هل يشارك المسلمون في مستقبل الفاتيكان؟
أبو إسلام أحمد عبد الله
«قفوا، نتقدمْ» ذلك هو عنوان الكتاب الأخير الذي ألفه (جان بول الثاني) ، ووزعه منذ شهور قليلة في ذكرى
وكان الكتاب السابق لرأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم، الذي يحمل عنوان (ادخلوا الأمل) ، قد صدر منذ عشر أعوام، وبيع منه 20 مليون نسخة بحسب تصريحات دار النشر.
وبين (ادخلوا الأمل) و (قفوا، نتقدم) وضع (جان بول الثاني) ، لمساته الأخيرة على المشروع ألإبليسي لاختراق جدار الشرق الإسلامي، ليس من خلال اتفاقيات وعقود مع زعماء المسلمين الدينيين أو الزمنيين، إنما من خلال سيل تصريحاته الإعلامية، التي جمعت بين السياسة بصفته رئيساً لأصغر دولة، وبين الدين بصفته رأساً لأكبر كنيسة.
ولعل الحصاد الذي تَغَنَىَّ به كبار علماء الأمة الرسميين إثر موت (جان بول الثاني) منذ أسابيع قليلة، وهم يبرقون إلى فاتيكان روما برسائل تعازيهم، كان هو عين الجرائم التي ارتكبها رئيس الفاتيكان السابق في حق الأمة الإسلامية، وعلى رأسها (بالُّونتي) : «السلام» و «الحوار» ؛ إذ كان السلام الذي يحقق الأمل، لم يكن أبداً للمسلمين منه نصيب، وتشهد أحداث الصرب والبوسنة والصومال، وأخيراً جنوب السودان على سبيل المثال لا الحصر، أن الأمل الذي نادي بإدخاله، كان هو تطهير هذه المناطق من المسلمين، وإحلال عَبَدَة الصليب مكانهم، ومع كل هذه الحالات، تدفقت الجيوش الصليبية من كل حدب وصوب وفي مقدمتهما الجيوش «المريمية» الكاثوليكية تحت ستار المعونات والمساعدات، وتوزيع كتابهم المقدس باليد اليمني، وفتات المعونات الرمزية باليد اليسرى.
ومن أجل إدخال الأمل أيضاً، أصدر (جان بول الثاني) عشرات التصريحات والبيانات التي طالب فيها أمريكا والغرب الصليبي بعدم الاعتداء على العراق ومن ثم احتلالها، في الوقت الذي كانت «جيوش مريم» و «فرسان الهيكل» الكاثوليكية، في طليعة المتربصين على حدود العراق للتوغل في أحشائها بعد إعلان سقوط العاصمة بغداد رسمياً، ولعل ذلك الحدث بالتحديد، هو ما ترجمه عنوان كتابه الأخير الذي سبق ذكره: (قفوا، نتقدم) .
وهاهي أرض فلسطين التي احتلها اليهود عنوة وتحدياً لكل القوانين الشرعية والدولية الوضعية، لم يرد في ملفات الفاتيكان في عهد (جان بول الثاني) ، الذي تجاوز ربع قرن من الزمان ما يشير أبداً لاستنكار أو شجب ولو من باب ذر الرماد في العيون، وكان الفاتيكان من قبل أن يأتيه (جان بول الثاني) ، مؤيداً للحق الفلسطيني في تحرير أرضه، وحتمية إجلاء اليهود من أجل سلامة المقدسات.
- الغفران المنقوص:
وفي الوقت الذي قرر فيه مجلس الأمن تبرئة الصهيونية من صفة العنصرية، اتخذ (جان بول الثاني) قراره بتبرئة اليهود من دم المسيح، المزعوم صلبهم له وسفك دمه، ولما روَّج مساعدوه أنها تبرئة سياسية لا عقدية، لحفظ ماء وجه الفاتيكان التاريخي، طالبه اليهود ممثلين في قياداتهم الدينية والسياسية (الصهيونية) بالاعتذار مرة ثانية لتأكيد التبرئة الأولى، فلم يتردد (جان بول) في الاستجابة، وأعلن تبرئة اليهود، كتابةً وخطابةً، من زعم صلب المسيح عليه السلام، وأضاف إلى التبرئة اعتذاره عن التاريخ الأسود للكنيسة الفاتيكانية في حق اليهود، بينما لم يطرح عليه مساعدوه، فكرة الاعتذار عن الإجرام الصليبي البشع في الأندلس، ومثيله في فلسطين وبلاد الشام وبلاد المغرب العربي، ثم صربيا وكرواتيا والبوسنة، وبلغاريا وألبانيا، وأخيراً في الصومال وجنوب السودان.
ومن الطرف الإسلامي، كانت التوصيات الخجلى لبعض المؤتمرات والمنظمات والقيادات الدينية، أضعف من أن يكون لها أي صدىً للصوت في الساحة البطرسية أمام القلعة الفاتيكانية بروما، ولم يشغل (جان بول) نفسه كثيراً بهذة القضية؛ وبالضرورة فإن لديه مسوغاته، ولعل أول قائمة هذه المبررات، هي «الانفصام» الشديد أو «الذوبان» الشديد (سواء) بين القوى السياسية الحاكمة للمسلمين، والقوى الدينية الممثلة رسمياً للإسلام في جل ديار المسلمين.
- الحوار الكاذب:
وكانت واحدة من المآثر التي تَغَنَّى بها بعض قادة المسلمين أكثر مما اهتم بها الإعلام الفاتيكاني، هي ذلك الوهم الكاذب الذي يحمل عنوان الحوار مع الإسلام؛ إذ أفلح مساعدو (جان بول الثاني) في استدراج عشرات المثقفين المتغربين إلى تلك الدائرة الخطيرة، وربطهم عند خطها الخارجي، على مدى أكثر من ربع قرن، ينظم لهم المؤتمرات، ويٌعد لهم البرامج، ويحدد لهم المكان، ويختار من خلالهم المشاركين، ثم يصيغ لهم التوصيات، ليعلن لهم مع الألفية الزمنية الثالثة، أن الفاتيكان يتحاور مع المسلمين وليس مع الإسلام؛ إذ قضى (جان بول الثاني) حياته إلى أن مات الشهر الماضي، رافضاً أن يعترف بالإسلام ديناً سماوياً، وكانت مكرمة واسعة من المسلمين للفاتيكان وأهله، أن هيئة من الهيئات الدينية الإسلامية المتحاورة، أو عالماً، أو داعية، أو موظفاً في مؤسسة إسلامية، لم يكلف نفسه بواجب إبلاغ الفاتيكان برسالة الإسلام (?) ، وليس مجرد الدفاع عنه.
- نظرة إلى الآتي:
في ضوء هذة المقدمة الدلالية الموجزة، نرى أنه من حق المسلمين أن يبادروا ولو لمرة واحدة على سبيل التقليد، باستخدام حقهم الذي أهملوه طويلاً في القفز بالعقل قليلاً نحو المستقبل القادم، على ضوء مسيرة ربع قرن قضاها (جان بول الثاني) على رأس كنيسته في روما، استطاع خلالها أن يجعل من الجسد المريض للمسيحية في الغرب، وحشاً له أذرع وأنياب تنغرس في لحم الأمة العربية والإسلامية من شرقها إلى غربها، إلى الحد الذي لا نجد فيه أدنى مبالغة، أنه لم يترك وطناً عربياً مسلماً إلا وكان له فيه أرض يسكن فيها جنوده، و (يكرزون) من خلالها بالمسيح الرب.
ونتساءل: ما العناوين التي سوف تحملها الصفحات الأولى من (أجندة) اهتمامات البابا الجديد (بنديكت السادس عشر) الذي أسفرت عنه انتخابات (120) من أساقفة (كاردينالات) الكاثوليك في العالم، بعد أن حذف منهم (جان بول الثاني) (ستة كرادلة) ، وأضاف إليهم (سبعة عشر) قبل موته بأربع وعشرين ساعة، بحسب المصادر الفاتيكانية الخاصة، لأسباب غير معلومة، وغير واضحة، إلا أن تكون واحدة من صور العبث الخفي التي غالباً ما تحدث في (كواليس) الفاتيكان، عند الأحداث الكبرى لعمل توازنات سرية مشبوهة باسم الرب، والرب منها براء، إذ تؤكد المعلومات التي توافرت لجميع وكالات وأدوات الإعلام في العالم كله، أن (جان بول الثاني) قبل رحيله بأيام وليس بساعات، لم يكن يملك القدرة على فتح فمه ليتكلم، وإن فتحه فلم يكن بوسعه أن يصدر صوتاً، كما لم يكن بوسعه أن يحرك يده ليشير إلى رغبة في نفسه، ولم يسع واحد من أتباعه أن يأتي له بـ (قنينة زيت مقدسة) من ذلك الذي ينزل من أيدي الأصنام المدعوة لمريم العذراء أو ابنها يسوع الرب، والمنتشرة في عشرات الدول يتزاحم حولها الناس الذين يعتقدون جهلاً أن فيها الشفاء من كل داء.
ولم يستدع واحد من كبار الأساقفة روح العذراء مريم، التي تظهر بزعمهم في سماء الأمم بين كل حين وآخر لتبارك الأعمال، وتشفي الأمراض، وتشهد لمن يراها بالصلاح، فلم يحدث شيء من هذا، ولم يسع أحد إليه، ومات أكبر رأس كنيسة في العالم مثلما يموت كل البشر، لكنه قبل أن يموت كتب وصية يطلب فيها أن يدفن (كالمسلمين) في التراب، وليس (كالمسيحيين) في تابوت، وبقي من بعده السؤال الذي سُئل مِن قبله مائة وأربعة وعشرين مرة، بعدد الذين سبقوه إلى هذا المنصب:
من يخلف البابا؟ وماذا سيفعل في تركة سابقه؟ وماذا عن المستقبل؟
- أولاً: الأجندة الغربية:
مات (جان بول الثاني) في مساء اليوم الثاني من إبريل الماضي، مخلفاً وراءه واحدة من أضخم التركات عبئاً، وأشدها خطراً، من كل التركات التي خلفها سابقوه لخليفته، على مدى التاريخ كله، وكأني بذلك البابا القادم، وقد ورث جبلاً ضخماً من القنابل الموقوتة المجهزة للانفجار في وجهه، على المستويين العالمي الغربي من ناحية، والعالمي العربي الإسلامي من ناحية أخرى، ولنبدأ بالتركة الغربية، ونختار منها:
1 ـ الكشف عن قاتل البابا (جان بول الأول) ، الذي خلفه (جان بول الثاني) .
2 ـ الموقف من الماسونية العالمية.
3 ـ العلاقات الفاتيكانية بالنظام الأمريكي والمنظومة الليبرالية للفكر والسياسة والدين.
4 ـ إسقاط الدب الشيوعي.
5 ـ العلاقات الفاتيكانية باللوبي الصهيوني والقوى الدينية اليهودية.
6 ـ الموقف الأوروبي الرافض للمسيحية بإجماع الغالبية.
7 ـ الرؤى الأخلاقية الرافضة للإجهاض والمثلية.
8 ـ ما الضوابط التي سوف يستحدثها البابا الجديد لوقف السلوكات غير الأخلاقية في الكنائس الكاثوليكية وقد باتت ظاهرة تهدد كيان الكنيسة؟
ونتناول من هذه الملفات ما يكفي للدلالة على الحال التي عليها هذه القلعة الضخمة خلف الساحة البطرسية في روما؛ حيث تشرئب إليها أعناق، وتتاجر من خلالها أعناق أخرى، في الدين والسياسة وتجارة السلاح والرقيق الأبيض ووسائل تحديد النسل مما ليس مناسباً تناوله في هذا المقال.
- من قتل جان بول الأول؟
صعب للغاية أن يغفل البابا الجديد كشف الحقيقة التي غابت أكثر من ربع القرن، حول موت البابا السابق (يوحنا بولس الأول) ـ ميتة ياسر عرفات ـ بعد شهر واحد من اعتلائه منصبه الخطير وبدون مرض خطير، وهو الموت الذي هيأ لـ (جان بول الثاني) الطريق إلى رأس الفاتيكان مُعبّداً، وتولّى منصبه، بصورة مثيرة للجدل بشكل واسع، لعل أكثر مكوناتها إثارةً هو تفرد (الكاردينال كارلو) سابقاً، (جان بول الثاني لاحقاً) من حيث كونه الأول منذ خمسة قرون الذي يعتلي سدّة الكهانة في الفاتيكان من خارج إيطاليا، وهو حدث جلل في تاريخ البابوية المعاصر.
- هل يستقيم الموقف من الماسونية؟
يحمل التاريخ البابوي في الفاتيكان موقفاً واضحاً من المحافل الماسونية، وقد أصدر العديد من البيانات الرسمية والتوصيات والتوجيهات، وحذر الباباوات السابقون من انضمام أحد من رجال الدين المسيحي إلى هذه المحافل العدمية التي تسعى لهدم القيم الإنسانية والمجتمعية.
فلما اعتلى (جان بول الثاني) عرش البابوية، لم يجد بأساً في لقاء كبار رجال أندية روتاري وليونز في مقره الفاتيكاني، ثم تطور الأمر بعد ذلك باستقبال أحد كبار أعضاء المحفل الماسوني البريطاني، فكانت تلك اللقاءات بمثابة موافقة ضمنية من الرئاسة البابوية بعدم الممانعة في التحاق رجال الدين الكاثوليك بهذه المحافل التي كانت عضويتها محرمة من قبل وتعتبر شبهة تلحق العار بصاحبها.
ولعل تلك التوجهات المشبوهة، هي واحدة من الأمور التي كان مسكوتاً عنها طوال فترة البابوية الراحلة، ولا ندري ماذا سيكون موقف البابا الجديد منها، ونظن أنه إن خالف فسوف يموت سريعاً كما مات (يوحنا بولس الأول) ، وهو ما أشار إليه بوضوح واحد ممن كانوا مرشحين للمنصب الخالي.
- العلاقات الأمريكية:
يُجمع العديد من خبراء السياسة الأوروبية على علاقة سرية باتت معلومة لدى قطاع عريض من الخبراء، تجمع ما بين (يوحنا بولس) وجهاز الاستخبارات الأمريكي، جرى تفعيلها مبكراً، وبدت أول نتائجها في الزيارة التي قام بها (كارلو) في عام 1978 لبلده الثاني بولندة، داقّاً هناك أولى مسامير الكنيسة الكاثوليكية في نعش الشيوعية، وهو ما شغل حيزاً كبيراً من كتاب «صاحب القداسة» لصحفيين إيطاليين، أثبتا فيه العلاقة المريبة التي تربط هذا الرجل بجهاز.C.I.صلى الله عليه وسلم.
إشارة إلى وجود تدخل استخباراتي لافت للبابا في الشرق الأوسط، وثّقه تقرير هام للمركز الإعلامي الفلسطيني من بيت لحم، جاء فيه: «من المثير أنّ البابا (يوحنا بولس السادس) ، يملك أحد أكبر أجهزة جمع المعلومات في الأراضي الفلسطينية، حيث تزوّد الكنائس الكاثوليكية بشكلٍ يوميّ الفاتيكان بأحداث الأراضي الفلسطينية وبشكلٍ تفصيليّ، وإن كان لا يعرف من يستفيد من هذه المعلومات وتحليلها في النهاية» . وعلى الرغم من أن التقرير لا يدّعي علمه بالجهة المستفيدة، فإنه على أفضل الأحوال حين يكون الفاتيكان مستقلاً، فإنه حينئذ يعد من الجهات الاستخبارية، وإلا عُدَّ ـ على أسوأ الفروض ـ من توابعها «الاستعمارية» .
- هل يتبدل الموقف من الشيوعية؟
آخر كتب البابا «الذاكرة والهوية» الذي لاقى رواجاً كبيراً طوال فترة تدهور حالته الصحية، أماط فيه اللثام عن قناعته الشخصية بأن الشيوعي التركي (محمد على آغا) ، الذي حاول اغتياله أوائل الثمانينيات لم يتصرف من تلقاء نفسه، معبّراً عن اعتقاده بأن الكتلة الشيوعية السابقة ربما كانت وراء مؤامرة محاولة اغتياله.
والخطة كانت محكمة؛ فمن بولندة ذات الثمانية والثلاثين مليون نسمة ـ هم الأكثر كثافة سكانية بين دول أوروبا الشرقية، مقر حلف وارسو، قاعدة اليهود الخلفية في أوروبا ومفرزة الزعماء الصهاينة ـ، من هناك تحرك البابا، ومن هناك أطلق عباراته النارية: «إن المسيح لا يقبل أن يكون الإنسان أداة إنتاج فقط؛ فعلى العامل ورب العمل والدولة والكنيسة نفسها أن يتذكروا أنه لا يمكن فصل المسيح عن عمل الإنسان» ، فلتعوا الدرس يا أتباع منظمة تضامن «ليخ فاونسا» الزعيم العمالي المثير للجدل، والذي أضحى بعدُ زعيماً لبلاده كلها: «أن المسيح يحارب الشيوعية، فلا تكونوا اشتراكيين» ، «نريد الله في مدارسنا، نريد الله في منازلنا، الله هو ربنا» ، وخلافاً لقول المسيح: «دع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله» ، قال (جان بول الثاني) : «إن على الكنيسة مشاركة الشعب في كفاحه من أجل الديموقراطية» ، فهكذا أريد للكاثوليكية أن تنطق، ليأتي بعدها الرئيس الأمريكي اليميني الجديد (رونالد ريجان) لـ «يبشر» العالم بالديمقراطية، ويعطف على كلام البابا الكاثوليكي كلام رهبان البيت الأبيض المشيخيين البروتستانت، حين بدا الحيز الفكري بينهما ضيقاً، وفي عام واحد أسقط (عيدي أمين) ، وأُحل حاكم مسيحي محله، وأسقط (بوكاسا) الحاكم الإفريقي المسيحي الذي تجرأ واعتنق الإسلام، فأسقطته قوات أكبر دولة كاثوليكية في العالم، ولعل الذاكرة الإعلامية تكون محتفظة بحادثة الكاردينال الكاثوليكي (آرنست) ، التي شاهد وقائعها العالم كله، والذي تورط في الانخراط في حكومة نيكاراجوا الشيوعية كوزير للثقافة، فلما زارها البابا في رحلته الشهيرة إلى أفريقيا، علم بذلك، فغضب غضباً شديداً، ولم يكترث بتوسلات الكاردينال (آرنست) التي أبدى فيها ولاءه للكنيسة وللبابا، لكن «الحبر الأعظم» ـ هكذا كانوا يلقبونه ـ بكل «سماحة» (!!) ، لم يجد حرجاً أن يوبخ الرجل ويعنفه ويهينه أمام عدسات التلفاز، على تورطه بالمشاركة في حكومة شيوعية.
- العلاقات الصهيونية اليهودية:
تكاد تتفق الأوراق الناقدة لتاريخ (جان بول الثاني) ، على منتج متميز لصناعة كاثوليكية / يهودية مشتركة، مرَّ إنتاجه بعدة مراحل إنتاجية ومحطات دينية واستخبارية فائقة الدقة، بعض هذه المحطات تغلّفه السرية القاسية، وبعضها بات اليوم مكشوفاً للباحثين.
أولى هذه المحطات هي النقطة الفاصلة في حياته، عندما كان في الثامنة عشرة من عمره، هارباً مع ذويه من الحدود التشيكية إلى بولندا؛ حيث كان يهودياً على ملة أبيه وفقاً لكتاب الصحفيين البريطانيين (صاحب القداسة) ـ وإن لم يعترف الفاتيكان بذلك ـ ثم بدّل دينه إلى النصرانية عندمّا عَبَر الحدود التشيكية (موطنه الأصلي) إلى بولندا مع بدايات الحرب العالمية الثانية عام 1939 (حين اعتبر اليهود وقتها أنفسهم مضطهدين) ، وقيل ـ دون أي توثيق ـ إنه درس اللاهوت سراً بعد ذلك، ليكون كاهناً عام 1945، ثم قساً عام 1946، ثم أسقفاً عام 1958، ثم كبير أساقفة عام 1964، ثم كاردينالاً عام 1967 بعد ثلاث سنوات فقط.
وفي محطة تحوله إلى النصرانية، ثمّة ما يمكن الوقوف عنده مليّاً إذا ما استصحبنا قديماً رحلة (بولس الرسول) (?) الذي أتى بعد رفع المسيح بسنوات محدودة من بطن اليهودية إلى قمة النصرانية الذي وضع هو أسسها وفقاً لمرجعيته الأولى، ثم كانت رحلة (عبد الله بن سبأ) من اليهودية إلى الإسلام ظاهرياً (?) ، ثم حدثناً منذ خمسة قرون تقريباً رحلة (مارتن لوثر) من الكنيس اليهودي إلى الكنيسة المتمردة على كاثوليكية روما وتأسيسه للبروتستانتية، ثم رحلة (كارل ماركس) من موائد ومعابد اليهودية إلى إمبراطوريات الإلحاد الشيوعي ووضع نظريته «الماركسية» ، ثم حديثاً رحلة (مصطفى كمال) (?) ابن زبيدة اليهودية، حيث الأب مجهول ـ من عباءة اليهودية إلى التظاهر بالإسلام، وتبنّيه للقومية الطورانية التركية.
لذلك كان حتماً أن تنعطف نحو حياة مهندس الوثيقة البابوية «بتبرئة اليهود من دم يسوع المسيح» التي صدرت عام 1965، وهو (كارلو فوتييلا) أو (جان بول الثاني فيما بعد) ، الذي استطاع بعد اعتلائه عرش البابوية أن يدجن الكنيسة الكاثوليكية مثلما دُجِّنَت الكنيسة الإنجيلية تماماً في حضن الصهيونية، قائلاً: «لو كان المسيح ـ عليه السلام يهودياً ـ فإنه لشرف عظيم لبابا روما أن يكون يهودياً هو أيضاً» ، وزاد: «إن اليهود أعزاؤنا وأشقاؤنا المحببون، وهم بحق الشقيق الأكبر» .
بدأ (جان بول الثاني) البابا السابق رحلته المشبوهة بعد أقل من ثلاث سنوات في البابوية، حتى أفاض من «كرمه» على الصهيونية معترفاً بـ «دولة الكيان الصهيوني» في عام الاجتياح والمذابح الصهيونية الوحشية لأرض لبنان 1982م، ولم يتردد في نشر نصائحه للنصارى أن يحبوا اليهود؛ لأنهم شعب (المسيح اليهودي) ، ثم كلل ذلك بأول زيارة فاتيكانية لكنيس يهود بعد ذلك بأربع سنوات في روما، وصلاته فيه، وسط ذهول «نصارى» الكنيسة الشرقية، ثم توجيهه اللوم أخيراً قبل عامين من الألفية الثالثة لأتباعه المتسببين أو الذين صمتوا على ما يعرف بـ (الهولوكوست اليهودي) أو القتل الجماعي الذي ينسب للنازي.
- ثانياً: الأجندة العربية الإسلامية:
أما على الصعيد الإسلامي والعربي، فإن الرؤية المستقبلية لا تتحمل أن تبقى في دائرة علامات الاستفهام التي أخضعنا لها عناصر الأجندة الغربية؛ إذ يكون من المأمول أن ينتقل العقل العربي من دائرة الركود والسلبية إلى الدائرة المشاركة، بعدما أصبح هو نقطة الارتكاز الأول التي تتوجه إليها كل الأطروحات الغربية والشرقية، رغماً عنا أو بإرادتنا.
ونرى أن قائمة الاهتمامات التي يجب أن ينتبه إليها البابا الجديد للفاتيكان لا بد أن تتفاعل معها الإرادة الإسلامية العربية، لتخرج بها إلى دائرة الضوء بإرادتها لا بإرادة غيرها، مستفيدة من حدث التغيير الذي ظل العالم العربي أسيراً أو مسروقاً لحسابه مدة تجاوزت ربع قرن، وأهم هذه الاهتمامات:
1 ـ حق المسلمين في إعلان الفاتيكان اعترافه بالإسلام، حتى لو لم يكن المسلمون في حاجة لهذا الاعتراف.
2 ـ حق المسلمين في إعلان الفاتيكان اعتذاره للمسلمين عن الحملات الصليبية المتكررة على العالم الإسلامي، والمذابح التي ارتكبوها في حق المسلمين، حتى لو لم يكن المسلمون في حاجة لهذا الإعلان، في ضوء ما فعله الفاتيكان من اعتذار متكرر لليهود، ليس عن قتل النصارى لليهود كما فعل النصارى في المسلمين، وإنما كان الاعتذار؛ لأن النصارى تخاذلوا عن دعم اليهود في مواجهة النازية.
3 ـ التزام الفاتيكان بوقف حملاته التنصيرية في بلاد الأمة الإسلامية، وهو المطلب الذي تنازل عنه المسلمون لسنوات طويلة، ولم تتنازل عنه الكنيسة الأرثوذكسية في روسيا على مدى ربع قرن من الزمان بذل فيها (جان بول الثاني) جهوداً كبيرة للتقريب بين الكنيستين دون جدوى، ولم يسمح للأخير أن يزور روسيا ولا أن يضع الأول يده في يد الثاني حتى يوقف الفاتيكان حملاته الكثلكية بين الأرثوذكس.
4 ـ تخلي الفاتيكان عن أفكاره العنصرية التي نزع إليها خلال ربع القرن الأخير، والتي تجلت مع سياسات الولايات المتحدة الأمريكية في السنوات العشر الأخيرة باسم اليمين النصراني المتصهين.
5 ـ تعديل مسار العلاقات الفاتيكانية مع الكيان الصهيوني، والكف عن التصريحات الإعلامية المخدرة، والتي لا توقف قتلاً ولا تدعم دفاعاً، وارتضت ظلماً بأن يتقاسم اللص أرض صاحب الحق، وإن مقابلة (جان بول الثاني) لـ (عرفات) عام 1981، بدت في الحقيقة وكأنها اتفاق مشبوه وتمهيد لاعتراف الفاتيكان بالكيان الصهيوني كدولة عام 1986، ولم يكن التصريح الخادع الذي أعلنه الفاتيكان عام 2003: «الحاجة إلى بناء جسور لا بناء جدران» لم يستنكر العمل بقدر ما كرَّسه كواقع.
6 ـ وقف مناهج الهيمنة الغربية الذي تتبناه البابوية الفاتيكانية، والذي يمكن تعريفه بالوجه الديني للعولمة.
7 ـ لا بد من إعادة نظر الفاتيكان في الدور الواضح والمباشر لحماية غطرسة اليهود والإحجام عن مساعدتهم، أم سيستتبع الواقع الموروث محاولات تكفيرية جديدة تعطي اليهود والصهاينة مزايا في علاقتهم الجديدة مع الكرسي البابوي؟ وما تأثير هذا على مواقف الفاتيكان وعلاقاته المتشابكة مع القضايا العربية، كصاحب مصلحة أصيله تحتاج مراضاة العالم الإسلامي عموماً والعربي خصوصاً؛ إذ فيه من أتباع الكاثوليكية عدة ملايين، من المهم تبادل المصالح لتيسير شؤونها، وهي ورقة ليس من الصواب السياسي أو الديني أن يهملها العرب والمسلمون.
8 ـ لجأ (جان بول الثاني) خلال السنوات الثلاث الأخيرة، سيراً على درب المنظومة الأمريكية التي أصبح أسيراً لها، إلى احتواء مشبوه مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كوسيلة لإثارة النعرة الطائفية لدى الشيعة من ناحية، وللضغط على أهل السنة من ناحية أخرى، بادئاً بما أسموه تدليساً: (حوار الأديان والحضارات) ، وهو ما صرح به في بيان له صدر في 23/6/2002 عندما قال: «من الضروري أن يتعاضد الزعماء الدينيون ـ خاصة زعماء الإسلام والمسيحية ـ لإقامة الحوار بين الأديان أكثر فأكثر» ، معرباً عن شكره للجمهورية الإسلامية الإيرانية التي فتحت أبوابها لبعض الجرعات التنصيرية المحدودة فيما أسماه (جان بول الثاني) : «حل مشاكل الأقليات الدينية» . فما رؤى البابا الجديد، وما خطط المسلمين السنة ورؤاهم تجاه هذا التحالف، إذا ما استمر، وإذا توقف الحوار تماماً بين المسلمين عموماً والكاثوليك؟
9 ـ من المهم أن يجيب المسلمون عن سؤال: ماذا لو كان البابا الجديد واحد من الكرادلة الرافضين للحوار مع الآخر أو الذين يودون إقامة جدار أمام الإسلام والمسلمين في أوروبا؟ هل سنشهد مداً يمينياً مسيحياً جديداً يضاف إلى الذي نعاني منه مع الولايات المتحدة؟ وهذه التساؤلات يجب ألا يهملها العقل الإسلامي، إن لم يكن لحماية الأمة من أعدائها، فليكن بسبب قوانين وقرارات ودساتير المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني الذي يعد بمثابة منهج الكنيسة الكاثوليكية الذي يتغير ويتبدل ويتطور ويتراجع ويتقدم وفقاً للسياسة لا وفقاً للدين كما يتوهم كثيرون.
10 ـ سقطت هيئات ومؤسسات إسلامية ومفكرون وإعلاميون في دائرة ما عرف زيفاً بالحوار بين الأديان، وأعلن الدكتور محمد عمارة مؤخراً أنه بعد رحلة طويلة في دائرته تبين له أن الحقيقة أشد مرارة وخطراً مما كان يظنه في بداية رحلته، محذراً من الاستمرار في هذا الدرب، بغير الضوابط والدوافع والحاجات والقواعد التأصيلية التي ترشد مساره، وفقاً لأهداف المسلمين وليس استدراجاً لهم؛ فهل يمكن الاستفادة من التجربة وإعادة تقييمها، وأخذ مساحة مناسبة من الزمن تعيد الاتزان للمحاور المسلم الذي أجهده اللهث خلف السراب؟
11 ـ لقد رفض الاتحاد الأوروبي بالأغلبية أن تكون المسيحية له عقيدة، ولا أن تكون الكتب المقدسة مرجعاً، ولا أن يكون للمؤسسة الفاتيكانية اعتباراً في تحديد آلية وشكل ووسيلة المنظومة الغربية الجديدة، وعبَّر الفاتيكان رسمياً السبت 19/6/2004 عن خيبة أمله لإغفال ذكر الجذور المسيحية لأوروبا في الدستور الأوروبي الذي تم إقراره الجمعة في بروكسل خلال قمة الاتحاد الأوروبي، وقال بيان للمتحدث باسم الفاتيكان (جواكين نافارو فالس) : «إن الحبر الأعظم لا يمكنه سوى الإعراب عن الأسف لمعارضة عدد من الحكومات الاعتراف بشكل واضح بالجذور المسيحية لأوروبا» ، مؤكدا أن ذلك يشكل «رفضاً للبرهان التاريخي والهوية المسيحية للشعوب الأوروبية» .
وكانت الكنيستان الكاثوليكية والبروتستانتية في ألمانيا قد أعربتا أيضاً عن خيبة أملهما لعدم إشارة الدستور الأوروبي للمسيحية، وحاولت بولندا وإيطاليا حتى اللحظة الأخيرة الحصول على ذكر للمسيحية في مشروع الدستور الأوربي، إلا أن معارضة عدد كبير من الدول، بينها فرنسا، كانت قوية جداً، فغاب ذكر المسيحية بنص الدستور.
الأمر الذي يفرض على المسلمين اليقظة التامة لعدم نقل هذه الروح الانهزامية تجاه الدين والقائمين عليه، وعلى المؤسسات الدينية الإسلامية ـ أن تعي تلك الرسالة وتنتبه لخطورتها على الأمة الإسلامية، ويكون من الكفر بالإسلام أن نجعل الاعتقاد بالله والقرآن والسنة والتمسك بالمسجد والالتزام بالشعائر، قابلة للتمييع أو الذوبان، أو أن تكون وجهات نظر يباح فيها اللغط. وعلى صعيد آخر؛ فإن هذه الروح التي تبنتها القوى السياسية في أوروبا، لا بد أن تجد في الإسلام والمسلمين حاجتها، وأن تصل بهداها إلى ضالتها، ويكون الأمر حينذاك فرض عين على كل مسلم ومسلمة، أن يتحمل نصيبه من هذه التبعة.
12 ـ لقد كشفت الوثائق خلال الأعوام العشرة الأخيرة أن إعلان الفاتيكان عن مطالبته للدول الغنية إعفاء الدول الفقيرة من ديونها، هي مخادعة شيطانية تتم عبر الوثيقة البابوية التي صدرت عام 1994م، بعد سقوط الشيوعية وانتهاء الحرب الباردة، والتبدل المحوري في تعامل الغرب مع الجنوب حيث دعت تلك الوثيقة إلى «تحرير الدول الَمدِينة التي أصبحت كالرقيق عند دائنيها» ، وطالبت بحملة حاسمة لذلك مع حلول عام 2000 م، وانتشرت الدعوة عن طريق أكثر من 800 مركز ورابطة كنسية ومالية واجتماعية في أنحاء العالم، وكان من إنجازاتها جمع ملايين التوقيعات لقمة كولونيا للدول الصناعية عام 1999م، والتي اتخذت أول قرار رسمي دولي بصدد إلغاء الديون جزئياً عن بعض الدول الشديدة الفقر، وهو ما يشير إلى أن الفاتيكان لا يوظف في هذا الإطار أمواله، فتلك متروكة للدول الصناعية ومصارفها المالية والمؤسسات المالية الدولية المرتبطة بها، وإنّما وظف الفاتيكان بياناته ونشاطاته الاجتماعية ودعواته الإنسانية، وقد كسب بذلك الطرح ربط إجراءات القوى الدولية والمالية الغربية على وجه التخصيص، تجاه الدول النامية الفقيرة، من قبيل إلغاء بعض الديون، بأنها كانت استجابة لجهود الكنيسة وبفضل نداءاتها، وقد يكون هذا بالذات مقصودًا من وراء التوقيت للخطوات الدولية الأولى في هذا الاتجاه بعام 2000 م، وهو ما تعتبره الكنيسة «عامًا مقدسًا» .
وعندما استعرضت الكنيسة نتائج حملتها الأولى في اجتماع عُقد في 25/11/1999 م كانت قد مهدت لذلك بسلسلة من الاجتماعات بين مندوبيها ومندوبي المصارف المالية الكبرى في العالم، بما في ذلك المصرف المالي العالمي، وتبع ذلك اجتماعات عقدت في مطلع العام الجاري، وشملت صندوق النقد الدولي، وأسفرت الاتصالات في خاتمة المطاف عن الاتفاق على «شراء الكنيسة» للديون المستحقة على بعض الدول، مثل ديون غينيا وزامبيا المستحقة لصالح إيطاليا، ولا يعني ذلك في البداية إلغاء الديون، قدر ما يعني أن الطرف الدائن أصبح الفاتيكان بدلاً من المصارف المالية. كما أن كلمة «شراء» لا تعني تسديد مبلغ ما؛ فالكنيسة لم تنفق شيئاً، والديون المعنية هي تلك التي تدخل في برامج إلغاء الديون عالميّاً، ولكن بدلاً من الإلغاء المباشر؛ فإنه يأتي عن طريق الفاتيكان، وبدلاً من «الشروط الدولية» يأتي النفوذ الكنسي، أو الشروط الكنسية، أو التسهيلات على صعيد النشاطات التنصيرية وغير التنصيرية، وهكذا تتحول دولة الفاتيكان إلى طرف من الأطراف المالية الدولية القادرة على استخدام عنصر المال على نطاق أوسع من ذي قبل في التأثير على الدول عن طريق الأغلال التي صنعتها حقبة الاحتلال والاستغلال الماضية، فضلاً عن القصور المحلي في الدول النامية نفسها، علاوة على استخدام عنصر المال في التأثير على الفئات الشعبية الأضعف عن طريق بعثات التنصير وما يوضع بين يديها من طاقات «المعونة الاجتماعية» . وهكذا أيضاً تكون الكنيسة قد دخلت المشروع المطروح دوليّاً دون رأسمال ـ طرفاً فيه ـ على افتراض تنفيذه بصورة كاملة خلال عدة أعوام قادمة ـ لا يتجاوز حدود إلغاء الديون على أفقر 21 دولة في العالم، أي ما يعادل 10 (عشرة) في المائة من الديون المتراكمة على الدول النامية، والتي وصلت مع الرسوم الربوية عليها في هذه الأثناء إلى أكثر من ألفين وثلاثمائة مليار دولار.
والمفاجأة أنه لا ينبغي أن يدفع هذا الدور الجديد للفاتيكان ـ والذي يبدو حيوياً وفاعلاً ـ إلى الظنّ أن هذا هو الجانب الرئيسي للعلاقات المالية بين الكنيسة الكاثوليكية والدول النامية بما في ذلك الأفقر من سواها، إنما نسوق له مثالاً صارخاً من ساحل العاج، المعروفة بأنها أفقر الدول النامية الَمدِينة، وقد أقيمت في عاصمتها (ياموسوكرو) كنيسة كبرى، بلغت تكاليفها أكثر من 60 مليون دولار، وهي حاليًا أكبر الكنائس في العالم إطلاقاً، وقد بنيت على طراز كنيسة بولس في روما، وافتتحها البابا يوحنا بولس الثاني في احتفال كنسي ضخم عام 1990 م.. وبقيت ملاحظة بسيطة، جاء هذا الافتتاح بعد أن قدّمها رئيس ساحل العاج (فيليكس هوفييه بويني) «هدية» لدولة الفاتيكان.
تلك هي بعض الملاحظات التي يجب الاعتبار بها في التعامل مع الوجه الجديد من غيابات المجهول بالنسبة للمسلمين، ولا نظن أن اختلافاً جوهرياً يمكن أن يحدث في سياسات الفاتيكان مع المسلمين، إلا بشرط واحد: أن يكون الاختلاف آتياً من عند المسلمين أنفسهم.