عبد الرحمن الحفظي
إن تحليل سيناريو الصومال الأخير ـ منذ عامين فقط ـ يعطي مؤشراً واضحاً على أن حل قضية هذا البلد لا يلوح في الأفق القريب؛ فأمريكا لا تحمل نوايا طيبة للصومال؛ فهي تسعى لفرض الديمقراطية والليبرالية في البلدان المجاورة لهذا البلد، وتدعم التدخل السافر في شؤون الصومال عن طريق دعم أثيوبيا ومساعدتها عسكرياً ومالياً لإطالة أمد الحرب فيه بتقديم المساعدات لأمراء الحرب انطلاقاً من (صومالاند ومروراً ببونت لاند، وجوبا لاند، وباي لاند، وأخيراً مقديشو لاند ـ التي ظهرت في الساحة منذ عام فقط ـ) ، وبما أن أمريكا أم العالمين؛ فهي تركز على إخماد ما تسميه بالإسلام السياسي في الصومال ـ كما في بقية العالم وتسعى ـ جاهدة ـ في تسويق نمط الحياة الأمريكي هناك، وتدعم النظم الصومالية المهترئة التي تأخذ بمفاهيم التحول الديمقراطي الانحلالي ـ وفقاً لتصور أمريكا ـ وتحمي مصالحها الأمنية والتجارية عبر المحيط الهندي وخليج عدن؛ لذا فقد بلغت من وقاحتها في اختراق الصف الصومالي في هذا العام 2004م حد تمويل وتدريب العشرات من المليشيات الموالية للغرب على أرضها في إحدى الولايات الشرقية؛ بل أقامت علاقة تجارية مباشرة مع جماعة التجار في مقديشو وبوصاصو وهرجيسا الداعمين للمليشيات لتأمين مصالحها، في حين يزداد المجتمع الصومالي تشتتاً وفرقة واقتتالاً وضراوة في القتل بغير حق.
وآخر ما اطّلعنا عليه من مهازل بعض مفكري ومثقفي أمريكا الموالين للسياسة الظالمة تحذيرهم من الإسلام الصومالي؛ فقد أعدت (عملية البحث الأخضر الأمريكية) تقريراً كاملاً عن خطورة الإسلام الصومالي الجديد الآتي من وراء جمعيات ومنظمات الصومال الأهلية، وكانت من نتائج التقرير أهمية زيادة المنظمات الغربية من أمريكا وحلفائها ـ وخصوصاً ـ التعليمية على أرض الصومال ـ التي يزعمون أنها تسعى لإعادة بناء العقلية الصومالية؛ وكأن مائة وستاً وثلاثين منظمة غربية في الصومال تعمل حالياً لا تكفي لحاجة الشعب الصومالي!