مجله البيان (صفحة 527)

ألبانيا آخر حبة في عنقود الشيوعية في أوروبا (اقتباس)

ألبانيا

آخر حبة في عنقود الشيوعية في أوربا

الصنداي

مع اكتمال مسلسل انهيار الأنظمة الشيوعية في دول الكتلة السوفيتية والتي

كانت رومانيا آخرها، تكون ألبانيا هي الدولة الوحيدة في أوربا التي ما زال يتسلط

على شعوبها نظام ماركسي، هذا إذا ما استبعدنا الاتحاد السوفييتي الذي منه بدأت

شرارة الشيوعية الأولى وفيه انطفأت.

وألبانيا دولة مسلمة، دخلها الإسلام إبان الفتوحات العثمانية في أوربا، يبلغ

عدد سكانها (2. 84) مليون ويشكل المسلمون ثلثي هذا العدد ومعظمهم من السُنَّة،

وسيطر عليها الشيوعيون في أواخر الحرب العالمية الثانية وهي منذ ذلك اليوم دولة

ذات نظام ماركسي منعزل عزلة شبه تامة عن باقي دول العالم، يعتبر نفسه - أي

النظام - الممثل الوحيد للشيوعية الحقيقية في العالم، فهو لا يعتد بأنظمة الاتحاد

السوفييتي أو الصين أو يوغوسلافيا، بل ولا يقيم علاقات دبلوماسية معهم. وتعتبر

مدن ألبانيا هي الأمكنة الوحيدة في العالم التي ما زالت تبقي على تماثيل ستالين في

ميادينها العامة..

وما زال شعب ألبانيا المسلم يخضع لقوانين ماركسية صارمة، فأطفال

المدارس لا زالوا يرددون قسم الولاء للشيوعية كل صباح، ومعارضو النظام لا

يجدون شفقة ولا رحمة، وليس أمامهم إلا السجن أو الإعدام، وعناصر قوات الأمن

منتشرة في كل مكان، والصحافة تخضع لرقابة صارمة، أما مناطق الحدود فهي

تزدحم بأبراج الأنوار الكاشفة التي تكشف كل من يحاول الفرار من البلاد، فقضية

غلق أسوار الدولة بهذه الكيفية تعتبر من المبادئ الأيدلوجية للنظام.

أما فيما يخص الجانب الاقتصادي من الحياة اليومية، فإن فقدان السلع

الأساسية والأغذية هو سمة السوق المحلية، كما أن طوابير الناس التي تمتد

لمسافات طويلة وتبدأ من الساعة السادسة صباحاً بحثاً عن رغيف خبز أو قطعة لحم

تعتبر مشهداً يومياً مألوفاً. والنظام الاقتصادي لا يتيح للفرد حق التملك باستثناء

أشياء محدودة جداً؟ فحيازة السيارة ما زال من المحظورات على المواطن الألباني، على الرغم من تمتع أعضاء الحزب بقيادة السيارات الفاخرة التي يصطحبونها

معهم إلى منتجعاتهم الصيفية.

وعلى الرغم من هذا وذاك، وعلى الرغم من القبضة الحديدية التي يحكم بها

هذا البلد المسلم، والستار الحديدي الذي يحجب عن العالم الخارجي كل ما يحدث

داخل هذا السجن الكبير؟ فإن الأنباء المتسربة من هناك تشير إلى حدوث موجات

سخط كبيرة بين أوساط الشعب، وتقارير تتحدث عن خروج مظاهرات احتجاج

كبيرة مضادة للحكومة في 14/12/1989? في إقليم سكوتاري ومدينة سكودر

الشمالية هي الأولى من نوعها. وتشكل الجامعات والمعاهد - حيث نخبة الشباب

المثقفين والمفكرين - بؤراً لموجات السخط والغليان الشعبي.

قد تبدو أعمال الاحتجاج والمظاهرات هذه - والتي نفتها الحكومة - صغيرة

في حجمها، إلا أنها على كل حال تمثل ثغرة في كيان النظام الشيوعي (الحقيقي)

هناك وبداية الطريق لسقوط آخر قطع (الدومينو) الحمراء في أوربا.

صنداي كوروسبوندنت والتايمز 24/12/1989م

دائرة المعارف البريطانية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015