكمة بزعم تهديدهم للأمن، على الرغم من أن الدستور التايلاندي يسمح للشرطة باحتجاز المواطنين لمدة 48 ساعة قبل أن تحتاج للحصول على أمر قضائي بمدِّ الاحتجاز لمدة 12 يوماً، إلا أن قوات الشرطة تحبِّذ الأخذ بقوانين أكثر صرامة مثل القوانين السنغافورية؛ لكي تعطيها صلاحية واسعة وغير مقيدة في الاحتجاز لمدد طويلة بدون أمر قضائي أو محاكمة كل ذلك هو عنوان السياسة الإقصائية التي تمارسها سلطات بنكوك ضد نحو 8 ملايين مسلم في الجنوب كل خطيئتهم أنهم يطالبون بحقوقهم التاريخية في مملكة فطاني التي حكمت تايلاند سابقاً؛ وللأسف فإن العالم يشهد بكل منظماته وشعوبه وحكوماته هذه الأمور دون أن يرفع صوتاً معارضاً أو حتى معقباً على تلك السياسة غير الإنسانية.

ومنذ منتصف فبراير 2005م شهد ملف مسلمي الجنوب التايلاندي تصعيداً غير مسبوق؛ حيث تعهد (تاكسين شيناواترا) رئيس الحكومة التايلاندية بسحق مسلمي فطاني المطالبين بالاستقلال خلال أربع سنوات؛ وذلك أثناء أول زيارة يقوم بها إلى محافظات البلاد الجنوبية ذات الأغلبية المسلمة منذ فوز حزبه في الانتخابات بفترة ولاية ثانية. وأعلن رئيس الوزراء (تاكسين شيناوترا) أنه سوف يقطع المساعدات المالية للتنمية عن القرى التي يعتقد أنها متعاطفة مع من أسماهم بـ «المتمردين» ، وأن حكومته ستصنف الجنوب المضطرب إلى ثلاث مناطق: حمراء وصفراء وخضراء؛ ممثلة في ذلك مستويات تعاون أهلها مع سلطات الدولة في التعامل مع ما تصفه الحكومة التايلاندية بالتمرد الواقع. وأوضح أنه من بين1850 قرية بمحافظات تايلاند الجنوبية الثلاث التي تشهد أشد عمليات عنف (ناراتيوات ويالا وباتاني) تعتبر 358 قرية واقعة في نطاق مناطق حمراء لتعاطفها مع الناشطين، وسوف يمنع عنها أي تمويل حكومي، بينما تقع 200 قرية في مناطق صفراء بما يعني وجود مقاومة معتدلة للدولة، أما بقية القرى فيمكن اعتبارها مناطق خضراء يلتزم 90% من سكانها بالقانون ـ حسب مزاعمه ـ وسوف تتمتع هذه بمعظم مساعدات التنمية، تليها في ذلك الصفراء. وأضاف (تاكسين) أن الحكومة سوف تنشر قواتها المسلحة في المنطقة الحمراء فيما وصفه بأنه لحماية السكان الأبرياء، كما حثَّ هؤلاء على الضغط على جيرانهم لتغيير مسلكهم والتقدم بمعلومات تفيد في قمع التمرد وإنهائه.

يذكر أن هذه السياسة سبق تطبيقها في تايلاند لأول مرة أثناء محاربة المد الشيوعي في السبعينيات والثمانينيات في الضغط على أهالي القرى لطرد الناشطين وقطع العلاقات معهم. كما أشار رئيس الوزراء إلى أن حكومته اعتمدت ميزانية إقليمية خاصة للتنمية في الجنوب تولي تركيزاً على إصلاح قطاع المدارس الدينية الإسلامية المنتشرة به، وسوف يتحتم على تلك المدارس من الآن فصاعداً تدريس مناهج المدارس العامة، وتخضع لإشراف وزارة التعليم.

ولعل الآثار الناجمة عن تلك السياسة الإقصائية ستؤدي إلى تقسيم جنوب البلاد إلى مناطق ملونة طبقاً لوصف (تاكسين) مما سيزيد من معاناة الأهالي من التفرقة وتعميق العنف، فضلاً عن إضرارها بالمواطنين الأبرياء في المناطق المغضوب عليها بينما هم من دافعي الضرائب للدولة.

- العنف يقابله عنف مضاد:

وإزاء هذه التصريحات الاستفزازية صعَّد المسلحون بالجنوب التايلاندي هجماتهم أثناء زيارة رئيس الوزراء (تاكسين شيناواترا) للمنطقة بعد سلسلة من التفجيرات التي تواصلت لمدة أسبوعين قبل وصوله إليها في جولة تمتد ثلاثة أيام، وتشمل محافظات ناراتيوات ويالا وباتاني التي كانت مسرحاً لأشد أحداث العنف طوال العام الأخير الذي راح ضحيته نحو600 من المسلمين. فقد انفجرت مساء الخميس 17/2/2005م قنبلة قوية أمام فندق مارينا بمحافظة ناراتيوات وتسببت في مصرع أربعة أشخاص وجرح أكثر من أربعين آخرين، وكذلك في تدمير وإشعال النيران بالسيارات والدراجات البخارية الموجودة خارج المبنى.

- سياسة التعتيم:

وفي نفس سياق التعتيم المفروض على قضية المسلمين في الجنوب التايلاندي كان رئيس الوزراء التايلندي تاكسين قد شن هجوماً واسعاً ضد المشاركين في قمة الآسيان التي افتتحت في 29/11/2004م في لاوس مهدداً بالانسحاب من القمة إذا تطرقت لموضوع المواجهات العنيفة ضد إقليم (فطاني) المسلم، واعتبر تاكسين الاضطرابات الدائرة في الجنوب الذي يضم الأقاليم ذات الأغلبية المسلمة في البلاد مسألة «داخلية» ينبغي عدم بحثها في قمة آسيان.

- مأساة مسلمي تايلاند:

وتكشف تلك التداعيات عن مأساة مسلمي تايلاند البالغ تعدادهم من 5 ـ 8 مليون مسلم أي نحو 10% من تعداد السكان والذين يتركز أغلبهم في الجنوب المسمى (فطاني) والذين باتوا وليمة دموية صباح مساء لحكومة تايلاند، وسط صمت العالم وتجاهل المسلمين وهلع الحكومة التايلاندية من المسلمين واستغلالها المظاهرة العالمية لمكافحة الإرهاب.

ودون الرجوع لتاريخ المسلمين الدامي في مملكة فطاني المسلمة من تهجير للتايلانديين إلى الجنوب وطرد أهاليه المسلمين، وتصفية العلماء، وإجبار المسلمين على ارتداء الصليب وحرق المصاحف، وإغلاق المدارس الإسلامية، شهد عام 2004م عدة مجازر بحق المسلمين في هذا الإقليم. وأسفرت المواجهات في جنوبي تايلاند عن سقوط نحو 600 قتيل على الأقل منذ مطلع العام الحالي، ففي شهر يناير اندلعت اشتباكات لم تعرف أسبابها أدت إلى سقوط نحو 60 قتيلاً في المناطق المسلمة الجنوبية المحاذية لماليزيا عندما شنت قوات الجيش التايلاندي حملة اعتقالات واسعة شملت عشرات المسلمين للاشتباه في علاقتهم بـ «إرهابيين» ، ووضعتهم قيد الاعتقال بدون محاكمة وهو ما أثار سخط المسلمين في الجنوب. وفي أبريل الماضي حصلت مجزرة في مسجد باتاني راح ضحيتها 95 شخصاً، بعد أن هدمت قوات الشرطة المسجد على أشلاء المسلمين. وفي الخامس والعشرين من أكتوبر 2004م كان نحو 3000 مسلم نظموا مظاهرة أمام أحد مراكز شرطة ولاية (ناراثيوات) ذات الأغلبية المسلمة جنوب البلاد احتجاجاً على اعتقال 6 مسؤولين محليين بتهمة دعم ما تصفه الحكومة بـ (الجماعات المتمردة المسلحة) في جنوب البلاد، إلا أن قوات الشرطة والجيش تدخلت لقمع المتظاهرين؛ وهو ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص، بعدما استخدمت قوات الجيش والشرطة الذخيرة الحية والغازات المسيلة للدموع وخراطيم المياه.

وقامت قوى الأمن بحشر 1300 من المتظاهرين داخل شاحنات لنقلهم إلى ثكنات عسكرية في مدينة باتاني لاستجوابهم، وتم إرغام المعتقلين على التمدد على الأرض ووجوههم إلى الأسفل وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم قبل وضع بعضهم فوق بعض في الشاحنات مما أدى لمقتل 84 مسلماً. ومع أن المواجهات الأخيرة هي أخطر هذه المواجهات بين الجيش التايلاندي ومسلمي الإقليم، وقبلهم 108 من المسلمين، وإصابة واعتقال آخرين، فإنها لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة بسبب الجذور التاريخية للمشكلة التي تمتد إلى مملكة فطاني الإسلامية التي نشأت في القرن الثامن الهجري.

- فطاني بلد إسلامية:

وبالعودة لجذور الأزمة يتبين لنا أن فطاني هي المنطقة الواقعة بين ماليزيا وتايلاند، ويرجع أصل سكانها للمجموعة الملايوية ويتكلمون اللغة الملايوية ويكتبونها حتى الآن بأحرف عربية، ووصل الإسلام إلى فطاني عن طريق التجارة في القرن الخامس الهجري، وأخذ في التنامي حتى صارت المنطقة كلها إسلامية وتحت حكم المسلمين في القرن الثامن الهجري وصارت فطاني مملكة إسلامية خالصة ومستقلة. وعندما احتل البرتغاليون تايلاند أوعزوا إلى قادة تايلاند بحتمية احتلال فطاني للقضاء على سلطنة الإسلام بها ولابتلاع خيراتها فقام التايلانديون باحتلال فطاني سنة 917 هـ ولكنهم ما لبثوا أن خرجوا منها تحت ضغط المقاومة الإسلامية. ولكن الصليبية العالمية لم تكن لتهدأ ويرتاح لها بال ما دام للإسلام دولة بتلك البقاع السحرية من العالم، فدخل الإنجليز حلبة الصراع ودعموا التايلانديين البوذيين للهجوم على فطاني وقمع الثورات وتهجير المسلمين من البلد حتى أعلنت تايلاند ضم فطاني رسمياً لها سنة 1320هـ بعد سلسلة طويلة من الثورات والمقاومة الباسلة من المسلمين، وكان هذا الضم إيذاناً بعهد جديد في الصراع بين المسلمين وأعدائهم.

- وسائل محاربة المسلمين:

وفي سياق دراسة تاريخ مسلمي تايلاند تعتبر تايلاند في حكم الدولة المحتلة المستعمرة لأرض فطاني التي كانت بلداً مسلماً لفترة طويلة؛ لذلك فإن أساليب تايلاند في محاربة المسلمين لا تختلف كثيراً عن أساليب الاستعمار في أفريقيا وآسيا والدول المسلمة، ومن تلك الأساليب:

التهجير: حيث عملت تايلاند على إقامة معسكرات لاستقبال وتوطين المهاجرين التايلانديين وتستولي على أخصب البقاع وتمدهم بالمرافق اللازمة، وهذه الهجرة تؤدي إلى آثار خطيرة منها: إضعاف نسبة المسلمين في هذا البلد ورفع نسبة البوذيين، واتخاذ هؤلاء المهاجرين الجدد كأداة لنشر الثقافة والعادات البوذية واستخدامهم أيضاً جواسيس وعيوناً لنقل أخبار المقاومة الفطانية وعند حدوث الصدامات يستخدمونهم جنوداً ومقاتلين بالإضافة إلى تحقيق السيطرة الاقتصادية على الموارد والأراضي الزراعية، ومن ثَم إفقار الشعب الفطاني فلا يستطيع المقاومة والكفاح المسلح، ويكون جل همه تدبير موارد الرزق اليومية.

التعليم: قامت تايلاند بفرض التعليم باللغة السيامية بعدما كانت تدرس باللغة الملايوية، وأحضروا مدرسين تايلانديين، وجعلوا المناهج فيها تخدم مصالحهم، وقامت بإغلاق الكتاتيب التي تعلم القرآن والقراءة والكتابة، وعلى الطلاب الذين يريدون الانتساب إلى مدارس الحكومة أن يغير أحدهم اسمه العربي أو الملايوي إلى اسم سيامي بوذي، واشترطت على هؤلاء الخريجين من المدارس الفطانية أن يجيدوا القراءة والكتابة بالتايلاندية؛ وإلا فلا قيمة لشهاداتهم أبداً، وعمدت تايلاند إلى إهمال التربية الدينية وتعيين مدرسين موالين لها يجهلون الإسلام في مناصب التعليم الإسلامي لينشأ عن ذلك كله أجيال بعيدة كل البعد عن الدين والهوية الإسلامية.

إثارة الخلافات: بالعمل على بث الفرقة والخصومات بين العلماء، وإثارة الفتن بين أتباع المذاهب الفقهية، وإثارة الخلافات بين المدن والمناطق والسكان.

نشر الفواحش: حيث تعتبر تايلاند رائدة سياحة الدعارة على مستوى العالم بأسره، وهي من ثَم تعمل على نشر المفاسد بين المسلمين بإقامة بيوت الدعارة المرخصة والملاهي الليلية وتعليم الرقص في المدارس.

التعمية والتعتيم الإعلامي: بقطع كل أخبار مسلمي فطاني عن العالم الخارجي ومنع دخول المسلمين من خارج فطاني إليها.

دور اليهود: حيث استقدمت الحكومة التايلاندية عدداً من المدرسين اليهود من فلسطين وذلك لبث كراهية العرب في النفوس ومن ثم كراهية المسلمين عامة، ثم تقوم تايلاند بنشر الدعاية المسمومة التي مفادها أن أهل فطاني يفضلون المدرسين اليهود على غيرهم في التعليم والثقافة فتُعرِض الحكومات المسلمة عن تقديم أي مساعدات لأهل فطاني.

التحريف: لكتاب الله ـ عز وجل ـ وأحاديث الرسول # أثناء ترجمتها إلى اللغة التايلاندية ليضلوا المسلمين ويصدوا من يريد الدخول في الإسلام من البوذيين.

إفساد العقيدة الإسلامية: بالسماح بالدعاية للقاديانية وهي فرقة خارجة عن الإسلام بالعمل داخل فطاني لإفساد عقائد المسلمين وإيقاع الفرقة والاقتتال بينهم.

صور أخرى للاضطهاد: ومن أبرز مظاهر الاضطهاد أن الحكومة البوذية التي فرضتها تايلاند، عملت بعد أن أزاحت السلطان المسلم (تنكو عبد القادر) ، على محو الطابع الإسلامي من البلاد بإرغام الشعب المسلم فيها على اتخاذ الأسماء والألبسة والتقاليد البوذية، واستعمال اللغة التايلاندية. وألغت المحاكم الشرعية، ثم سمحت بعد غضب الشعب وهياجه للقضاة المسلمين بالجلوس في المحاكم المدنية لسماع القضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية للمسلمين.

وعملت الحكومة على توطين البوذيين في المناطق الإسلامية، وبنت لهم أكثر من 70 مستوطنة يسكنها حوالي 180 ألف بوذي، وبنت القواعد العسكرية في فطاني، ولا سيما في القرى القريبة من (جبال بودور) مركز عمليات المجاهدين المسلمين، وقامت بتصفية العلماء والدعاة جسدياً أو تهديدهم وإهانتهم وتشريدهم مما اضطر فريقاً منهم إلى الهجرة واللجوء إلى ماليزيا. كما تقوم بإحراق الأحياء الإسلامية والقتل الجماعي؛ ففي حادث بشع قامت القوات التايلاندية بحرق (100) شاب مسلم بالبنزين، وصرح رئيس البوليس في المنطقة بأن حياة المسلم لا تساوي 26 سنتاً فقط (ثمن الرصاصة) .

كذلك حرمت حكومة بانكوك المسلمين من ثروات بلادهم، كما حرمتهم المراكز الهامة والوظائف الحكومية وكافة الحقوق التي يتمتع بها مواطنو تايلاند، وعرضتهم لألوان الذل والقهر والاستعباد.

- تاريخ طويل من الكفاح:

بدأت رحلة الكفاح الهائلة منذ أن أعلنت تايلاند ضم فطاني لها واعتبرتها مديرية تايلاندية في سنة 1320هـ، فقام الأمير (عبد القادر) وهو آخر ملوك فطاني المسلمين بقيادة الثورة سنة 1321هـ بعد سنة واحدة فقط من الضم، وتعرض للاعتقال، واندلعت الثورة بفطاني على إثر ذلك، ولكن التايلانديين قمعوها بمنتهى الوحشية بمساعدة قوية من الإنجليز.

ومع الانقلاب العسكري سنة 1351هـ الذي أطاح بالملكية في تايلاند والذي دعمه مسلمو فطاني الذين استغلوا الفرصة وقدموا عريضة بمطالبهم من الحكومة الجديدة، وتتلخص هذه المطالب بالتالي:

1 - تعيين حاكم واحد على المديريات الأربعة المسلمة عن طريق أهل البلاد، ويكون مسلماً.

2 - أن يكون 80% من موظفي حكومة فطاني ممن يدينون بالإسلام.

3 - أن تكون اللغة الملايوية هي لغة التعليم بالمدارس واللغة الرسمية لأهل فطاني.

4 - تطبيق الشريعة الإسلامية.

5 - تكوين مجلس أعلى إسلامي لتسيير شؤون المسلمين.

ولكن الريح جاءت بما لا يشتهي المسلمون، وتحول الحكم العسكري إلى واقع مرير للمسلمين؛ ليس لأنه تجاهل مطالبهم؛ ولكن لأنه سعى إلى مسخ هويتهم تماماً، وإذابتهم داخل الدولة؛ حيث أصدر الفريق أول (سنقرام) ـ الذي تولى السلطة في تايلاند ـ قرارات بتغيير الأسماء المسلمة إلى تايلندية، ومنع لبس الجلباب الأبيض المميز للمسلمين وغطاء الرأس للنساء، وتحريم استعمال اللغة الملايوية ذات الحروف العربية، وأغلقت أبواب المدارس والجامعات أمام الفطانيين، وكذلك المناصب الحكومية والجيش والشرطة، وأغلقت الجوامع والمساجد، وحرم التبليغ والتبشير بالدين الإسلامي.

وقد توالت على الإقليم المسلم عدة ثورات ومحاولات من جانب المسلمين لإعادة المطالبة بحقوقهم، واجهتها السلطات هناك بالقمع والاعتقال لكل من قاد المطالبة بهذه الحقوق، مثل: حركة الحاج محمد سولونج ـ أحد العلماء المسلمين بفطاني ـ والذي عمل على تكثيف جهود المسلمين سنة 1367هـ ورفع عريضة مطالب للحكومة البوذية بتايلاند يطالب فيها بنفس المطالب السالف ذكرها مع إضافة بند عدم إخراج محصولات وموارد فطاني خارجها واستهلاكها محلياً، وقام الحاج محمد برفع عريضة الدعوى في نفس السنة إلى الأمم المتحدة ولأول مرة تثار قضية فطاني في المحافل الدولية، وبسبب ذلك قبض على الحاج محمد سولونج ورفاقه وحكم عليهم بثلاث سنوات ولكنهم ما لبثوا أن اغتيلوا سراً في 14/12/1373هـ.

- المقاومة طريق الحرية:

وبعد أن تلاشت فرص مسلمي فطاني في تحقيق حلم الدولة المستقلة للمسلمين هبَّ الشعب الفطاني يجاهد لاستقلال بلاده، وأسس جبهات التحرير التي انضوى في صفوفها كثير من الشباب المسلم، وأخذ يقاتل على أرض فطاني، في جبال بودور الشاهقة، وبين الغابات والأدغال المتشابكة المجاورة لماليزيا، وبدأت عمليات المقاومة عام 1950م، ولا تزال حتى الآن تواجه أشد الظروف، وتتحدى المصاعب وحدها.

ومن أهم حركات المقاومة التي تواجه عنف حكومة تايلاند وإجراءاتها القمعية ضد المسلمين: (الجبهة الوطنية لتحرير فطاني) التي تأسست عام 1960م وهي أول جبهة أنشئت في فطاني، وتدعو إلى تنظيم المجتمع الإسلامي، ووسيلتها حرب العصابات، وكذلك (المنظمة المتحدة لتحرير فطاني) التي تأسست عام 1968م وتتبع أساليب العنف ضد الحكومة البوذية. وتوجد أيضاً (الجبهة الوطنية لتحرير فطاني) التي تأسست عام 1970م وتنادي بالاستقلال على أن يكون نظام الحكم ملكياً، ومعظم قادتها في الخارج. وهناك كذلك (الحركة الإسلامية الفطانية) التي تأسست عام 1975م على يد عدد من العلماء، وقد قامت بنشاط إعلامي للتعريف بقضية فطاني.

(*) صحفي مصري.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015