مريم أحمد الأحيدب
إذا كان لديك حاسب آلي فمن المؤكد أن لديك العديد من الملفات الشخصية.
وإذا كنت ممن له صولات وجولات في عالم النت فلا بد أن تكون ملفاتك؛ بل وجهازك عرضة لمختلف أنواع الفيروسات.
فمن المؤكد حينئذ أنك ستكون في منتهى الحذر خلال تعاملك مع هذه الشبكة.
وملفاتك لا بد لها من الحماية.. وأن تضعها في مكان آمن كي لا تتعرض للتلف.
وهذا ما أردت أن أصل إليه.
أحبتي: لكل منا ملفه الشخصي.
هذا الملف لا يوجد على سطح المكتب.. ولا في قائمة الملفات الصفراء.
هذا الملف موقعه في داخلي وداخلك.
هذا الملف يختلف كمّاً وكيفاً من شخص لآخر.
وليست هذه هي القضية.
القضية تكمن في طريقة الاحتفاظ.. وكيفية الحماية.. ونوع الفيروسات التي قد تصيبه.
إنها فيروسات لا تُرى بالعين المجردة، ولا في أدق أنواع المجاهر.
مما يتوجب علينا أن نعرف وبدقة متى نفتحه؟ ... وأين؟ ... وكيف؟
هل من حق الآخرين الاطلاع عليه.. ومعرفة تفاصيله؟
وهنا يكمن السؤال.. وتتبلور القضية.
لقد خلقنا الله ـ سبحانه وتعالى ـ وأودع في كل منا قدرات وطاقات.
هذه القدرات وتلكم الطاقات تستوعب كل ما قد يدهمنا من خطوب وهموم، وأحزان وشجون.
فمن قدّر له هذه الأقدار أعطاه القدرة على الاحتمال.
ولكن يأبى الله إلا أن يرينا ضعفنا.. فيأتي العبد المسكين رامياً أحماله وأثقاله على عبد ضعيف مثله ظاناً أن بمقدوره استيعاب همه واحتمال كربته وغمه.
ونسي أن البشر طاقات، وأن طاقاتهم على قدر همومهم.
فإن لم تستطع تحمّل همك فلن يتحملوه عنك.
وإن تحمَّلوه اليوم فلن يتحملوه غداً.
واعلم أنه بقدر ما تعرضه من صفحات بقدر ما تريق ماء وجهك.. وتبدد كرامتك.. وتزيد همّك.. وتهين نفسك.. فالشكوى لغير الله مذلة.
فلا أكرم للإنسان.. وأحفظ لكرامته من حفظ أسراره.. وتغطية جروحه مهما كانت عميقة.
والإقفال على عالمه الخاصّ تماماً، كما يقفل على الدنانير والدراهم.
ولا تغرك ما تسمعه من عبارات تحمل في ظاهرها الشفقة، والرغبة في تخفيف وطأة الشجون.
فإنهم على أنفسهم لا يقدرون، وعلى تحمل آلامهم قد لا يصبرون، وعلى كتمان أسرارهم قد يعجزون.
ومن حمل سرك اليوم أصبحت أسيره طول العمر.
فأثقلت على الهم عبودية أنت في غنىً عنها لو كنت تسلحت بالصبر ولزمت الكتمان.
فكم من رفيق ضر صاحبه وهو يريد نفعه، فأورده المهالك بسوء نصحه!
فالقدر ليس منه مفر، ومن ترك كاشف الكربة ورافع الغمة ومجيب المضطرين أوكله الله إلى ذاته.
فلا يلومن حينئذٍ إلا نفسه.