دراسات تربوية
سامي بن عبد العزيز الماجد [*]
sami_rla@hotmail.com
المال زينةُ الحياة الدنيا، قد فُطِرَ الإنسانُ على حُبِّه؛ فهو منهومٌ في طلبه،
مطبوعٌ على الضنِّ به، كنودٌ لربِّه؛ تلك طبيعة الإنسان يُجلِّيها لنا القرآن:
[وَتُحِبُّونَ المَالَ حُباًّ جَماًّ] (الفجر: 20) ، [إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ
عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخَيْرِ لَشَدِيدٌ] (العاديات: 6-8) ، [قُل لَّوْ أَنتُمْ
تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإِنسَانُ قَتُوراً]
(الإسراء: 100) .
وما على الإنسان أنْ يحبَّ المالَ وقد فطره على ذلك ربُّه؟! وما عليه أن
يحب المال وقد جعله الله قِواماً للمعاش لا تصلح بدونه الحياة؟! بل وما عليه أن
يطلبَه من حِلِّه، ويسعى إلى كسبه، وقد أذن له بذلك ربُّه، فقال سبحانه: [فَإِذَا
قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ] (الجمعة: 10) ،
[هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ]
(الملك: 15) ؟!
إنَّ الإسلامَ لم يأتِ لينتزعَ من صدور الناس هذه الفطرةَ التي فطرهم اللهُ عليها،
ولم يُرِدْهم على الانسلاخِ منها وانتباذِها؛ فليس الشرُّ ولا الإثمُ في طلبِ المال
نفسه، ولا في حُبِّه، وليس هذا ما يخافه الإسلام على المسلم أو ينقمُه عليه.
إنما الذي يخافُه الإسلام على المسلم: أن يتعبَّده المالُ حتى يعتلقَ حُبُّه قلبَه
اعتلاقاً يجعله مَهووساً في جمعه، ويختلبَ حواسَّه وفكرَه، فيتركَه مجذوباً لا
تستهويه إلاّ بوارقُ الثراء وعدُّ الأرصدة والأموال، حتى يصبح لصيقاً بالرَّغام،
عبداً للدرهم والدينار؛ فالمالُ قصدُه أينما توجَّه، وغايتُه كلَّما تسبب، لا ينافس إلا
عليه، ولا يهتدي إلا إليه. لا يبالي من أين أخذه، ولا كيف أنفقه، فمَطْعمُه حرامٌ،
ومشْرَبُه حرامٌ، وملبسُه حرامٌ، وغُذِّي بالحرام؛ فهذا هو مَن عناه صلى الله عليه
وسلم بدعوته المستجابةِ: «تَعِسَ عبدُ الدينار، تعسَ عبدُ الدرهم، تعس وانتكس،
وإذا شيك فلا انْتَقَش» [1] . وما أتعسه المالُ، ولكنْ حرصُه الشديدُ أتعسه، وغلوُّه
في حُبِّه أهلكه.
إنَّ المالَ نعمةٌ لا تعدو أن تكونَ كسائر النِّعَم، هي محلٌّ للخير كما قد تكون
محلاً للشرِّ، فإنْ يكن أحدٌ قد فسد بماله، فلقد شقي غيرُه بعقله. وإن يكن قد بطر
بالمال أقوامٌ؛ فلقد بطر بالعافية والفراغِ آخرون. وكُل نعمة: الشاكرُ لها قليل،
والكافرُ بها كثير.
ولذا؛ فليعلم الفقيرُ المعدمُ أنَّ ما يعانيه من الإملاق وقِلَّة ذات اليد حالٌ لا
يرضاها له الإسلامُ وإنْ أمرَه بالصبر عليها، فضلاً أنْ يحبِّب إليه حياةَ العَيْلَةِ أو
يدعوَه إليها. وكيف يُظن بالإسلام هذا ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم كان يداوم
الاستعاذةَ من الفقر، ويأمرُ بمدافعة الفاقةِ والعِوزِ كلَّ سبيل، فقال في وصيته
الشهيرة: «إنك أنْ تذرَ ورثتَك أغنياءَ خيرٌ من أن تذرْهم عالةً يتكففون الناس»
[2] ، وهو الذي دعانا إلى الخروج من رِبقة الفقر والتحرُّرِ من ذِلَّة الحاجة والمسألة،
فقال: «اليدُ العليا خيرٌ من اليد السفلى» [3] .
وليعلم كذلك الغنيُّ الواجد أنَّ الغِنَى الذي ينعمه وسعةَ المال التي أُوتيها؛
ليست منزلةً يستكثرُها عليه الإسلام فيمقته عليها، أو يدعوه أن ينسلخَ منها، أو
ينخلعَ من ماله وقد كسبه من حِلِّه، كيف وقد قال صلى الله عليه وسلم: «إنِّ هذا
المالَ خضِرةٌ حلوةٌ؛ فمن أخذه بحقِّه ووضعه في حقِّه؛ فنِعمَ المعونةُ هو، ومن أخذه
بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع» [4] ، وقال صلى الله عليه وسلم: «نِعمَ
المالُ الصالح للرجل الصالح» [5] .
أمَا إن الإسلامُ لا يَذُمُّ الغِنَى، ولكنَّه يذمُ السَّرَفَ والتَّرَفَ فيه، وهو - كذلك -
لا يُثني على فقيرٍ بفقره، ولكنَّه يُثني على حُسنِ ظنِّه وصبره.
فإذن ليس يلحق الغِنى ذمٌّ كما لا يلحق الفقرَ ثناء، وإنما العبرةُ بثباتِ الإنسان
وتقواه وأخذِه في كلِّ حال بما يناسبها، فَلَغَنيٌّ متعفِّفٌ شاكرٌ خيرٌ من فقير حسودٍ
ساخط؛ يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله، ويتسخط قضاءَ الله وقدرَه،
وَلَفَقيرٌ صَابرٌ خيرٌ مِنْ غنيٍ جَاحدٍ: لا يرى لله عليه فَضْلاً، ولا يَرفعُ إليه شُكْراً.
فإن تساءل أحدٌ: فأين الأحاديث في ذم المال، كقوله صلى الله عليه وسلم:
«ما ذئبان جائعان أُرسلا على غنم، بأفسد لهما من حرص المرء على المال
والشرف؛ لدينه» [6] ، ونحو ذلك من الأحاديث؟
فإننا نجيب عن ذلك بما أجاب به الإمام الحافظُ ابنُ عبد البر؛ إذ قال:
«وجهُ ذلك كلِّه عند أهلِ العلم والفهم في المال المكتسب من الوجوه التي حرَّمها
الله ولم يُبِحْها، وفي كلِّ مالٍ لم يُطِعِ الله جامعُه في كسبه، وعصى ربه من
أجله وبسببه، واستعان به على معصية الله وغضبه، ولم يؤد حقَّ الله وفرائضَه
فيه ومنه؛ فذلك هو المال المذموم والمكسب المشؤوم. وأمّا إذا كان المال مكتسباً
من وجهٍ مباح، وتأدّت منه حقوقُه، وتُقرِّبَ فيه إلى الله بالإنفاق في سبيله
ومرضاته؛ فذلك المالُ محمودٌ، ممدوحٌ كاسبُه ومنفقُه، لا خلاف في ذلك بين
العلماء، ولا يخالف فيه إلاّ مَنْ جهل أمرَ الله» اهـ.
فإن قيل: لو كان في الغِنى خيرٌ لاختار له الله أفضلَ عبادِه رسولَه صلى الله
عليه وسلم، ولكنه عاش فقيراً مسكيناً. قلنا: أمّا هذا فوَهْمٌ؛ فلم يعش صلى الله
عليه وسلم فقيراً ولا مسكيناً بالمعنى الذي يفهمه الناس للمسكنة؛ مِن الحاجة إلى
الناس وهوانِ النفس، بل كان عائلاً في أول حياته فأغناه الله، ومنَّ عليه بذلك فقال:
[وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى] (الضحى: 8) ، وجمع الله له بين مقامَيِ الصبرِ
والشكر، وكيف يصحُّ هذا الزعم، وهو الذي كان يعطي عطاءَ مَن لا يخشى الفقر،
ويثيب على الهدية بخيرٍ منها، وأنَّى يكون له الفقرُ وهو الذي كان يستعيذ بالله
منه. وأمّا أنه لم يكن من أصحاب الثراء؛ فنعم! ولكن لله في ذلك الحكمةُ البالغة؛
فإنّه سبحانه لم يختر نبيّه صلى الله عليه وسلم صاحبَ ثراء، بل ولا زعيمَ قبيلة،
ولا رئيسَ عشيرة، ولا صاحبَ جاه؛ كيلا تلتبس قيمةٌ واحدة من قيم هذه الأرض
بهذه الدعوة الربانية النازلة من السماء، ولكي لا تزدان هذه الدعوة بزينة من حلي
الأرض ليست من حقيقتها في شيء، ولكي لا يدخلها طامعٌ ولا يتنزَّه عنها متعفف.
وإننا حين نستجلي موقفَ الإسلام من المال، وحين نستبينُ منزلةَ الغِنى
والفقر فيه؛ فليس خوفاً على الأغنياء أن ينخلعوا من أموالهم ويتخفّفوا من ثرواتهم،
ولا خشيةً على الفقراء أنْ يستمسكوا بغَرْزِ الفقرِ لا يبغون عنه حولاً؛ فما على
الناس من خوفٍ في هذا الباب أبداً، وإنما الخوف عليهم من ضدِّه، ولكننا نستذكر
ذلك لقصدين:
أمّا الأول: فهو تبرئة الإسلام مما أُلصق به، أو ظُنَّ أنه من شِرعته من
المزاعم الباطلة، ومن ضروب ذلك: توهُّمُ النُّفرة بين طلب المال والسعي للآخرة،
وتوهُّمُ التناقضِ بين الغنى والزهد، وظنُّ التلازم بين الثراء والفجور.
وكم يلد الجهلُ للإسلام من تُهمةٍ تتدثَّر بدثاره وتلبس لَبُوسَه وهو منها براء!
والجهل بأحكام الشريعة والفهمُ المغلوطُ لحِكَمِها يُري صاحبَه أنَّ كلَّ مشهدٍ في واقع
المسلمين هو ظلٌّ لشريعة الإسلام يُحسَبُ عليها، حتى أصبحتْ صورتُه باهتةً
شائهةً مُرقَّعة.
وأمَّا القصدُ الثاني: فهو رسالةٌ إلى كلِّ غنيٍ متعفِّفٍ طاهرِ اليد لم يكتسب مالَه
إلا من حِلِّه، رسالةٌ نُشعِره فيها وبها عظيمَ نعمةِ الله عليه؛ فقد فضّلَه وبَوّأَه منزلةً
حُرِمَها كثيرون، فعليه أنْ يَستتمَّ هذه النعمةَ بالشكر، ولا ينبغي له وهو في غمرة
النعيم ورغدِ العيش أنْ ينساها أو يتغافلَ عنها، وإلاَّ فإنّ نسيانَها أجدرُ أن يستجرَّه
إلى نكرانها، وإنْ تغافلَ عن شكرِها فذلك أوْلى به أن يزدريَها. ثم ليذكر نعمةً
أُخرى هي من تمام هذه النعمةِ وكمالها، ليذكر نعمةَ الله عليه إذ وفَّقه للرزق الحلال
يستطيب به مطعَمه، فكثَّرَه الله له، وبارَكَ له فيه، وحماه بفضله ورحمته أنْ
يستهويَه كسبٌ خبيثٌ، فلم ينهزم لإغرائه كما انهزمتْ أمامَه القلوبُ المنخوبةُ التي
وَثِقتْ في الدنيا أكثرَ من الآخرة، فاستأكلت من هذا المالِ الخبيث، ونمَّتْ ثراءَه به
ونبتَ لحمُها من سُحتِه، فليس شيءٌ أوْلى بها بعد ذلك إلاَّ النار، كما قال صلى
الله عليه وسلم: «كلُّ لحم نبت من سُحتٍ فالنار أوْلى به» [7] ؛ فهذا بابٌ عظيمٌ
مُشرعٌ إلى النار، ولكنَّ الله تعالى نجَّاه منه، ولولا فضلُ الله عليه ورحمتُه لتكبكبَ
فيها مع الهالكين.
غير أنَّ شكرَ هذه النعمةِ الواجب لا تقوم به تمتمةُ اللسان بكلمات الحمد
والشكر، وإنما يقوم بشكرِها حقَّاً عملُه فيها وبها؛ بأن يتقيَ اللهَ في إنفاق ماله كما
كان يتقيه في كسبه، فيؤدي حقَّ الله فيه بلا مَنٍّ ولا أذى، ويبذلُه في مرضاته لا
يؤودُه عن ذلك شحٌّ ولا بخل، ولا يضعُه في حرامٍ، ولا يُفضي به إلى تَرَفٍ ولا
سَرَف، ولا ينحرفُ به عن الغاية.
إنَّ من أخطر الوساوس وأخبثِ الحيل التي يتسلل بها الشيطان إلى قلب الغني
ليثنيه عن الخير، ويعطفه عن التسبب إلى الصلاح أنْ يقذفَ في رُوعه: أنَّ هذا
الثراءَ العريضَ الذي يملكه قد باعد بينه وبين الزهد والتعبد، وقارَب بينه وبين
الغفلة والإخلاد إلى الأرض، فتستحيل هذه الوساوس عُقَداً في نفسه، تمُدُّ له في
الغفلة، وكأنها حالٌ طبيعية لازمةٌ لكل غنيٍّ مثلِه، وتُضلُّه عن كثيرٍ من أبواب
الخير؛ فلا يرى منها إلا ما لا يناسب حالَه لكثرة شواغله كنوافل الصلاة والصيام،
فيستسلم لخدْرِ هذه الوساوس، ويفرِّط في استعمال جاهه وثرائه في مرضاة الله.
ودفعاً لهذه الوساوس؛ فليعلم الغنيُّ أنّ الزهدَ الذي يدعو إليه الإسلام لا ينافي
حالةَ الغنى، ولا يختصُّ بحالة الفقر والمسكنة، بل إنَّ زهدَ الغَنيِّ أصدقُ وأكملُ من
زهد الفقير؛ لأنَّ زهدَ الغني عن قدرةٍ واختيار، وزهدَ الفقير عن عجزٍ واضطرار،
وبينهما فرقٌ بعيدٌ.
وحقيقةُ الزهد فراغُ القلب من الدنيا لا فراغ اليدين منها، ولذا فكم من غنيٍّ
هو في ثرائه أزهدَ من الفقير في فقره؛ لأنه ملك المال ولم يملكه المال، فزهِدَ في
شهواتِ الدنيا وهو قادر عليها، وابتغى فيما آتاه الله الدارَ الآخرة وفي يديه ما أغرى
أمثالَه عنها.
والزهد يتأتَّى للغني ولو كان له مالُ قارون؛ لأن الإسلامَ يزهِّدُه في الدنيا بقدر
ما يمنعه من إيثارها على الآخرة.
إنَّ الزهدَ لا يمنع الغنيَّ أنْ يُريَ ربَّه أثرَ نعمتِه عليه، ولا أن يحدِّث بها،
إنما يمنعه الترفَ والسرفَ، وما تولَّد منهما من المخيلةِ والكِبر، والبغيِ والفخر،
وهذه المعاني هي أشدُّ ما يُناقض الزهدَ ويُناهضه.
وأمَّا المسكنةَ التي يحبها اللهُ من عبده فليست هي مسكنةَ الفقر، ولكنَّها انكسارُ
القلب وذلُّه وخشوعُه وتواضعُه لله، وهذه المسكنةُ لا تنافي الغنى، ولا يُشترط لها
الفقر.
ولو استشعر الغَنيُّ أنه في منزلةٍ هي من أوسعِ المنازل وأقربِها لوجوه الخير
كُلِّها أو أكثرِها لأَعْظَمَ تفريطَه في اغتنامها، وَلَتحسَّر على تضييعها وهي قريبة بين
يديه؛ فإنَّ أمامه من أبوابِ الخير والبر والإحسان ونصرةِ الإسلام ما لا يغنى أحدٌ
فيها غَناءه، ولا يبلي أحدٌ فيها بلاءَه، فإنَّ بلاءَه فيها يغني غَنَاءَ الآلاف ممن
يعيشون حياة الكفاف، ولو وَلَجَها لسبق بالأجر أولئك المنقطعين للعبادة الذين كان
يحسَبُ أنّهم سابقون بالأجر لا يُدركهم أحدٌ، فضلاً أن يسبقهم؛ فهل يسعه وهو يرى
سِعةَ طرقِ الأجر بين يديه أنْ يفرِّطَ فيها أو يزدريَها؟!
أتى فقراءُ المهاجرين رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: ذهب أهلُ
الدثور من الأموال بالدرجات العُلا والنعيمِ المقيم؛ يصلون كما نصلي، ويصومون
كما نصوم، ولهم فضل من أموال يحجُّون بها ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون.
فقال صلى الله عليه وسلم: «أفلا أعلِّمكم شيئاً تُدركون به مَن سبقكم، وتسبقون به
من بَعدَكم، ولا يكون أحدٌ أفضلَ منكم إلا مَن صنع مِثلَ ما صنعتم؟» قالوا: بلى
يا رسول الله! فقال: «تُسبِّحون وتكبرون وتُحمِّدون دُبُرَ كلِّ صلاةٍ ثلاثاً وثلاثين
مرة» ، فرجع فقراءُ المهاجرين إليه صلى الله عليه وسلم، فقالوا: سمع إخوانُنا
أهلُ الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله! فقال صلى الله عليه وسلم: « [ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ
يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء] (الجمعة: 4) » [8] .
وأخيراً: فإننا نُذكِّرُ الغنيَّ الثري أنّ المالَ هو مالُ الله جل جلاله يضعه حيث
يشاء سبحانه، وإنما هو مستخلَفٌ فيه، عمَّا قليلٍ سيؤديه، كما قال سبحانه:
[وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ] (النور: 33) ، [وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم
مُّسْتَخْلَفِينَ فِيه] (الحديد: 7) .
ولعل الغني حين يتذكَّر هذه الحقيقةَ أنْ تخِفَّ يدُه للإنفاق، ويذهبَ عنه التردد
في البذل حين يسمع داعي الله، بل ولعل أنْ تهونَ له مجاهدةُ الشحِ والبخلِ والمن
والأذى؛ فالفضل لله أولاً وآخراً.