عرض: محمد عبد الشافي القوصي
- «هذا الكتاب» أهم مصادر الكره الأمريكي الغربي للإسلام والعرب.
- «المؤلف» هو جد الرئيس الحالي الذي يدعو صراحة في كتابه إلى التخلص من الإسلام والعرب والمسلمين!
- «جورج بوش» الجد يصف الإسلام بالوباء، ومحمد بالدعي!!
- يزعم ـ المؤلف ـ أن «محمداً» أرسله الله ليعاقب الكنائس الضالة.
- بوش الجد يتوقع أنه ستحدث قريباً ردة كبيرة عن الإسلام نحو المسيحية!
هذا الكتاب ( «محمد» مؤسس الدين الإسلامي ومؤسس إمبراطورية المسلمين) .. أبرز وأهم المراجع الفكرية بالمكتب البيضاوي القابع فيه الرئيس الأمريكي «جورج بوش» ، وقد انفردت «دار المريخ» بالقاهرة بنشره وترجمته إلى العربية لأول مرة، وكان قد أعيد طبعه بلغته الأصلية ثلاث مرات من قبل، ويقع في قرابة 700 صفحة من القطع الكبير، 16 فصلاً، 5 ملاحق ... يكشف ـ هذا الكتاب ـ عن أهم مصادر الفكر الغربي الأمريكي العنصري المتطرف المتداول ـ الآن ـ في دوائر البحث العلمي والأكاديمي في الغرب عامة، وفي الولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص.. إنه نموذج صارخ على كراهية الأديان السماوية، وتحريض الغربيين على العنصرية والتطرف وإلغاء الآخر.
مؤلف هذا الكتاب «جورج بوش» الجد الأكبر للرئيس الأمريكي الذي كان واعظاً بارعاً في الجدال والمناظرة، وراعياً لإحدى الكنائس في (إندانيا بولس) ، وأستاذاً في اللغة العبرية والآداب الشرقية في جامعة نيويورك، وله مؤلفات وشروح في أسفار العهد القديم، ومن أهمها هذا الكتاب الذي يتحدث بخبث وعنجهية عن حياة نبينا الكريم وأمة العرب والمسلمين، وهو ينطوي على بذاءات وادعاءات تصف العرب والمسلمين ونبيهم بما هو الأشنع مما كتب عنهم في الغرب على الإطلاق.
- لماذا هذا الكتاب..؟!
لعل عرض هذا الكتاب يكشف عن أحد أهم مصادر الفكر المخالف، وأهم مصادر ومرجعية التطرف في الفكر الغربي؛ إنهم يفهمون ديننا وتاريخنا وفق ما جاء في أمثال هذا الكتاب، ويطالبوننا الآن بشطب تراثنا.
ونحن لا ندعو بشكل من الأشكال إلى تصادم في أساس الفكر الديني، وإنما ندعو إلى مواجهة الأفكار الخاطئة، خاصة أن المؤلف لا يكتفي بمهاجمة الإسلام ونبيه -صلى الله عليه وسلم-، وإنما يهاجم كل المذاهب النصرانية الشرقية.. فنحن نطالبهم أن يمعنوا النظر بتجرد علمي فيما ينطوي عليه هذا الدين من تسامح وإعلاء لكل القيم الإنسانية ـ كما يقول الأستاذ/ عبد الله الماجد ـ ناشر هذا الكتاب ـ.
ولسنا هنا بصدد الرد على مزاعم المؤلف وافتراءاته التي تفوق الحصر، وتناقضاته التي هي ليس في كل صفحة فحسب، بل في كل فقرة من فقرات كتابه هذا الذي بدت على صفحاته الكراهية والبغضاء وما يخفي صدر مؤلفه أكبر، ولكننا نشير إلى بعض هذه المتناقضات والمغالطات المكشوفة، ويكفي من ذلك ما يشير إلى ما ينطوي عليه الكتاب.
- بوش يؤكد أن التوراة والأناجيل تنبأت بظهور «محمد» ومعراجه إلى السماء:
العجيب أن كتاب بوش هذا أكد في آخر الفصل السادس عشر أن نبينا محمداً -صلى الله عليه وسلم- مكتوب عند أهل الكتاب في التوراة والإنجيل، تماماً كما أشار القرآن الكريم، وإن كان بوش اختلف مع علماء المسلمين في آيات التوراة والإنجيل التي قال علماء المسلمين إنها تتنبأ بظهور نبينا، وقال: إنهم فسروها خطأً، إلا أنه أورد آيات أخرى من العهدين القديم والجديد، قال مؤكداً إنها تشير إلى ظهور محمد وانتشار دعوته ... كما أكد هذا الكتاب أن النبوءات اليهودية والنصرانية تؤكد أن نبينا سيناطح «جند السماوات» وأنه هو «النجم إذا هوى» . وهذه مسألة تهم الباحثين في الإسراء والمعراج باعتبارهما نبوءة وردت في الكتب السابقة على الإسلام.
- عقيدة «المؤلف» في القدر:
ورغم أن «المؤلف» أورد ما سبق في سياق وصف فيه نبينا بكلمة خبيثة هي «الدعي» إلا أنه في أحيان كثيرة تحدث عنه واصفاً إياه بالنبي وأحياناً بالرسول، وذلك في سياق فهمه لعقيدة أن الأمور مقدرة سلفاً، وأن القضاء والقدر خيره وشره من الله سبحانه، وأنه لا يكون في كون الله إلا ما يريد، وما يريده الله ـ سبحانه ـ على حد فهم بوش هو أن ينتشر الإسلام، ولكن إلى حين يعود بعده المسلمون إلى حظيرة الكنيسة النصرانية، وبعدها يعود المسيح بن مريم ـ عليه السلام ـ ليحكم في الألفية.
ويقول مؤلف الكتاب: لقد قدر الله انتشار الإسلام وانتصاره، وليس من تفسير بشري معقول لهذا الانتشار والانتصار، ولا يمكننا بالحساب الذي نعرفه أن نفسر هذا، فلا مناص من أن نقول: إن الله أراد ذلك. هذا ما قاله (الجد بوش) . ولننقل هنا ترجمة عباراته التي وردت في الفصل الخامس عشر. يقول بوش: «لقد وضع محمد أساس إمبراطورية استطاعت في ظرف ثمانين سنة فقط أن تبسط سلطانها على ممالك وبلاد أكثر وأوسع مما استطاعته روما (أو الإمبراطورية الرومانية) في ثمانمائة سنة، وتزداد دهشتنا أكثر وأكثر إذا تركنا هذا النجاح السياسي وتحدثنا عن صعود دينه وانتشاره السريع واستمراره ورسوخه الدائم، والحقيقة أن ما حققه نبي الإسلام لا يمكن تفسيره إلا بأن الله كان يخصهما برعاية خاصة؛ فالنجاح الذي حققه محمد -صلى الله عليه وسلم- لا يتناسب مع إمكاناته، ولا يمكن تفسيره بحسابات بشرية معقولة، لا مناص إذن من القول: أنه كان يعمل في ظل حماية الله ورعايته، ولا شك أنه يجب علينا أن ننظر للإسلام في أيامنا هذه بوصفه شاهداً قائماً ينطوي على حكمة غامضة لله ـ سبحانه ـ لا ندري مغزاها، حكمة لا تفهمها عقول البشر أو على الأقل لا تفهمها عقول البشر حتى يتحقق غرضها» .
ولا يرى جورج بوش غير رعاية الله لمحمد -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين في أن قريشاً ومن حالفها لم يقضوا قضاءً مبرماً على المسلمين في «أُحد» ، لا يرى غير حكم الله المسبق بانتشار الإسلام ورسوخه في هذه الغزوة، خاصة بعدما أصيب «القائد» ولم يستطع الصلاة إلا جالساً، وبعدما تفرق كثير من أصحابه ـ ونحن نرى ذلك معه ـ.
معركة أخرى يرى بوش أنه كان من الممكن أن ينتهي فيها أمر النبي والمسلمين، لكن هذا لم يحدث لأسباب بعضها مفهوم وبعضها غير مفهوم: إنها «غزوة الخندق» التي تسمى أيضاً «غزوة الأحزاب» .. لنقرأ ما يقوله بوش في الفصل الحادي عشر: «وسواء كان انسحاب الأحزاب عن (المدينة المنورة) بتدبير بشري أو بتدبير إلهي فمن المؤكد أن قريشاً تخلت بعدها عن كل أمل في وضع نهاية لقوة النبي المتنامية، فلم يعودوا من الآن فصاعداً يرسلون الحملات العسكرية ضده» .
أما الأسباب البشرية التي يشير إليها بوش فهي: «الخندق» الذي أشار سلمان الفارسي بحفره حول المدينة، وكذلك «المبعوثون» الذين كان يبعثهم النبي إلى القبائل التي كانت تحاصر المدينة متحالفة مع قريش.
فالعرب كلهم ـ وتعاون معهم اليهود ـ أتوا لحرب الرسول وليضربوه عن قوس واحدة؛ وعلى وفق حساب الاستراتيجيات والتكتيكات الدنيوية كان لا بد أن ينهزم المسلمون، لكن هذا لم يحدث؛ وهذا دليل فيما يرى بوش على أن الله لا يريد هذا، وأنه مكتوب للإسلام أن ينتصر ... إلى هذا الحد نتفق مع بوش، لكن الذي لا نتفق معه فيه هو ما جاء في الفقرة التالية مباشرة، إذ يقول: «إن الله أراد للإسلام أن ينتصر على يد هذا «النبي المحارب» ليؤدب الكنائس النصرانية الشرقية التي ضلت السبيل إلى حين، وأن من أسلموا سيتركون إسلامهم مرة أخرى ليعودوا إلى حضن كنيسة أخرى سليمة العقيدة، وربما كان هذا عند عودة المسيح في الألفية» (1) .
- تساؤلات بوش الحائرة..!!
ويتساءل جورج بوش الجد في نهاية الملحق الأول لهذا الكتاب قائلاً: «وإذا كان ما يذكر بشأن ظهور الإسلام وتقدمه وسلطانه غير كاف، وإذا كانت الأسباب الدنيوية التي عادة ما يجري إيرادها لشرح النجاح المذهل الذي حققه الادعاء الإسلامي لا زالت تبدو لنا غير كافية، وإذا كانت أعظم ـ أو أكبر ـ ثورة على الإطلاق واجهت الكنيسة النصرانية تبدو معضلة لا حل لها فلِمَ نتردد في أن نعزو هذا مباشرة إلى الله ومشيئته؛ وبذا نجد الحل الذي يفسر كل هذه الأسرار؟!
لماذا نحن تواقون للهرب من الاعتراف بالتدخل الإلهي في قيام هذه الهرطقة (يقصد الإسلام) التي هي رأس الهرطقات؟ إن صح تفسيرنا لنبوءتي دانيال، ويوحنا فإن الخداع المحمدي (الإسلام) حقيقة تشهد بصحة محتوى كتبنا المقدسة، وحقيقة تاريخية تشهد بظهور الإسلام وانتشاره. والآن فما معنى أن نصرّ على أن العملية لا تعدو كونها ذات أسباب بشرية، بينما هي حقاً واردة في النبوءة، فإننا بهذا حقيقة نكون قد نزعنا حكم الكون (العالم) من يد الله. وهذا المبدأ يدفع إلى تكذيب كلمات النبوءة المؤكدة؛ لأنه يجعل الله مجرد متنبئ بأحداث ليس له سيطرة عليها وليس هو ضابطها! هذا المبدأ لا يصمد أمام أي قدر من التمحيص عندما تنبأ دانيال بمصير الإمبراطوريات الأربع الكبيرة، أو عندما تحدَّث أشعياء عن قورش (كورش) وأسماه بالاسم؛ باعتباره سيحقق هدفاً لله المحيط بكل شيء؛ فهل يمكننا بعد كل هذا أن نقول: إن الأحداث التي جرى التنبؤ بها تمت بعيدة عن المشيئة الإلهية؟ من الأسهل والأصوب أن نعترف بترسيم مسبق قضى الله بمقتضاه أن يظهر محمد الذي لا يزال باقياً (يقصد أمته) بهيمنته المرعبة، ودوامه المستمر، وتأثيره القدري في أمور البشر، كما أنه مجال لنبوءات مؤكدة. وهذا لا يعني عدم مسؤولية الإنسان عن عمله، ولا ينفي بالمرة الطبيعة الأخلاقية لهذه الأعمال؛ فعلم الله السابق بما سيكون لا يعني استبعاد حساب الإنسان عما اقترفت يداه، ولا يضعف من فكرة الثواب والعقاب. والكتاب المقدس (عندهم) زاخر بالأمثلة التي تؤكد هذا..» .
- ماذا نفهم من هذا النص الخطير الذي يوضح فكر طائفة كبيرة من النصارى؟
لا شك أن لهذا مدلولات عندهم من أهمها:
ـ أن الأسباب البشرية أو العملية لا يمكنها أن تفسر هذا النجاح المذهل لمحمد -صلى الله عليه وسلم- وأتباعه، ومن ثم لا بد أن يعزى هذا لإرادة الله.
ـ أن الله ـ سبحانه ـ ليس مجرد مخبر بما سيجري، وليس مجرد متنبئ بالأحداث التي ستحدث، وإنما هو فاعل لها مريد لها؛ فهو أراد أن يعذب النصارى الضالين بأيدي المسلمين.
ـ دين محمد -صلى الله عليه وسلم- ضلال ـ كما يزعمون ـ أراد الله به أن يزيد ضلال النصارى واليهود الذين خرجوا عن دينهم الصحيح.
ـ محمد -صلى الله عليه وسلم- رسول من الله بلا شك، لكن بمعنى أنه محنة أو مصيبة ليعود بعدها من آمن به إلى الدين الصحيح (النصرانية على وفق مذهبه) ؛ فبوش يتوقع حركة ردة كبيرة وكاسحة بين المسلمين!! (خيّبه الله وأخزاه) .
- رحلة الإسراء والمعراج ـ كما يراها جورج بوش الجد ـ!
يقول المؤلف «جورج بوش» في صفحة 89 من كتابه هذا: «بأن النبي يتظاهر برحلة ليلية إلى السماء السابعة (المقصود المعراج) ؛ حيث آثر الله محمداً في السنة الثانية عشرة لبعثته المزيفة ـ كما زعم المؤلف ـ برحلة ليلية من مكة المكرمة إلى القدس، ومن القدس إلى السماء السابعة بصحبة جبريل. يقول المؤلف بالإضافة إلى هذه الحكاية المبالغ فيها التي لم ترد في القرآن، وإنما تنقلها الروايات (يقصد السنّة) ربما ابتدعها المدعي كي يحقق لنفسه شهرة بوصفه قديساً (2) وربما ليرفع نفسه فوق مقام موسى كليم الله فوق الجبل المقدس، وعلى أية حال فإن المسلمين يؤمنون بقصة عروج النبي إلى السماء إيماناً يقينياً» ، وفي صفحتي 90، 91 يقول المؤلف «إن واحداً من المسلمين كتب يصف كيفية حدوث هذا في تلك الليلة» . ثم يسرد المؤلف جورج بوش قصة المعراج التي دوَّنها كاتب مسلم اسمه «مرجان» ، ثم يعلق بوش عليها في الصفحة التي تليها 92 قائلاً: «إذا تجاوزنا هذه المقدمة ذات الطابع الشعري وذات الأسلوب الشرقي الرائع حقاً لندخل في حقيقة هذه القصة الصبيانية نشعر على الفور أن خيال النبي يعاني من خلل، يمكن مقارنته بالخلل الذي اعترى تلميذه (المقصود راوي الرواية التي أشرنا إليها آنفاً وهو مرجان) الذي استطاع بالتأكيد أن يعطينا قصة أكثر تشويقاً عن هذه الرحلة السماوية من السخف البائس الذي يظهر في التلفيق الذي قدمه لنا النبي» .
وبعدها يسرد ـ المؤلف جورج بوش ـ قصة المعراج في أربع صفحات متتالية ـ كما وردت في كتب السير الإسلامية ـ يعلق عليها قائلاً: «تلك هي التصورات أو الخيالات الصبيانية للنبي، تلك هي القصة الملحمية الغبية التي خدع بها السذج من أتباعه بما فيها من وصف حي.
وفي صفحتي 99، 100 من كتابه يقول جورج بوش «المؤلف» : ليس من المستبعد أن يعود أصل حكاية رحلته الليلية إلى السماوات أن «محمداً» أراد أن يعطي وزناً وقيمة لأقواله هو شخصياً.. فقد كان محمد واعياً وعياً كبيراً أنه إذا ما استطاع أن ينجح مرة في كسب تصديق أتباعه بأن الله قد تحدث إليه في حضرته التي لم يشهدها أحد، وأنه قد أفضى إليه بأسرار السماء العميقة؛ فإنه يستطيع بعد ذلك أن يدعي ما شاء له أن يدعي ضامناً تصديق أتباعه سريعي التصديق. تلك هي النتيجة الفعلية من الآن فصاعداً ارتبطت قداسة خاصة بكل ما صدر عن النبي من أقوال مبتذلة، وكل فعل غير مهم في كل أمر من أمور الدين. لقد حظيت أقواله وأفعاله وتقديراته بتوقير شديد أثناء حياته، وتم جمعها من الرواة بعد مماته، وأخيراً ضمتها مجلدات كونت السنّة، والمسلمون في هذا يحاكون بدقة الشريعة الشفهية عند اليهود» .
ويرى جورج بوش ـ المؤلف ـ: «أنه ليس من المحتمل أن يكون هدف محمد -صلى الله عليه وسلم- مجرد إدهاش أتباعه؛ فالمراقب اليقظ لخصائص الإسلام المميزة له لن يخفق في اكتشاف ما لا يحصى من أوجه الشبه بين هذا النظام (الإسلامي) والدين اليهودي الذي أوحى به الله، ويبدو أن المدعي (يقصد المصطفى -صلى الله عليه وسلم-) يقصد التشبه بموسى على قدر ما يمكنه، ويقصد أن يدخل في دينه أكبر قدر من التفاصيل الموجودة في اليهودية دون أن يدمر البساطة التي اتسم بها دينه (الإسلام) ، وهذه الحقيقة تتمشى تماماً مع ما يمكن تأكيده بشكل عام: وهو أن نسل إسماعيل كانوا ميالين لتقليد نسل إسحاق ويعقوب الذين نالوا بركة العهد من الله (النص ياهوه أو جاهو فاه) ، وانسالت بركة هذا العهد في ذراريهم» .
- النسخ في القرآن الكريم هل هو دليل على الادعاء، وتذبذب الشريعة الإسلامية؟
يقول بوش «إن فكرة الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم خير دليل على الادعاء، وتغيير الأحكام على وفق الأهواء» ، لكنه تناسى أن النسخ موجود ـ أيضاً في التوراة والإنجيل ـ والشواهد على ذلك كثيرة جداً (1) .
- (اقرأ) ..!
يؤكد جورج بوش أن محمداً -صلى الله عليه وسلم- كان يجيد القراءة والكتابة باللغة العربية، ويسوق عدة أدلة يراها كافية لتأكيد هذا فيما يرى؛ فالكتابة كانت شائعة بين العرب، وقد أوصى القرآن الكريم نفسه الناس إذا تداينوا بدين أن يكتبوه، كما كان علي بن أبي طالب ابن عم النبي والذي نشأ النبي في بيته (بيت أبي طالب) كان من كتاب الوحي، أي أنه كان يعرف القراءة والكتابة؛ فكيف يعلِّم أبو طالب ابنه القراءة والكتابة ولا يعلِّمها لابن أخيه، وقد عمل محمد -صلى الله عليه وسلم- في التجارة، وذهب بتجارة خديجة ـ رضي الله عنها ـ إلى الشام؛ والمشتغل بالتجارة يحتاج دائماً ـ فيما يرى بوش ـ للكتابة ليقيد ما يخشى أن يفلت من ذاكرته، وكانت مكة ملتقى حركة تجارية؛ لذا فالقراءة والكتابة لازمة لأهلها إلى حد كبير.
تلك هي الأدلة العقلية التي ساقها المؤلف ـ في الفصل الأول من كتابه هذا ـ لتأكيد معرفة رسولنا -صلى الله عليه وسلم- القراءة والكتابة.
وليته سكت عند هذا الحد، لكنه تمادى في إساءته ـ وهذا ديدنه في سائر فصول الكتاب ـ فعمد إلى الزعم بأن محمداً ادعى أنه لا يعرف القراءة والكتابة رغبة منه في التأكيد على أن القرآن الكريم ليس من عنده وإنما هو وحي من عند الله (2) .
- «محمد» هل هو إنسان الخطيئة التي تنبأت به الكتب المقدسة؟
يذهب «المؤلف» جورج بوش وطائفة من النصارى إلى أن محمداً -صلى الله عليه وسلم- هو إنسان الخطيئة المشار إليه في نبوءات كتبهم المقدسة وهو المسيح الدجال، ويعتبرون «الارتداد» الذي يسبق المجيء الثاني للمسيح هو انتشار الإسلام، ويعتبرون جلوس إنسان الخطيئة في هيكل الله هو فتح المسلمين للشام والقدس خاصة حيث الهيكل.. لذا وجدنا أن «المؤلف» في مقدمة كتابه صفحة 21 يؤكد الزعم على أن المقصود بإنسان الخطيئة هو محمد -صلى الله عليه وسلم-. والمؤلف وطائفته الدينية يتوقعون عند بداية كل ألفية مجيء المسيح ثانية وعودة المسلمين إلى النصرانية ثانية، أو على حد تعبير المسلمين «ارتدادهم» عن الإسلام.
المدهش حقاً أن جورج بوش الجد يؤكد بعد ذلك أن سمات جيوش النبي -صلى الله عليه وسلم- كما أكدتها النبوءات في الكتب السابقة أنها لا تعتدي على راهب ولا دير ولا ناسك ولا موضع تنسكه ولا عابد ولا موضع تعبده، سواء كان يهودياً أو نصرانياً» .
ونحن نتساءل: يا سبحان الله! أهذه هي صفات إنسان الخطيئة! إذن ماذا تكون صفات إنسان الفضيلة؟