التحرير
من الظواهر اللافتة للنظر التي ازداد انتشارها في أوساط الدعاة وأبناء الصحوة الإسلامية بمختلف طبقاتهم التهاون في الالتزام بالسنة النبوية، سواء أكان ذلك في الهدي الظاهر، أم في جوانب الممارسة الشخصية أو الدعوية، ونحوهما.
والمحزن أن الأمر تجاوز عند بعضهم مرحلة القصور الشخصي إلى التزهيد بتطبيق السنة، والتقليل من شأنها، بل التكلف في الاستدلال والتنظير لهذا التفريط بأدلة وشُبه واهية واضحة القصور.
وإذا تأملت قول الله ـ عز وجل ـ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21] . علمت أن التأسي بالنبي -صلى الله عليه وسلم - من دلائل الإيمان، ولا يوفق له إلا من تعلق قلبه برجاء الله، وخاف من عقابه؛ ولهذا قال الحافظ ابن كثير: «هذه الآية أصل كبير في التأسي برسول الله -صلى الله عليه وسلم - في أقواله وأفعاله وأحواله» .
والواجب أن يربى الناس ـ فضلاً عن الدعاة ـ على تعظيم النبي -صلى الله عليه وسلم -، وتعزيره وتوقيره، ومن مقتضيات ذلك تعظيم سنته وإجلالها؛ فإذا رأيت الإنسان مقبلاً على السنة حريصاً على الاهتداء بهدي النبي -صلى الله عليه وسلم - علماً وعملاً؛ فاعلم أنه على خير. وإذا رأيت الإنسان يتقاصر عن فعل السنن ويلتمس المعاذير للتخفف منها؛ فاعلم أنه على غير الجادة.
نعم! لا يجوز أن تُنَزَّل السنن منزلة الفرائض، لكن لا يجوز أيضاً أن تُزدرى السنن وتهجر، وخاصة ممن هم في منزلة القدوة الذين يحتذى بهم. قال الله ـ تعالى ـ: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: 158] .