مجله البيان (صفحة 4901)

ملفات

فلسطين.. نزف مستمر وعطاء دائم!

فلسطين.. هذه الأرض المباركة وما حولها ما تزال منذ ما يزيد عن قرن

مضى محط أنظار الشر، والبؤرة التي يحاول الأشرار بمختلف توجهاتهم ونِحَلهم

الإطباق عليها وامتلاكها دون أهلها سعياً لامتلاك ناصية الأمر في الشرق كله بل

العالم قاطبة.. فلسطين هذه هي البقعة الثالثة في هذا العالم التي تشكل العلاقة بها

جزءاً مهماً من عقيدة المسلمين التي لا يكون المسلم مسلماً إلا إذا آمن بها وسلَّم

تسليماً لا ريب فيه ولا محيد عنه.

وإذا كان اليهود يندفعون نحوها بأساطير منحولة وشريعة منسوخة محرَّفة؛

فإن المسلمين يشدهم إليها عقيدتهم المستقاة من كتابهم الخاتم الخالد، وسنة نبيهم

الصادق الأمين؛ ولذلك يراهم العالم اليوم لا يستسلمون للقوة مهما طغت وتعاظمت،

وما أن يفتر الجهاد قليلاً حتى تتجدد الدعوة إليه كما هو شأن هذه الأمة المختارة

لتبليغ كلمات الله إلى خلقه.

وإذا لم يعِ المبطلون من يهود وصليبيين تلك الحقائق فإنَّا مسلمي اليوم نعيها

جيداً، وهي جزء لا يتجزأ من عقيدتنا، وشطر لا ينفك عن ثقافتنا، وإن العصر

الذي نحياه بكل معطياته يؤكد حقيقة أن فلسطين لنا، وأن بإمكان المسلمين إذا ما

رجعوا إلى دينهم أن يصبح باستطاعتهم الذبُّ عن مقدساتهم بقوة وصبر ومصابرة؛

وليس هناك أدل من تلك الحفنة المؤمنة التي تجاهد في فلسطين المغتصبة،

والمطوقة من الجهات الأربع بعدو شرس حقود يمتلك من أسلحة الفتك ما لا قِبَل

للدول القوية بالصمود أمامه؛ ومع ذلك فإن الجهاد يستعر على أرض الرباط،

ويشتد أوار المعركة بين الحق والباطل؛ على الرغم من سد منافذ الإمداد لإخواننا

المجاهدين هناك؛ فقد تحولت ويا لهول ذلك دول ما كان يسمى بـ (الطَّوْق) على

اليهود إلى طوق على المجاهدين لا على اليهود المغتصبين. كل ذلك براهين على

أن الحق سينتصر ولو كان حاملوه قلة؛ فكيف وقد أخذت القلة تتعاظم على طريق

الحق، و [كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّه] (البقرة: 249) ،

وحسبك بالأطفال المجاهدين والنساء الاستشهاديات ممن بعن أنفسهن لله.

وإذا كان الجهاد على أرض الرباط قد بدأ منذ العدوان الأول للاحتلال

البريطاني، وكان من أبرز قادة ذلك الجهاد الشيخ عز الدين القسام واستشهاده؛ فإنه

لن ينتهي باستشهاد الشيخ أحمد ياسين، بل سيزداد الجهاد أَلَقاً؛ فإنه اللغة التي

يمكنها أن تُفْهِم أهل الصلف والعدوان أن لا سبيل لديهم إلى إطفاء جذوة الحق

المتعاظمة: [يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ

كَرِهَ الكَافِرُونَ] (التوبة: 32) .

نعم! إن فلسطين جرح نازف مستمر، ولكنها عطاء متجدد لا يبور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015