يحيى بشير حاج يحيى
ذكر الإمام السيوطي في كتابه (تاريخ الخلفاء) بسنده عن (كتاب الأوائل) للعسكري: «كان عبد الملك بن مروان أولَ مَنْ كتب في صدور الطوامير (?) {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] وذِكْر النبي -صلى الله عليه وسلم -، مع التاريخ! فكتب ملك الروم: إنكم أحدثتم في طواميركم شيئاً من ذكر نبيكم فاتركوه، وإلا أتاكم من دنانيرنا ذكر ما تكرهون! فعَظُم ذلك على عبد الملك، فأرسل إلى خالد بن يزيد بن معاوية، فشاوره، فقال خالد: حرِّم دنانيرهم، واضرب للناس سككاً فيها ذكر الله وذكر رسوله، ولا تُعفِهم مما يكرهون في الطوامير، فضرب الدنانير للناس سنة خمس وسبعين» .
وبذلك حرر المسلمين من التبعية والاعتماد على الآخرين، ورد كيد ملك الروم، وأَعْلَنَ المسلمون في طواميرهم ودنانيرهم شعاراتهم التي تحمل مضامين عقيدتهم.
وما أشبه اليوم بالأمس! فالمسلمون يشتكون من سيطرة وكالات الأنباء ذات الخلفية الصهيونية والصليبية؛ فهي تفرض ما تريد من خلال نقلها للأخبار بالطريقة التي تتفق مع مخطط القائمين عليها، حتى إن بعض وسائل الإعلام في صحفها أو إذاعاتها المسموعة والمقروءة تلتزم بالعبارات والأوصاف نقلاً حرفياً وكأنه لا يجوز تغييره بألفاظ وأوصاف أخرى.
فمن ذلك (الملتزمون بالإسلام: أصوليون، والمجاهدون: مسلحون، والآمرون بالمعروف الناهون عن المنكر: الشرطة الدينية) .
وحين نتذكر ما جاء في (بروتوكولات حكماء بني صهيون) ندرك إلى أي حد بلغ التقصير بالمسلمين في هذا الشأن فقد جاء في هذه البروتوكولات: «يجب ألا يصل طرف من خبر إلى المجتمع من غير أن يحظى بموافقتنا؛ ولذلك لا بد لنا من السيطرة على وكالات الأنباء التي تتركز فيها الأخبار من كل أنحاء العالم، وحينئذ سنضمن ألا ينشر من الأخبار إلا ما نختاره نحن ونوافق عليه» .
وللعلم فإن (وكالة رويتر) أسسها يهودي اسمه (جوليوس باول رويتر) قبل أكثر من مئة عام؛ كما أن وكالة (اسوشيتد برس) التي تحولت إلى تعاونية عام 1900م وقعت تحت السيطرة الصهيونية منذ ذلك الوقت، وكذلك الحال بالنسبة لوكالة أنباء (اليونايتد برس انتر ناشيونال) التي كان أحد مؤسسيها ويدعى «وليام راندولف هيرست» متزوجاً من يهودية، وقد سانده اليهود في حملته الانتخابية كحاكم لنيويورك، وحتى وكالة أنباء (هافاس) التي أصبحت فيما بعد الوكالة الرسمية للدولة الفرنسية؛ فإن اليهود هم الذين أسسوها، وقام عدد منهم بإدارتها.
أما الفضائيات ومواقع الإنترنت فحدث ولا حرج!
فلماذا لا نسعى سعياً جاداً للخلاص من الحاجة إلى وكالات أنبائهم؟ وبين أيدينا الإمكانات البشرية والفنية والمالية، كما فعل أجدادنا حين حرَّموا دنانيرهم، فيسلم لنا ديننا، وتسلم لنا دنيانا، فالحاجة ماسة، والقضية ملحَّة.