شئون العالم الإسلامي ومشكلاته
ننشر فيما يلي نص بيان الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي ووفق على إعلانها في
الجزائر.
بسم الله الرحمن الرحيم
تعرف البلاد تناقضات على جميع المستويات، من ذلك شعب طموح يريد
النهوض بنفسه إلى مستويات مقاصد الشريعة الإسلامية والنموذج الإسلامي القرآني
السني على مستوى النظم، النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتربوي في
النطاق الحضاري الإسلامي لمواجهة مستجدات أزمة الحضارة في الوقت الذي بقي
فيه النظام الحاكم عاجزاً عن مواجهة القضايا الأساسية التي تطرحها حيثيات الأزمة
السياسة والاقتصادية الاجتماعية والثقافية والحضارية وقد آل أمر البلاد إلى خطر
الضياع والبلبلة انعكس في حيرة هزت الشعب هزة عنيفة وكان الشباب أكثر تأثراً
بهذه الحيرة.
وإذا كانت الدعوة الإسلامية قد أخذت على عاتقها مسؤولية توجيه الشعب
الجزائري والسير به نحو المنهج القويم والصراط المستقيم المانعين من المخاطر
المذكورة آنفاً والضامنين للنجاة والمحققين للمراد من الصحوة الإسلامية التي ما
فتئت تشكل معقد آمال الأمة.
ولئن كانت الدعوة الإسلامية محاصرة بالضغوط المعادية للإسلام وللشعب
الجزائري في الداخل والخارج فإن الدعوة كانت دوماً تشع على العقول بأنوار
الهداية، وتنعش الضمائر بالغذاء الروحي الذي تذخر به أخلاق القرآن والسنة
وتشحذ الإرادة الخيرة للأمة بالطاقة الإيمانية الفعالة مما جعل الشعب الجزائري
يقوى على مواجهة النوائب ومصارعة الاستعمار الحديث، كما قوي بالأمس على
سابقه الاستعمار القديم.
وبعد أن جربت مختلف الأيدلوجيات الحديثة؛ الشرقية منها والغربية، وثبت
إفلاسها بما لاشك فيه لم يبق للشعب الجزائري إلا أن يجد في العمل بدينه القويم
لإنقاذ مكاسبه التاريخية الرسالية الحضارية وثرواته البشرية والطبيعية دون أن
يضيع الوقت الذي أصبح يشكل أهم العوامل في نجاح الخطة الإصلاحية الشاملة.
ولتحقيق ذلك لابد من هيئة تستوعب كل المطالب والحاجات التي تكون في
مستوى مستجدات الأزمة، وتوظف كل أو جُل الإمكانات والطاقات كي تثرى
الحلول على قدر مطالب النهضة الشاملة والصحوة الحقة، وتوفر لها إذكاء عبقرية
الجيل وذكاءه وإنماء خبراته، واستقامة مسلكيته كي يكون في مستوى الجهد
الرسالي والعمل الجاد المبدع في مختلف مجالات الحياة، وميادين الحضارة من أجل
ذلك كان ميلاد الجبهة الإسلامية للإنقاذ إرهاصة تاريخية ساعد على ظهورها نفسية
الشعب الجزائري المفعمة بالإيمان التائقة إلى عزة الإسلام وعدل شريعته، وهي
القرآن والسنة وقيم أخلاقه والتأسي برسوله - صلى الله عليه وسلم - وأجيال
الصحابة والتابعين لمواصلة الرسالة.
مواصفات الجبهة الإسلامية للإنقاذ:
1 - إنها تعمل على وحدة الصف الإسلامي، وتحافظ على وحدة الأمة لقوله
تعالى: [إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً، وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ] ولقوله صلى الله عليه
وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً» رواه البخاري.
2 - تقديم بديل كامل شامل لجميع المعضلات الأيدلوجية والسياسية
والاقتصادية والاجتماعية في نطاق الإسلام كما جاء في القرآن والسنة مع مراعاة
الشروط النفسية والاجتماعية والجغرافية والطبيعية محددة في الزمان بكل أبعاده
النفسية والحضارية. قال تعالى: [إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلامُ] [وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ
الإِسْلامِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ] ، ولقوله تعالى: [إِنَّ
هَذَا القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ] ، ولقوله تعالى: [اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ
عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً] ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «تركت
فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي» .
3 - من خصائص منهجيتها الاعتدال والوسطية والشمولية لقوله تعالى:
[وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً] وقوله -صلى الله عليه وسلم- لبعض أصحابه:
«يسرا ولا تعسرا، بشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا» .
4 - ومن ميزات طريقتها الاعتدال في الجمع بين المطالبة والمغالبة دون
إفراط أو تفريط. لقوله تعالى: [وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ
الأَرْضُ] ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على
الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم» ، وتستعمل المطالبة لإقامة الحجة لقوله
تعالى: [وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً] ، وقوله تعالى: [وَمَا كَانَ اللَّهُ
لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ] . كما تستخدم المغالبة لضمان
مصالح الأمة والحفاظ على ثوابتها وصيانة مكاسبها لقول عمر بن الخطاب: (متى
استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً) .
5 - ومن طرقها العملية، العمل الجماعي وجودة توظيف الجهد الكلي للإرادة
الكلية للأمة مما يجعلها تتخلص من النزعة الفردية والطفرية الارتجالية، وورطة
المحسوبية والوقوع في الأغراض الشخصية ونبذ الاتكالية. لقوله تعالى:
[وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى، وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ] ، ولقوله تعالى:
[وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ
هُمُ المُفْلِحُونَ] ، ولقوله تعالى: [يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ
النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ] ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله،
ولأئمة المسلمين وعامتهم» ، وقوله عليه الصلاة والسلام: «اعقلها ثم توكل» .
6 - ومن مهامها: تشجيع روح المبادرة وتوظيف الذكاء والعبقرية وجميع
الإرادات الخيرة في البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والحضاري.
7 - ومن خصائصها الإنقاذ الرسالي التاريخي الحضاري الشامل أسوة
برسول الله -صلى الله عليه وسلم- منقذ البشرية، لقوله تعالى: [وَكُنتُمْ عَلَى
شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا] .
ولتحقيق ذلك تحدد الجبهة خطتها في مشروع شامل مختصر مركز (البرنامج
السياسي) في محاور تضعها الجبهة الإسلامية للإنقاذ بين يدي الأمة ليتم أمر التغيير
الشامل في نطاق الحل الإسلامي.