في المعتقلات الصهيونية
د. علي محمد مقبول
ما أشبه الليلة بالبارحة؛ فما سمعناه في وسائل الإعلام من إذلال وإهانة لإخواننا الأسرى الفلسطينيين والأخوات الفلسطينيات يذكرنا بتاريخ اليهود ومعاملتهم للأسرى؛ فدينهم يأمرهم بالقتل العام ومحو سكان البلاد المفتوحة فضلاً عن معاملة الأسرى. جاء في النص الوارد في الكتاب الخامس من الزبور ما يلي: «إذا أدخلك ربك في الأرض لتملكها، وقد أباد أمماً كثيرة من قبلك، فقاتلهم حتى تفنيهم عن آخرهم، ولا تعطهم عهداً، ولا تأخذك عليهم شفقة أبداً» (?) .
وجاء في الإصحاح الحادي والثلاثين من سفر العدد بالحرف: « ... فالآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال، وكل امرأة عرفت رجلاً بمضاجعة ذكر، اقتلوها، لكن جميع (الأبكار) من النساء اللواتي لم يعرفن مضاجعة ذكر أبقوهن لكم، لكم حيات ... » (?) .
فهذه النصوص وغيرها كثير تبين لنا الصورة البشعة التي كان عليها حكم الأسرى عند اليهود، وهم ينسبونها إلى الكتب السماوية وإلى موسى وداود عليهما السلام، وحاشاهما من ذلك.
ونجد أنفسنا مضطرين للاستدلال والاستشهاد بها إلى يومنا هذا؛ لأن اليهود يطبقون هذه المبادئ في عصرنا الحاضر حرفاً بحرف وكأنها تعليمات أُنزلت من عند الله. نقول هذا لإخواننا الأسرى نصبِّرهم ونخبرهم بحقيقة دين اليهود وموقفهم من المسلمين؛ نقول لهم: هذا هو حقد اليهود لن يتغير أبداً.
لكننا نعيب قومنا الذين تخلوا عنكم واتجهوا إلى (العالم الحر) العالم الحر الذي يشرد الشعوب من ديارها ـ على نحو ما يفعل بإخواننا الفلسطينيين ـ ثم يتباكى على الأسرى وعلى الذين شردوا من ديارهم.. ثم يتحدث عن اللاجئين وعن الأسرى وعن رعايتهم والعطف عليهم، وإقامة الخيام لهم؛ فمبادئ العالم الحر تقتضي العطف على المشردين والكلام عن حقوق الإنسان وعن الذين لا وطن لهم ... عن الأسرى في سجن أبو غريب وسجون الصهاينة.. حولوا البلد إلى سجن كبير ثم تباكوا على إهانة الأسارى والأسيرات.
لكني أقولُ لكم أيها الأسرى.. وأيتها الأسيرات: حياكم الله لقد تلفَّتنا فلم نجد إلا عملاً وتضحية، لم تعد مقاتلة الأعداء دعاية وتهريجاً، بل غدت سجناً وفداء وتضحية.
لقد تركتم ـ أيها الأسرى ـ غيركم يَخْطُبون ويكتبون. أما أنتم فذهبتهم إلى سجون الأعداء. لقد تركتم غيركم يجتمعون وينفضُّون، أما أنتم فقد حملتم سلاحكم ومضيتم صامتين.
إنكم تعملون لإعلاء كلمة الله في الأرض.. إنكم بعتم أنفسكم لله؛ فأجركم عند الله عظيم، ومصابكم عند الله كبير.
ولا نقول لكم أيها الإخوة الأسارى إلا كما قال الأول: «إنه لا كفاح بلا عقيدة؛ ولا حياة بلا عقيدة، ولا إنسانية بلا عقيدة؛ ولقد كنا نقولها كلمات فيتخذها السفهاء الصغار لعباً ولهواً. أما اليوم فتقولها الوقائع، وتقولها الأحداث، تقولها صور الأسرى والأسيرات الطاهرين والطاهرات؛ فإذا تشدق لسان تافه، وإذا تلاعب قلم هزيل بقضيتكم فمعذرةً؛ فتلك هموم التافهين المهزولين في كل زمان ومكان» (?) .