مجله البيان (صفحة 4940)

حوار

البيان في حوار مع الأستاذ: المجاهد: إسماعيل هنية

حاوره: نائل نخلة [*]

نواجه حرباً معلنة بمشاركة أكثر من طرف

الضيف هو:

- مدير مكتب الشيخ أحمد ياسين - رحمه الله -.

- قيادي بارز في حركة المقاومة الإسلامية حماس.

نرحب بضيفنا الكريم: أهلاً وسهلاً بكم وأنتم أهلاً بكم وسهلاً.

تمر القضية الفلسطينية بمنعطف خطر جديد، من منعطفاتها العديد التي لا

يقل بعضها وعورة عن الأخرى، وبعد اعتماد الصهاينة لمبدأ الاغتيال المستهدف

للقادة والرموز، وسيلة أخيرة لتصفية القضية، يكون الشأن الفلسطيني، قد دخل

الصراع فيه طريق اللاعودة، وحول سمات وتداعيات هذه المرحلة، كان هذا

الحوار.

البيان: أستاذ إسماعيل هل ما تدفعه الآن حماس من دماء قادتها هو ثمن

رفضها إلقاء السلاح؟

- الأمر أكبر من ذلك؛ فقد أخفق الأعداء في مواجهة الحركة على صعد ثلاثة:

* الإخفاق في إجهاض المشروع المقام الذي تتبناه الحركة.

* الإخفاق في احتواء المشروع السياسي للحركة وتدجينها.

* الإخفاق في إدخال الحركة في أتون الصراع الداخلي.

ومن هنا فإن الحركة تدفع من دماء قادتها وأبنائها في سياق صراع مرير مع

الأعداء والخصوم.

البيان: هل تجدون من رابط بين رفض حماس العرض الأمريكي بوقف

المقاومة مقابل أمن قادتها، وما بين اغتيال الشيخ الإمام أحمد ياسين والدكتور

الرنتيسي؟

- الحركة وهي تقرر المواقف وتؤكد تمسكها بالحقوق تدرك أنها ستدفع ثمناً

مقابل ذلك، ولا شك في أن رفض الرسالة الأمريكية وهذا ما يجب أن يكون ساهم

في رفع وتيرة الاستهداف إلى أن تصل إلى استهداف شيخ الأمة ومؤسس الحركة

الشيخ الشهيد بإذن الله أحمد ياسين. اغتيل زعيم ومؤسس حركة حماس وبعده

بـ 26 يوماً اغتيل خَلَفُه الدكتور الرنتيسي رحمة الله عليهم جميعاً، ولا زلنا

ننتظر الرد. مشروع الحركة أوسع من اختزاله بعملية رد، إنه مشروع تحرري

نهضوي، ما يهمنا المحافظة على ديمومة المقاومة وإجهاض مشاريع التصفية

للقضية وتماسك الجبهة الداخلية.

البيان: ما هو مستقبل المقاومة في فلسطين؟

- مستقبل المقاومة مرهون بمستقبل الاحتلال؛ فالمقاومة مستمرة باستمرار

الاحتلال، وتتوقف إذا رحل الاحتلال.

البيان: يقول الغرب وبعض العرب ومنهم فلسطينيون إن العمليات

الاستشهادية التي تنفذها حماس أساءت إلى صورة الشعب الفلسطيني ونضاله

المشروع ضد الاحتلال، ما تعقيبكم؟

- حماس كباقي أبناء الشعب الفلسطيني هي في موقع الدفاع عن النفس؛

فالحركة لم تبدأ اعتداء ولم تكرس عدواناً. شعبنا هو ضحية العدوان والاحتلال،

وأولئك الذين يرون أن الدفاع عن النفس يشوه صورة الشعب الفلسطيني مخطئون؛

لأنهم أغمضوا أعينهم عن جرائم الاحتلال التي تتصاعد ضد شعبنا الأعزل.

البيان: هل حماس متمسكة بنهج المقاومة، حتى لو كان ثمنه إقصاءكم

عن الساحة؟

- حماس كبرت بمنهجها، وكبرت برجالها، وكبرت بتضحياتها، وكبرت

بدماء قادتها؛ فهي في قلب الفضاءات الفلسطينية، والدينية والإسلامية، متجذرة

في الأعماق، ولذلك فإن الحديث عن إقصاء الحركة عن الساحة لا رصيد له في

الواقع من فضل الله.

البيان: ما تفسير حماس للإرهاب؟

- هو الاعتداء غير المشروع على حقوق الآخرين وطردهم من أرضهم

وتدنيس مقدساتهم وتهجيرهم في الشتات وحصارهم في سجون معزولة، وقتل

الأطفال والشيوخ والنساء بدون رحمة.

البيان: بعد - مسرحية - سحب المستوطنين من قطاع غزة: هل ستستمر

حماس في القطاع بضرب أهداف العدو؟

- حينما يخلو القطاع من الجيش والمستوطنين فما هو مسوِّغ المقاومة في

القطاع؟ والحركة حينها ترقب تطور الأحداث والوقائع على الأرض.

البيان: آخر كلمات للرنتيسي - تقبله الله في الشهداء - كانت عن المقاومة

في العراق الشقيق: كيف تنظر حماس إلى مقاومة الشعب العراقي للاحتلال

الأمريكي؟

- كنظرتنا للمقاومة للاحتلال الإسرائيلي؛ فالاحتلال لأرض العراق غير

شرعي ومقاومته مشروعة.

البيان: 34 شهراً من انتفاضة الأقصى: الثمن الذي دفعته حماس من دماء

قادتها عبر عمليات الاغتيال والاستهداف كان كبيراً جداً؛ فهل لا زلتم متمسكين

بالمقاومة المسلحة ومنها العمليات الاستشهادية؟

- تهدف الاغتيالات إلى دفع حماس والشعب الفلسطيني إلى التخلي عن حقه

في الدفاع عن نفسه ومقاومته الاحتلال، وشعبنا عقد العزم على إجهاض هذه

الأهداف الخبيثة. ومرة أخرى نؤكد بأن المشكلة ليست في المقاومة.. إنها في

الاحتلال، وعليه أن يرحل عن أرضنا.

البيان: كيف ستواجه حماس خطر سحقها على الساحة الفلسطينية

وإضعافها بعد تصريحات قادة تل أبيب بنيتهم تصفية جميع قيادات الحركة في

الداخل والخارج؟

- هذه تهديدات ليست جديدة، وحماس لم تعد مختزَلة بأشخاص حتى بوزن

قادتها؛ فهي حبلى بالقيادات، وتشكل قوة إيمانية وأخلاقية وسياسية واجتماعية،

وقد تعرضت الحركة منذ انطلاقتها لمحطات من المحن والاستهدافات: اعتقالات

واغتيالات وإبعاد وحصار مالي وغيره.. إلا أنها كانت تخرج من كل ذلك أكثر قوة

وأشد عزماً. وأؤكد بأن الحسابات الإسرائيلية خاطئة في مواجهة الحركة

[وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ] (الأنفال: 30) . لقد أصبحت

الأمة كلها أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي؛ وكأن الأمة تتهيأ لأمر عظيم بإذن

الله تعالى.

البيان: كيف ستحافظ حماس على موقعها الريادي في رأس الحربة للمقاومة

الفلسطينية بعد الضغوط الهائلة التي تتعرض لها؟

- بالاعتماد على الله أولاً، وتوثيق الصلة به، بالمحافظة على القوة

وتعزيزها، وبترسيخ الوحدة وصونها في خندق المقاومة، وبتعميق التواصل مع

أمتنا العربية والإسلامية. الضغوط تسفر عن نتائج مع حكومة وأنظمة ولكنها تخفق

مع الشعوب وحركات التحرير الثابتة.

البيان: هل تواجه حماس حربا مالية، وما هو شكل هذه الحرب، وشدتها،

وكيف ستتجاوزها الحركة؟

- ومن ينكر ذلك؟ .. إنها حرب معلنة يشترك فيها أكثر من طرف، وتزداد

شدتها كلما كبرت حماس وازدادت تمسكاً بحقوق الأمة في فلسطين، ولكن أهل

الخير، معين لا ينضب، وليس أدل على ذلك من يوم الوفاء للمقاومة، والذي

سجل صفحات مضيئة في تبرعات أبناء شعبنا [وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ

وَلَكِنَّ المُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ] (المنافقون: 7) .

البيان: هل من دور منتظر للأمة الإسلامية في الدفاع عن الحركة أمام هذه

الحرب المفتوحة إسرائيلياً وأمريكياً على حماس؟

- موقع الحركة من الأمة، موقع القلب من الجسد، حركتها حركة للأمة؛

ولذا فالأمة تحتضن الحركة، من فضل الله، وتسكنها سويداء القلب، وكلما

تعرضت الحركة لشدة وجدت الأمة حولها والشواهد على ذلك أكبر من أن تحصى،

ولله الحمد والمنة.

البيان: السلطة متمسكة بتجميد الحسابات المصرفية للجمعيات الخيرية

الإسلامية في القطاع بالرغم من قرار قضائي بفك هذا التجميد، هل من أيادٍ خفية

تشارك الأمريكان والصهاينة حربهما على حركة حماس؟

- من خطايا السياسة الرسمية الارتهان إلى الأمريكان، وإدارة الظهر في

قضايا مفصلية إرضاء للأمريكان وإرضاء لنفوس مريضة ترى في حماس خطراً

عليها وللأسف. وهذه السياسات أخفقت على مدار العقد الماضي، والاستحقاقات

المقدمة تعالى عليها الأمريكان والصهاينة وجعلوها درجة على سلم التنازلات.

البيان: لمصلحة من إضعاف حركة المقاومة الإسلامية في قطاع غزة؟

- من مصلحة عدو.. أو مرتبط.. أو جاهل.

البيان: حماس وبحسب كافة استطلاعات الرأي حصدت أعلى الأصوات،

ماذا يعني ذلك بالنسبة لكم؟

- نرجع الفضل لله سبحانه الذي تكفل بحفظ دينه، وأوليائه، ثم لمسيرة

الحركة الطاهرة، والوفاء لدماء مجاهديها الأبرار، وأسراها الأبطال، وثقل دماء

القادة في ميزان الله ثم ميزان العباد.

البيان: كلمة أخيرة في هذا اللقاء!

- كلما كبرت الحركة وكبر مؤيدوها كبرت الأمانة وعظمت المسؤولية،

ونسأل الله أن يعين إخواننا جميعاً على الوفاء بها؛ لأننا على أعتاب مرحلة

التمحيص الأقوى الذي يعقبه نصرٌ وفرج بإذن الله: [وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا

وَيَمْحَقَ الكَافِرِينَ] (آل عمران: 141) والتمحيص للمؤمنين يعقبه محق للكافرين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015