مجله البيان (صفحة 4947)

نص شعري

هذا الطريق

د. عبد الغني بن أحمد التميمي [*]

في رثاء أسد غزة الدكتور عبد العزيز الرنتيسي - رحمه الله -.

هذا الطريقُ.. أبا محمدْ

فاستقبل العلياء باسم الله

واصعدْ

هذا الطريق لمن على

جمر المواقف قد تعوّدْ

في الله تسعده المواجعُ

بل بلا تلك المواجع ليس يسعدْ

* * *

هذا طريق الصادقين

وليس مفروشاً بوردٍ

أو معبَّدْ

درب عليه الأنبياء مضوْا

فمن نوحٍ مداه إلى محمدْ

درب الشهادة ليس بالدرب

الممهّدْ

درب تُروّيه الدماءُ سخيةً

وعلى الدماء زكيةً.. ممتدْ

لم يدر ما طعم الشهادةِ

من تردّدْ

* * *

هذا الطريق.. أبا محمد

ما كان كرسياً يدورُ

ولا مياثر من حريرٍ

بُثَّ في صرحٍ ممرَّدْ

هذا الطريق ومن هنا

كان المرورُ

وسلْ به مرج الزهور

عرفتك من أزهارها

غصناً بنضرته تورّدْ

عرفتك من أسيافها

سيفاً بلا غمد تجرّدْ

عرفت لديك صخورها

قلباً تُدق به الصخور

إذا تمرّدْ

* * *

هذي الزعامة لا شعاراتٌ

بلا قيم تُردَّدْ

من كلّ قوّالٍ رويبضة

إذا ما سيم خسفاً

أو تهدَّدْ

كانت إجابته العظيمةُ أنه

أرغى وأزبد

في مجال القول مشاءٌ

ولكن في مجال الفعل مُقعدْ

* * *

أواه من إحساس قومٍ

كالحجارة قد تجمّدْ

هتفت بشجبهم الحناجرُ

والخناجر في ظهور الأهلِ

تغمدْ

وقرارهم عفنٌ من الإهمال دوّدْ

طاف القرار ببيت أمريكا

فَعاد وقد تأمرك أو تهوّدْ

والأبيض البيت الكريهُ

بكل فاضحةٍ يسوّدْ

عبد العزيز.. أبا محمد

يا أيها الملك المتوّج بالفخار

عليك تاج أحمر الإكليل

يُعقدْ

وعصائب الأبطال حمرٌ

في بهاءٍ تتوقّدْ

وكذاك مدرسة الجهاد

فزيّها زِيٌ موحّدْ

* * *

لله كم حسد النهار جبينه

والقائم الأسحارَ بالقرآن

يُحسدْ

يا من رحلت إلى العزيز

وفي فؤادك جمرة للحزن

توقدْ

أسفاً على آمال أمتك الجريحة

كيف توأدْ

ظلم القريب وغدره جرّبته

في السجن مظلوماً تقيَّدْ

وتناوبت أيديهم نتفاً للحيتك

الكريمة ... صابراً ويداك تجلدْ

ورأيت أجناد الصليب وجيشه

في أيّ عاصمة يجنّدْ

يزهو بهتك نسائنا

في مشهدٍ يُدمي القلوب

وأيِّ مشهدْ

في أرضنا جيش الصليب

وقد تكوّف أو تبغددْ

ما يزرع الطاغوت من زرعٍ

أليس بمنجل الطاغوت يُحصدْ

* * *

دار الخلافة تستباح

بها طقوس الكفر تنشدْ

لا جيش معتصم هنا؛

ولا الرشيد هنا توعّدْ

عادَ المغول وعادت

الأصنام والأوثان تعبدْ

ويطأطئ الرأسَ النخيلُ

ويرفع القاماتِ غرقدْ

وجيوش أمتنا الأبيةُ

في أوان الشدّ تُفقدْ

إن هاجم الأعداء قطراً

فهي للجيران تُحشدْ

* * *

عظم البلاء.. أبا محمد

واليوم غادرتَ العناء

إلى نعيم بعد فضل الله

باق ليس ينفدْ

نم كالعروس منعّماً

وعلى ثرى أرض الرباط

يداً توسّدْ

ضيفاً على الملك الكريم

وضيفه يرقى ويسعدْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015