تحد وصمود واستعلاء
هشام سليم سلامة
إن معاناة الأسيرات في سجون الاحتلال تفوق قدرات التحمل البشرية. فالمعاملة السادية والأساليب المبتكرة للتعذيب التي يمارسها زبانية السجن للأسف لا تفرق بين الفتاة والشاب في التعذيب، بل بالعكس؛ فلقد روت لنا الأسيرات وقائع فظيعة حدثت معهن في سجون الاحتلال وتعرضهن للضرب المبرح والاعتداء عليهن من قِبَل الأسيرات الجنائيات اليهوديات؛ بالإضافة لمعاملة الإدارة السيئة للأسيرات دون مراعاة لوضعهن كفتيات مسلمات.
وقد تميزت معاملة الإدارة بالصلف والعُنجهية؛ إضافة إلى الانحطاط الخلقي الذي اكتسى به كل من انتمى إلى هذا السلك من سجانين وإدارة. ومن صلف الصهاينة أن الذي يحقق ويعذب هم السجانون وليس السجانات، ويحقق معهن رجال المخابرات الصهيونية ويعاملوهن بعنف ويرفضون تقديم العلاج لهن.
ولقد بلغ عدد الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال الصهيوني 100 أسيرة موزعات على سجني تلموند 58 والرملة 42 إضافة لطفلين ولدا في السجن، وهما وائل ابن الأسيرة ميرفت طه ويبلغ من العمر عاماً واحداً، والطفل نور ابن الأسيرة منى غانم ويبلغ من العمر 7 شهور.
اعتقل خلال انتفاضة الأقصى حوالي 250 أسيرة، بقي منهن 100 أسيرة قيد الاعتقال، وهن موزعات على الشكل التالي:
(1) 28 أسيرة صدرت أحكام بحقهن.
(2) 69 أسيرة موقوفة.
(3) 3 أسيرات إدارياً.
(4) 3 أسيرات اعتقلن قبل انتفاضة الأقصى.
(5) 22 منهن متزوجات وأمهات وعدد أبنائهن 75.
(6) 16 أسيرة قاصرة عمر الواحدة منهن أقل من 18 سنة.
` أسيرات بحاجة ماسة للعلاج:
1 - آمنة منى: تعاني من الديسك والمعدة.
2 - لطيفة أبو ذراع: تعاني من مرض السكري والضغط.
3 - سونية الراعي: تعاني من مرض عصبي.
4 - عبير عمر خليل: تعاني من ديسك في الظهر.
5 - منال غانم: تعاني من التسلايما ومعها رضيعها نور الذي ولد في السجن، وترفض إدارة السجن أن يمسك به أبوه أو يقبله في الزيارة.
- الأساليب التي اتبعتها سلطات الاحتلال للضغط على الأسيرات:
- التفتيش العاري.
- السب والشتم بألفاظ نابية.
- التهديد بالتعرية أمام المعتقلين.
- زجهن في غرف يمتلئ فيها العملاء للضغط عليهن.
- تعرية الأسرى الشباب أمام البنات وتهديدهن بالتعرية مثلهم.
- نتف الشعر، وبعد نتفه لفه على الأيدي للتعذيب.
- منعهن من وضع غطاء الرأس.
- تعرية الأسيرات عبر إعطائهن ملابس لا تكاد تستر الجسم، وتُظهر أكثر مما تُخفي.
- الوقوف وهن يحملن كرسياً أو طاولة لمدة 48 ساعة.
- تساوي المرأة والرجل في أساليب التعذيب؛ حيث المرأة لا تتحمل مثل الرجل.
- وضع الأسيرات في دش ماء ساخن، ثم نقلهن إلى دش بارد.
- الحرمان من النوم.
- الضرب الشديد والمبرح مما تسبب للعديد من الأسيرات بعقد نفسية.
- العقاب بالزنازين الانفرادية.
- عدم الرعاية الصحية خصوصاً للحالات المرضية الصعبة وللأمهات الرضع.
- تعذيب الأسيرات بإجلاسهن بوضع الولادة والمرور على أجسادهن بآلات كهربائية والتركيز على المناطق الحساسة في الجسم.
- ربط الأسيرة من يديها ورجليها بالسرير وضربها بقوة كما حدث مع الأسيرة آمنة منى حتى سال الدم من رأسها.
- إغلاق فم الأسيرة بمنديل كي لا يُسمع صراخها خلال التعذيب والشد من الشعر.
- قصص من معاناة الأسيرات داخل السجون:
` التهديد بالاغتصاب:
تعرضت الأسيرة (س. م) للتهديد باغتصابها في سجون الاحتلال عندما كان يحقق معها رجل المخابرات وصرخ بها: «إن لم تعترفي فسأفعل بك كذا وكذا» ولكن صمود هذه الأسيرة في وجه رجل المخابرات الحاقد أغاظه، فانهال عليها ضرباً، وتعرضت الأسيرة نفسها للتعرية الكاملة ووضعها في غرفة فارغة لمدة تتجاوز الساعتين بمفردها، ومن ثم أعطيت ملابسها لتستر جسدها، وتروى قصتها عند الاعتقال وأن أكثر شيء آلمها هو صرخات أطفالها: ماما ... ماما! وقد تركت خلفها مجموعة من الأطفال كلهم بحاجة إلى رعاية، وقد عانت هذه الأم من الاعتقال المتكرر؛ حيث اعتقلت حوالي سبع مرات، وتعرضت فيهن للإهانات والحط من كرامتها ومحاولات متكررة للاعتداء عليها وتهديدها بالاغتصاب، ولكن الله ـ سبحانه وتعالى ـ أعانها، وصبرت على التعذيب والإهانات لتخرج وتكمل المشوار في رعاية أولادها.
` الربط لمدة طويلة:
تروي إحدى الأسيرات أنه تم ربطها من قدميها إلى الحائط وهي جالسة على كرسي، ويد مربوطة في يد الكرسي، وأخرى مربوطة في ماسورة حديدية للأعلى، وبقيت على ذلك عدة ساعات إلى أن تم استدعاؤها من قِبَل رجل المخابرات للتحقيق معها.
` أم مرضع في السجن:
عندما ضاق الأمر بإحدى الأسيرات وهي مرضع، وقد سحبوها للسجن وهي تُرضع وليدها الطفل الذي لم يبلغ من العمر سوى شهور قليلة. بدأت تشكو من تحجُّر الحليب في صدرها، فقيَّد الله لها سجينة كبيرة في السن مسجونة معها، فطلبت منها أن تقوم بعصر صدرها بيدها وإخراج الحليب مخافة أن يحصل لها شيء لا سمح الله، أو أن يتحجر صدرها، وبذلك وقت نفسها.
` ولدتا في السجن:
الأسيرتان منال غانم وميرفت طه ولَدتا في السجن؛ فمنال وضعت طفلها (نور) الذي يبلغ من العمر الآن سبعة شهور، والأسيرة ميرفت وضعت طفلها (وائل) أيضاً في السجن الذي يبلغ من العمر الآن عاماً، والطفلان يعيشان ظروفاً صعبة؛ فالطفل وائل يعيش أوضاعاً قاسية مع والدته الأسيرة؛ وخاصة أن ظروف السجن أبعد ما تكون أن تتلاءم مع احتياجات الطفل، أما نور فيعاني من مرض التلاسيميا، ويعاني من ضيق في التنفس، ولكن إدارة السجن تمنع خروجه هو وأمه. ويذكر أن إدارة الاحتلال صادرت مجموعة الألعاب التي كانت بحوزة الطفلين، وتتعامل إدارة السجن معهما كأنهم معتقلان؛ وبذلك يكونان أصغر معتقلين في العالم.
` الشد من الشعر:
تروي الأسيرة المحرَّرة (ف. ع) قائلة: «كانوا يعذبوننا بشد شعورنا، وأحياناً كنا نلجأ لقص شعرنا من أجل ألا تكون وسيلة لتعذيبنا، وكذلك كانوا يلفون شعر الأسيرات الطويل بعد قصه على أيدي الأسيرة ويعذبونها بشعرها المقصوص. هذا إضافة للشد بقوة من الشعر مما كان يؤلمنا جداً» .
` منع الأسيرات من ارتداء الحجاب:
تقول الأسيرة المحررة (ف. ع) : «هناك شعور مؤلم بالنسبة للمرأة المسلمة؛ حيث كانوا يمنعوننا من وضع غطاء للرأس، وعندما يتم أخذنا للتحقيق كنا نرى الألم في عيون الأسرى والقهر الشديد؛ لذا قمنا بوضع «البشكير (المنشفة) على الرأس، وكنا نلفه ليؤدي المهمة» .
` الحرمان من النوم والتعرية:
تروي الأسيرة المحررة (ف. ع) أن سلطات الاحتلال ورجال المخابرات كانوا يحرمونهن من النوم طوال اليوم، مع الشتم بالألفاظ النابية، والتهديد بالتعرية أمام المعتقلين وزجهم في غرف العملاء للضغط عليهم، وتقول: «عندما شاهدت صور أبو غريب لم أندهش؛ فلقد شاهدت بأم عيني كيف يقومون بتعرية الأسير أمامنا وضربه وتهديدنا أن مصيرنا سيكون مثلهم»